4 سنوات من الهروب.. 37 محطة للعائلة المقدسة على أرض الكنانة
العائلة المقدسة، مصطلح ديني تاريخي تم الاتفاق على أنه يتكون من المسيح وهو طفل، وأمه السيدة مريم العذراء، ويوسف النجار الذي ظلّ وفيًّا لها من بني إسرائيل بعد زكريا. وصاحب يوسف النجار المسيحَ وأُمَّه العذراء في رحلة الهرب من الطغاة الذين حاولوا قتل المسيح، عليه السلام، وهو طفل، إذ هربت به أمه السيدة العذراء، ويوسف النجار إلى مصر.
ويقول القمص صليب جمال كاهن كنيسة الشهيد أبي سيفين الأثرية بمصر القديمة نائب رئيس لجنة مسار العائلة المقدسة، إن مدة رحلة العائلة المقدسة بلغت ثلاث سنوات وعشرة أشهر، موضحًا أن سبب تنقلهم الكثير في كل هذه المدن والقرى أنهم كلما دخلوا مدينة تتحطم كل الأوثان فيها، وعندما يعلم أهل هذه المدينة أن السبب في تحطُّم الأوثان هو دخول عائلة غريبة إلى هذه المدينة، يطردونهم من مدينتهم.
وأضاف جمال أن هيرودس كان يرسل جنوده للبحث عن هذه العائلة المقدسة، ليهلك الطفل يسوع. والعائلة مكونة من الطفل يسوع المسيح وأمه القديسة العذراء مريم، وخطيبها القديس يوسف النجار، وسالومي ابنة خالة القديسة العذراء مريم، وهربوا من بيت لحم اليهودي من وجه هيرودس الملك الذي كان يطلب الطفل "المسيح"، ليقتله.
خطوات الرحلة المقدسة
وأشار نائب رئيس لجنة مسار العائلة المقدسة إلى أن رحلة قدوم العائلة المقدسة مرت بخمس مراحل، تخللتها 29 محطة في العديد من المدن والأماكن التي مرت بها العائلة، وأقامت بها، وهي مدونة وثابتة تاريخيًّا، بعضها ما زال شواهده باقية، والبعض الآخر اندثرت علاماته، لكنه محدد ومعروف وثابت، وهي:
المرحلة الأولى: عبر شمال سيناء
1. رفح.
2. الشيخ زويد.
٣- العريش.
٤- الفلوسيات "أوستراسين"، حاليًّا مدينة "الورادة".
٥- القلس.
٦- المحمدية.
٧- الفرما.
المرحلة الثانية: عبر الدلتا
٨- تلبسطا.
٩- بلبيس.
١٠- منية سمنود ودقادوس.
١١- سمنود.
١٢- البرلس.
١٣- سخا.
المرحلة الثالثة: عبر وادي النطرون
١٤- وادي النطرون "برية شيهيت".
المرحلة الرابعة: عبر القاهرة الكبرى
١٥- منطقة المطرية وعين شمس.
١٦- وسط القاهرة "العذراء حارة زويلة".
١٧- مصر القديمة "كنيسة المغارة أبي سرجة ومجمع كنائس مصر القديمة".
١٨- المعادي.
المرحلة الخامسة: عبر الوجه القبلي وصعيد مصر
١٩- البهنسا ودير الجرنوس "مغاغة".
٢٠- جبل الطير"شرق سمالوط".
٢١- الأشمونيين.
٢٢- ديروط أم نخلة.
٢٣- دير أبو حنس.
٢٤- بير السحابة في أنصنا.
٢٥- كوم ماريا.
٢٦- ديروط الشريف "أسيوط".
٢٧- القوصية "بلدة قسقام".
٢٨- مير.
٢٩- جبل قسقام.
وتابع عضو لجنة مسار العائلة المقدسة، بأن طريق عودة العائلة المقدسة إلى فلسطين مرة أخرى بعد قضاء ما يقرب من أربع سنوات في مصر، اتخذ مسارًا آخر مختلفًا عن طريق القدوم، عبر مرحلتين تخللتهما 8 محطات أخرى، مرورًا بمدن ومناطق مصرية أخرى، وهي:
طريق العودة
المرحلةالأولى: عبر جبل أسيوط الغربي
١- دير العذراء بدرنكة.
٢- الجنادلة.
