من الفنجان إلى المندل.. هكذا ينصب العرّافون على المهووسين بعلم الغيب
على مر السنين كان شغف العالم بمعرفة ما يحمله المستقبل، هو المسيطر على عقولهم، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أن البابليون هم من اشتهروا بعلم التنجيم أكثر من غيرهم قديما.
قديما كان الاهتمام بالتنجيم أساسه إطالة العمر، خصوصًا عند الشعوب التي لم تؤمن بالحياة بعد الموت، أما في وقتنا الحالي فالأهداف مختلفة كليةً، حتى وصلت عند البعض غلى الهوس بما يحمله المستقبل، لذلك ظهرت الحشود التي تتغذى على اليأس من أجل جمع الثروات الطائلة.. في السطور التالية نرصد أبرز طرق التنجيم انتشارا في عالمنا العربي.
قراءة الفنجان
تعرف باسم «التاسيوغرافي» ولها جذورها القديمة في الفن الصيني؛ حيث كانت تتم قراءة أوراق الشاي، ثم لاحقًا انتقلت إلى تركيا واستُبدِلت بالشاي القهوة المطحونة، ثم وصلت إلى الهند.
الطريقة
بعد تناول فنجان القهوة يتم قلبه حتى يجف قليلاً، والآثار التي تشكلها القهوة يتم تفسيرها، وهي عادة تتحدث عما يعاني منه الشخص، وقد تتنبأ بالمستقبل.
لكل رمز معناه، وعادة تتم قراءة الفنجان باتجاه عقارب الساعة، الخطوط المستقيمة مثلاً تشير إلى راحة البال وقد تدل على سفر.
تفسيرات
يقال إن الفنجان الذي لا يجف بسرعة يعني أن صاحبه أمام مرحلة حزن، وطبعًا الخاتم للزواج، والقلب للحب، وهناك دائمًا أشكال الحيوانات التي لكل واحد منها معنى خاص، لكن كما هي حال أي شخص يتعاطى هذه الأمور، فإن التفسيرات عادة تكون عامة وفضفاضة ومبنية على ردود الفعل في حال لم تكن هناك معرفة مسبقة بين قارئ الفنجان والمعني بالأمر.
المنجمون
حققوا ثروات لا حدود لها؛ يظهرون على شاشات التلفزيون ويقومون بتوقعاتهم لكل الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، أما التوقعات الشخصية فتتم بعيدًا عن عدسات الكاميرا.
هم يدعون أنهم لا يستخدمون أيًّا من الوسائل المعروفة كقراءة الكف أو ورق التاروت أو علم الأرقام، أو حتى الاستعانة بالجن، بل يتمتعون بموهبة خارقة تُظهِر لهم ما سيحدث على شكل رؤى ذهنية، أو أنهم تمكنهم معرفة معلومات عن أي شخص أو مستقبله من خلال سماع صوته أو رؤية صورته.
هذه التقنية تعرف بالقراءة الباردة، وهي سلسلة من التقنيات يلجأون إليها لاستنتاج معلومات عن الأشخاص يقنعونهم من خلالها بأنهم يعرفون عنه أكثر مما يعرف عن نفسه.
محترفون في قراءة لغة الجسد لا أكثر يطرحون النظريات حول الأمور البديهية ويرصدون ردود الفعل، وحين تصيب التخمينات يتخلى المعني عن حذره ما يجعله كتابًا مفتوحًا. الأمر هذا يتطلب خبرة كبيرة من دون شك.
هناك أكثر من ٢٠ أسلوبًا للقراءة الباردة أهمها يدعى التصويب، وهو الأسلوب المعتمد حين يخرجون علينا بتوقعاتهم لما سيحدث في العالم.. أي معلومات عامة فضفاضة يتم قولها بشكل بطيء، وأحيانًا يتم دمجها مع تقنية القوس قزح التي هي اعتماد أسلوب كلام يجعله يتضمن كل الاحتمالات في جملة واحدة، وعادة تكون مبهمة وغير واضحة.
اسم أمك
هؤلاء يطلبون اسم الشخص واسم أمه لمعرفة مستقبله، هم في الواقع يستخدمون علم الأرقام، أو ما يعرف بعلم الأوفاق، وهو علم قديم جدًّا، وهناك عشرات الكتب التي شرحت كيفية القيام به لعل أشهرها «شمس المعارف الكبرى» لأحمد البوني.
ما يصار إلى فعله هو أنه يتم حساب الجمل وفق آلية معينة، ثم يتم إدخال الرقم الذي يمثل اسم الشخص مع أرقام أسماء أخرى مقدسة بشكل عام، أو حتى رقم آية قرآنية لها مقصد معين، ولها خدامها من الجن -كما يزعمون.
بعد عمليات الجمع والطرح والقسمة يحصلون على النتيجة النهائية، ويتم إدخالها ضمن أشكال سحرية هندسية مثل المربعات والنجوم والمضلعات، ثم تترجم الأرقام.
الجن والمستقبل
لكل إنسان قرين من الجن، وقد تم ذكر ذلك في القرآن الكريم، لكن علماء الدين يؤكدون أن القرين هذا لا يمكنه التنبؤ بالمستقبل، كما يؤكدون أن القرآن الكريم يوضح أن الجن لا يعلمون الغيب وأنهم تمكنهم معرفة حادثة ما أو سرٍّ ما من خلال السؤال عنه لآخر شهد الحادثة، فهم يعلمون الغيب النسبي، أما الغيب المطلق فلا يعلمه إلا الله تعالى.
هناك نظريات عديدة حول كيفية قيام السحرة باستغلال القرين، إذ يُعتقد أن الساحر يحصل على المعلومات منه بعد أن يسيطر عليه بعد التحالف مع أحد الشياطين، لكن بما إنه من المواضيع الواسعة جدًّا والمعلومات المرتبطة بها لا تعد ولا تحصى يكفي أن نقول إنه وفق علماء الدين لا يجوز لأحد أن يدعي علم الغيب، ومن ادعاه فقد كفر، ولا يجوز أن يُعتقد أن أحدًا يعلم الغيب، ومن اعتقد ذلك فقد كفر.
فتح المندل
هو نوع من جلسات تحضير الأرواح يتم اللجوء إليها في حالات السرقة أو القتل لمعرفة مكان الأغراض المفقودة أو المجرم. يتم استخدام طفل يتراوح عمره بين التاسعة والثانية عشرة، يكتب فاتح المندل عزيمة خاصة على جبهة الصبي، ثم يأمره بأن يخبره بما شاهد، فإذا شاهد ملوك الجن يسألهم الصبي عن الشيء المفقود أو السر الذي يريدون معرفته. ثم يقوم بتلاوة عزيمة أخرى يعيد الصبي إلى حالته الأولى. يستخدم فيها فنجانًا من الخزف يُملأ بالزيت والحبر حيث يخبر الصبي بما يراه فيه من رؤى أو يقوم الجني بالإجابة عبر الصبي.