رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


ليس بالكلمات والشعارات وحدها تبنى الأمم

26-8-2023 | 12:50


د حسين علي,

الناس في بلادنا تطربهم الألفاظ المنمقة، وتستهويهم العبارات الرنانة، وتأسرهم الحكم والمواعظ والأقوال المأثورة؛ إلى حد أنهم في أحيان كثيرة يستعيضون عن الأفعال بالأقوال، إن إلقاء نظرة سريعة على صفحات التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) مثلاً، تبرهن على صحة ما ذهبنا إليه من رأي، إذ تجد رواد تلك المواقع حريصين على تبادل الأقوال المأثورة والأحاديث النبوية والآيات القرآنية على نحو شديد الكثافة، لا فرق في ذلك بين من هو حاصل على شهادة محو الأمية، والآخر الحاصل على أعلى الشهادات الجامعية كالدكتوراة وغيرها. 

لا يكتفي رواد مواقع التواصل الاجتماعي بتلقي الرسائل أو إرسالها، بل إن كل واحد منهم يحث الآخر على أن يكون فاعلاً للخير، ولا يدع الرسالة تقف عنده، بل يتوجب عليه أن يبعث بها إلى عشرة أشخاص من أصدقائه ومعارفه، وبخاصةٍ إذا كانت الرسالة ذات صبغة دينية. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يطالب المرسل بشئ شديد الغرابة، إذ يوصي المرسل إليه بأن يعيد الرسالة مرةً أخرى إليه برهانًا على المحبة والاعتزاز، إذ عادةً ما تُخْتَتم مثل هذه الرسائل بعبارة تقول: 

«لا تبقيها عندك، وأرسلها إلى من تحب من أصدقائك، حتى وإن كنت أنا واحد منهم». 

 

والأدهى من ذلك أن تجد، بين الحين والآخر على صفحات التواصل الاجتماعي حملات لجمع «مليار صلاة على النبي» ، وتُشْحَذ الهمم، وتتعالى الصيحات، ويتم تبادل النداءات، وتشعر وكأن تحرير القدس متوقف على إنجاز هذه المهمة. أو أن من سوف يشارك في نجاح هذه المهمة سوف يكون واحدًا من المبشرين بدخول الجنة. تجد العامل البسيط والأستاذ الجليل كلاهما يشارك بحماس في مثل هذه الحملات. 

 

وما نقوله هنا ليس إنكارًا لجدوى الصلاة على النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم)، وليست دعوة لأن يتخلى المسلم عن الصلاة على النبي، بل إن كل ما نطالب به هو عدم الاكتفاء بهذه الدعوات والاقتصار عليها.

إن الأجدى فيما نعتقد أن يحرص كل فرد من رواد شبكات التواصل الاجتماعي على تقديم ما لديه من خبرة أو علم، على نحو واضح وبسيط، أو يشارك برأي أو رؤية في قضايا المجتمع السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ويتبادل خبراته مع غيره من الأصدقاء. 

 

إن الأفعال أجدى من الأقوال، فلو أن الاكتفاء بالصلاة على النبي سببًا لنهوض الأمم، لما كانت الجيوش العربية خرجت في صدر الإسلام لمحاربة الفرس والروم والانتصار عليهم، ولكان المسلمون اكتفوا في ذلك الوقت بالاحتشاد في المساجد والساحات من أجل الصلاة على النبي، بدلاً من تجييش الجيوش، وتجهيز العدة والعتاد لتحقيق الفتوحات العظيمة التي حققوها.