«الحرية والاستقلال وتحرير المرأة».. مقالة نادرة لـ سعد زغلول نشرتها «الهلال» في 1936م
تحل اليوم ذكرى وفاة زعيم الأمة والوطن وقائد ثورة 1919م، سعد باشا زغلول، الذي رحل عن عالما في مثل هذا اليوم 23 أغسطس 1927م، بعد رحلة طويلة من الكفاح والعطاء من أجل استقلال مصر وحرية شعبها.
كان سعد زغلول زعيمًا وطنيًا محبوبا من الشعب، مسلمًا ومسيحيًا، وأحد الزعماء المصريين الوطنيين في تاريخها حيث سخّر كل طاقته للدفاع عن استقلال مصر، ونال جراء ذلك النفي خارج البلاد، ونتيجة غيابه شهدت مصر اضطرابات أدت إلى قيام ثورة 1919م.
امتلك سعد زغلول فكرًا ثاقبا ومدارك فكرية واسعة، وثقافة هائلة، فإنه يعد تلميذًا للشيخ جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده، وصديقًا قريبًا لقاسم أمين، وآمن بأفكاره بخصوص قضية تحرير المرأة وأنها قضية لازمة وضرورية من أجل استقلال مصر.
مقال نادر لسعد زغلول 1936م
نشرت مجلة الهلال في عددها الصادر في 1 نوفمبر 1936م، مقالٍ نادر، يعد أعظم ما كتبه سعد زغلول؛ تناول من خلاله؛ تفسيرًا عميقًا عن فكرة الاستقلال، وتحدث عن العدالة وحق الوطن والأفراد وجوهر الاتحاد، وعن قيمة التعليم وضرورة وجود العِلم والعلماء، وناقش فكرة الحرية الفكرية وحرية الصحافة ودورها الثمين، وعن أهمية تحرير المرأة وأن بدونها لن يتحقق أي استقلال.
نص المقال:
*ليست فكرة الاستقلال جديدة في مصر، هي قديمة يتأجج في قلوب المصريين الشوق إلى تحقيقها كلما بدت بارقة أمل فيه، وتخبو تارة كلما استطاعت القوة أن تخمد أنفاس الحق.. ولقد كان الوقت الحاضر أنسب فرصة لتحقيق هذه الفكرة.
*أفتخر بأن أكون على رأس أمة شاغرة مفكرة، ذات آمال قوية في الاستقلال التام، وإني أعاهدكم عهدًا لا أحيد عنه إني أموت في السعي إلى استقلالكم، فإن فزت به فذاك، وإلا تركت لكم تتميم ما بدأت فيه.
*نحن نحب الحرية، ولكننا نحب أكثر منها أن تستعمل في موضعها.. كل أمر يقف في طريق حريتنا لا يصح أن نقبله مطلقًا، مهما كان مصدره عاليًا، ومهما كان الآمر به.. كل تقييد للحرية لابد أن يكون له مبرر من قواعد الحرية نفسها، وإلا كان ظلما.
*الصحافة حرة تقول في حدود القانون ما تشاء وتنتقد ما تريد، فليس من الرأي أن نسألها لم تنتقدنا، بل الواجب أن نسأل أنفسنا لم نفعل ما تنتقدنا عليه.
*ليست الأمة المصرية اليوم كالأمة المصرية فيما مضى، وإنما هي أمة اتحدت أفرادها وجماعاتها، اتحد مسلموها وقبطها على أن يمونوا يد واحدة، وأن يكونوا أحرارًا لا يطيعون إلا ضمائرهم.
*إني من أنصار تحرير المرأة، ومن المقتنعين به، لأنه بغير هذا التحرير لا نستطيع بلوغ غايتنا، ويقيني هذا ليس وليد اليوم، بل هو قديم العهد.
*إننا محتاجون إلى العلم والعلماء، ولكن لا خير في العالم إذا لم يكن وطنيًا يعمل لاستقلال بلاده، واعلموا أننا ما تقلدنا ذلك الشرف إلا لنقودكم إلى الاستقلال التام.