رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


وحش الشاشة بلا أنياب.. هدى سلطان تكتب لـ«الكواكب» عن فريد شوقي

15-8-2023 | 19:41


هدى سلطان و فريد شوقي

عبدالرحمن عبيد

تحل علينا اليوم 15 أغسطس ذكرى ميلاد الفنانة الراحلة هدى سلطان، والتي قدمت الكثير من الأعمال السينمائية والتلفزيونية طَوال مسيرتها الفنية، أشهرها: "ست الحسن، نساء محرمات، امرأة في الطريق، جعلوني مجرمًا"، ويعد فيلم رصيف نمرة خمسة، من أبرز أعمالها، ذلك لغنائها أغنيتها الشهيرة التي تقول فيها: "من بحري وبنحبوه ع القمة بنستنوه"، وهي الأخت الصغرى للمطرب محمد فوزي والذي كان له الفضل في دخولها عالم الفن سنة 1950 بفيلم "ست الحُسن".

هدى سلطان و محمد فوزي

يعد زواجها الأبرز من الفنان فريد شوقي والذي انجبت منه ابنتها المنتجة السينمائية ناهد فريد شوقي، فزواجها منه، هو الزواج الرابع من أصل خمس زيجات، فشلوا جميعًا عدا زواجها الأخير من المخرج حسن عبدالسلام، الذي استمر حتى وفاتها في الـ5 من يونيو عام 2006 عن عمر ناهز 81 عامًا.

حسن عبدالسلام

وفي كلمة لها نشرت في مجلة "الكواكب" في الـ15 من فبراير عام 1955، وأعادت الكواكب نشرها مجددًا في العدد رقم 2426 الصادر في 9 ديسمبر عام 1997، تحدثت هدى سلطان عن زوجها الملقب بوحش الشاشة فريد، وقدمت صورة مغايرة وغير مألوفة عن فريد شوقي، وقد عنونت كلمتها بـ" وحش الشاشة بلا أنياب" كمقدمة لمضمون ما تريد أن تقول.

وترصد هدى سلطان هنا جوانب خفية، أو جوانب إنسانية من شخصية "ملك الترسو"، تدل على مدى امتلكه مشاعر مرهفة، وإحساسًا بمعاناة الآخرين.

 

وإلى نص المقال:

يتقن زوجي فريد شوقي تمثيل الأدوار الشريرة إتقانًا جعله نجمًا لامعًا من نجوم الشاشة، ويعرف القليلون أن "وحش الشاشة" يتمتع بقلب كبير يفيض رقةً وحنانًا وإنسانية، وقد يضحك القراء حين أقول إنه محظور على الطباخ أن يذبح فرخة داخل المنزل أثناء وجود فريد، لكن هذه هي الحقيقة.

ضحك بعد إيه!

حدث أن سافرنا منذ أعوام بالطائرة، إلى لبنان، وكانت هذه أول مرة يركب فيها فريد الطائرة، وقبل ركوب الطائرة راح يتلو بعض آيات القرآن الكريم، فلما حلقت الطائرة في الجو أصفر وجه فريد، وبدأ يمسك بطنه، فناديت المُضيفة التي أخذت تشجعه دون جدوى.. ولما لم تفلح في أن تعيد إليه هدوء أعصابه ذهبت إلى زميلتها وهمست في أذنها ببضع كلمات، وهمست زميلتها بدورها في أذن قائد الطائرة، فترك قائد الطائرة مكانه لمساعده، وجاء إلى فريد وجلس بجواره وأخذ يقص عليه بعض الفكاهات، وفريد يتلوى من آلام وهمية، ولم يهجأ فريد نفسًا إلا حين هبطت الطائرة في مطار بيروت، وحينئذ بدأ فريد يضحك من الفكاهات التي رواها له قائد الطائرة ونحن محلِّقون في أجواز الفضاء!

اوعى تقتله!

ونزلنا في أحد فنادق بيروت.. وفي المساء أطفأنا النور لننام، وبعد لحظات هبَّ فريد مذعورًا، وصرخ قائلً: "هدى.. هدى..  قومي يا هدى.. فيه حاجة وحشة في السرير!".

وأسرعتُ بإضاءة الحجرة وضغطت على الجرس فحضر الخادم، وأخذ يفتش الفراش معنا، حتى وجدنا "صرصارًا" يقفز، وهَمَّ الخادم بقتله، ولكن فريد صرخ فيه: "اوع تقتله هنا.. خده بره واعمل اللي أنت عايزة فيه.. أنا ما قدرش أشوف واحد يقتل واحد قدامي حتى لو كان المقتول صرصار..".

وتتابع: وذات مرةً، ذهبنا إلى ملهى استعراضي، وكان في برنامج الملهى "نمرة" عنيفة تقدمها فرقة من الأكروبات، وكان أحد أطفال الفرقة يقفز من ارتفاع ثلاثة أمتار لينزل على قدمي زميل له يكبُره بقليل، وأدى أفراد الفرقة هذه النمرة بنجاح كبير، وصفق لهم المتفرجون طويلًا، وبعد انتهاء النمرة لاحظتُ أن فريد يمسح دموعه، وكان يبكي لأن هذين الطفلين يعرضان حياتهما للخطر من أجل لقمة العيش.. وعبثًا حاولت أن أقنع فريد بأن هذه سنة الحياة، وأنهما في الواقع لا يتعرضان للخطر، فقد دربا على هذه النمرة تدريبًا طويلًا، مُتصلًا، ومع هذا ظلَّتْ الدموع تسيل من عينيه، وبعث في إحضار الطفلين ومنح كلًّا مِنهما هدية مالية تشجيعًا لهما، ورأفةً بهما..

ثم تكمل قائلةً: وذات مرةٍ، مرضت ابنتنا "ناهد" واستدعينا الطبيب الذي رأى أن يحقنها بالبنسلين، وما كادت الطفلة ترى الطبيب والحُقنة بيده حتى بكت، وفجأة وجدتُ فريد يبكي بجوارها، فأخذت أطَمئِنُ ناهد حتى كفت عن البكاء، أما فريد فلم يكفْ عنه إلا حين أخرَجْتُهُ من الحجرة!.

خرزة سعيدة

ويتفاءل فريد من خرزة زرقاء أُهْدِيَّتْ إليه من إحدى قريباته، وهو لا يُغادر المنزل إلا بعد أن يتأكد من وجود هذه "الخرزة" في جيبه، وقد حدث أن فُقِدَتْ هذه الخرزة ذات يوم وبحثنا عنها في جميع أنحاء البيت فلم نجدها فاعتذر فريد عن عدم الذهب إلى الأستوديو، ولم يغادرْ المنزل يومين كاملين، كُنا جميعًا مشغولين خلالهما بالبحث عن هذه الخرزة، فلما وجدناها استرد فريد هدوء نفسه، وغادر البيت إلى الأستوديو!