المرحلة الثانية: من أسيوط إلى فلسطين
٣- منف.
٤- المعادي.
٥- مصرالقديمة وكنيسة المغارة، أبي سرجة ومجمع كنائس مصر القديمة.
٦- المطرية.
٧- مسطرد.
٨- ثم واصلت نفس الطريق عبر قناة النيل "بلوزيوم"وحتى فلسطين.
تفاصيل الرحلة المقدسة
بدأت رحلة العائلة المقدسة من بيت لحم إلى غزة حتى محمية الزرانيق غرب العريش، ثم دخلت مصر عن طريق صحراء سيناء من الناحية الشمالية من جهة الفرما الواقعة بين مدينتي العريش وبورسعيد، وتوجهت إلى مدينة تل بسطا بالقرب من مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، وعندما وجدوها مليئة بالأوثان توجهت العائلة المقدسة إلى الجنوب حتى وصلت إلى مسطرد، ومنها انتقلت شمالًا إلى بلبيس.
وعبرت العائلة المقدسة نهر النيل متوجهة إلى سمنود، واستقبلهم أهلها استقبالًا حسنًا، ويمكن لزائرهذه المدينة الراغب في اقتفاء أثر العائلة المقدسة أن يشاهد فيها "ماجورًا كبيرًا" مصنوعًا من الجرانيت، يقال إن السيدة العذراء استخدمته في صنع العجين في أثناء وجودها، وبئر مياه يقال إن المسيح، عليه السلام، شرب منه.
وجاءت المحطة التالية عندما رحلت العائلة المقدسة شمالًا إلى منطقة البرلس (محافظة كفر الشيخ حاليًّا)، ثم إلى وادي النطرون، ومنه توجهت ناحية مدينة القاهرة وعبرت نهر النيل إلى الناحية الشرقية، متجهة صوب المطرية وعين شمس، وكانت حينئذ يسكنها عدد كبير من اليهود، وكان لهم معبد يسمى "ونياس".
ومن منطقة المطرية وعين شمس سارت العائلة المقدسة متجهة إلى منطقة الزيتون، ثم إلى مصر القديمة التي تعتبر أهم المناطق والمحطات التي حلت بها العائلة المقدسة في رحلتها إلى أرض مصر، ويوجد بها العديد من الكنائس والأديرة، وتباركت هذه المنطقة بنزول العائلة المقدسة بها، ثم توجهت عقب ذلك إلى منطقة المعادي، وأقلعت على ظهر مركب شراعي بالنيل، متجهة نحو الصعيد، وصولًا إلى بهنسا.
وانتقلت العائلة المقدسة في مسار رحلتها بمصر بعد ذلك من بهنسا إلى ناحية الجنوب حتى سمالوط، ومنها عبرت النيل ناحية الشرق، حيث يقع الآن دير السيدة العذراء بجبل الطير، واستقرت هناك بالمغارة الموجودة بالكنيسة الأثرية، ثم عبرت النيل من الناحية الشرقية إلى الناحية الغربية، متجهة نحو الأشمونيين.
وفي محطة تالية توجهت العائلة المقدسة نحو مير، ثم إلى جب لقسقام، حيث يوجد الآن دير المحرق، ومنطقته التي تعد أهم المحطات التي استقرت بها حتى سمى المكان بـ"بيت لحم الثاني"، ومكثت فيه نحو 190 يومًا، وفي هذا الدير جاءت البشارة ليوسف النجار في المنام "قم وخذ الصبي وأمه واذهب أرض فلسطين، لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي".
طريق العودة
وحرصت العائلة المقدسة فى طريق العودة على اتخاذ طريق آخر، انحرف بهم إلى الجنوب قليلًا حتى جبل أسيوط المعروف بجبل درنكة، ثم وصلوا إلى مصر القديمة، ثم المطرية فالمحمة، ومنها إلى سيناء ثم إلى فلسطين، وبهذا انتهت رحلة المعاناة التي استمرت نحو أربع سنوات ذهابًا وإيابًا قطعوا فيها هذه المسافات سيرًا على الأقدام، أو في المراكب الشراعية أحيانًا أخرى في النيل، متحملين عناء التعب في قيظ الصيف وبرد الشتاء القارس، وهول المطاردة في كل مكان من هيرودس وجنوده.