القاهرة: 15 أكتوبر 1973
(رواية تنطلق من الواقع لكن جميع أحداثها وشخصياتها من وحي الخيال، فأي تشابه بين شخصياتها و احداثها مع شخصيات وأحداث من أرض الواقع هو نتاج الصدفة وغير مقصود،)
"الى حبيبة قلبي...الى الهام، اشتئتلك اوى انت و الأولاد، ما بتغيبوش عن بالي ولا لحظة و انا هنا في قلب الصحرا بسينا، و نحن بنحارب العدو...و بين اصوات الرصاص الحي و قذائف المدفعية الكثيفة صوتك الناعم بسمعوا من وئت لثاني...بسمعك و انت بتندهيلي...ارجعلنا سالم يا حبيبي...العيال اشتئولك...ما اطولش الغيبه علينا...من شويه اشتغلت اصوات مضادات الطيران على غارة اسرائيلية بس ما طولتش اكثير...نحن اجبرناهم يرجعوا تاني...حيتجننوا و يحطموا ثكناتنا العسكرية شرق القناة...القصف علينا جامد جدا...بس نحن مش حنتحرك من اماكنا...نحن بنرد عليهم جامد و مش خايفين...لو بتشوفي منظر خط بارليف و هو بدوب ادام خراطيم الميه بتعتنا زي ما التلج بدوب تحت الشمس...
امبارح و انا بوردية الحراسة بتعتي حسيت و كأني سمعت صوت الواد طارق بوداني و هو بئولك يا ماما عايز تشتريلي حلاوة طحينية...أوليلو خفف علشان وزنك يا طارق...و انا بس آجي حفسحوا فصحة جميلة جدا و حخدوا معايا السوء و حجبلو الي هو عايزو...و ناديه اخبارها ايه يا الهام؟...ما بتجيبيش سيرتها بجواباتك زي الأول، خليها تدرس مش تئعد تلعب مع العيال اول ما بتيجي من المدرسة؟ انا شيفها من دلوئتي و هي لبسه الثوب الأبيض و أعده بعيادتها بتداوي العيانين...البنت حيطلع منها حاجة اكويسه، انا عارف انها بت زكية بس خليها تدرس...و اوللها حجبلها حاجة حلوة معايا...انا فاكر انها طلبت مني اشترلها لعبه زي الي شافتها مع زينة بنت جملات جارتنا...حجبلها الي هي عايزاه بس انزل القاهرة...
و انت يا الهام..طمنيني، ردي عليا و ما طوليش بالرد، انا بئلئ عليكو و ما بتغيبوش عن بالي ولا لحظة حتى و الغارات شغاله هنا...اشتئتلك يا حببتي...اشتئت لحضنك الحلو يا الهام...اشتئت للمسة ايدك و هي بتصحيني من النوم و بتئولي أوم اشرب القهوة معايا الدنيا الصبح...اشتئتلك يا الهام و بوعدك بس ارجع ما فيش حاجة حتفرئنا عن بعض...الحرب هنا اربت تخلص و حسمنا نتيجتها خلاص...الكل بيئول مش حنطول كثير عالجبهة..ناظر ردك يا الهام...بحبك
احمد...حبيبك الى آخر يوم بعمري"
امسكت الهام الرسالة التي كانت تقرأ اسطرها بلوعة و مراراة و انهمرت الدموع من عينيها...صرخت من شدة الألم الذي شعرت به ؟ "ليه المره ديه وصلت رسالتك بعد دفنك يا احمد ليه؟!" ليه الزمن ضحك عليا و وصلتني كلماتك متأخره اوي...ليه...المره ديه مش حينفع اوديلك ردي مع زميلك من الجيش"..."
كفكفت دموعها بيديها و وضعت الرسالة التي وصلتها بالأمس مع بريد الجيش في حقيبتها، بكت بكاءا مرا و هي تنظر الى قبر زوجها الذي دفن منذ اسبوعين، كانت الساعة السابعة صباحا و كان هنالك هدوء كبير يخيم على المكان، فلم تسمع الا صوت بكائها وسط نسمات الصباح الدافئة و اشعة الشمس التي كانت تغيب لبضعة دقائق ثم تستطع من جديد وسط حركة السحب في جلد الرحمن...تراقص ضوء الشمس من حولها لعدة مرات ثم نظرت الى السماء و قالت "المره ديه حوديلك ردي مع بريد السما في جنة الرحمن...بحبك يا احمد و اشتئت لحضنك الحلو...اشتئتلك يا احمد كثير...رحت لفين و سبتيني مع هم العيال لحالي...دول بيشتئلولك كثير، ناديه جابت علامات عاليه جدا بالإمتحان و طارق بطل العند بتاعوا و خفف من اكل الحلاوة...كل حاجة انت عايزها صارت بس...اشتئتلك اوي"...
ركعت عند قبر زوجها و سقطت بضعة قطرات من دموعها على التراب امامها، امسكت التراب المبتل بيديها و اخذت منه حفنة و قالت بمرارة "دفعنا كلنا ثمن كبير اوي علشان سينا ترجعلينا، بس دموكو الغالي رجعها تاني...لولا تضحيتكو مصر ما صمدتش بالحرب ديه...تعرف حاجة يا احمد، انا احلفت قبل ما تفارئنا باسبوع اني مش حزعل لو جاني خبر استشهادك...و الله كنتِ راجعة من الصلاة بالجامع و اطلعت بالسما و الدموع بيعنيه و ألت للرحمن لو جاني خبر جوزي مش حزعل...بس القول حاجة و الواقع حاجة تانيه، الفُراءْ طلع مُرْ ابشكل...يا حبيبي انا كنت متجوزه ضابط أد الدنيا و كتب حبو لمصر بدمو و آلآمو... و صمودوا على جبهة الحرب رجًعْ لينا كرامة بلادنا...ولادك ابوهم راجل و حارب حتى الموت علشان بلدو...اد ايه وسام الأستشهاد حلو على صدر ولادك"...
نهضت من على القبر و سارت في طريقها نحو سيارتها التي كانت على مقربة منها، اكملت في ذاتها "بريد السما يا حبيبي سريع و اكيد جوابي وصلك بسرعة...حوعدك حكمل المشوار عنك و حَرَبي الولاد، و حطلع نادية دكتوره زي ما كنا بنحلم مع بعض...حَدَخَلْ طارق كلية الهندسة...انا هنا يا احمد و مش حسيب العيال و ما فيش حب تاني حيدخل حياتي بعدك...كنت سيد الرجاله بحياتي و مش حيعبي مطرحك حد تاني، سينا رجعت لنا تاني و مش بنبكي حزن على دم شهدائنا...الغالي يرخصلك يا مصر...بنبكي على ألم الفرقة بس...الله او اكبر على ألم فرائك يا حبيبي...
فجأة شعرت من حلاوة روح الأحزان التي مزقت قلبها برغبة بأن تطلق الزغاريط، فوقفت و نظرت الى قبره للمرة الآخيرة...و اطلقت الزغاريط فرحا بشهادته...امتلأ المكان من الزغاريط التي كانت وقودها الأحزان المريرة وسط المقبرة...كانت تعلم أنه غادر حياتها الى الأبد...كانت تعلم ان من يذهب في هذه الرحلة لا يعود الى عالمهم البشري من جديد...فقالت في ذاتها نم يا حبيبي...انت في قلبي الى آخر يوم بعمري...دمك و دم زملائك خنجر في قلب عدو كان يعتقد ان سينا حتهون علينا، ...
******************************
السيدة زينب – شقة الشهيد احمد عبدالناصر سنة صيف 1978
استيقظت الهام فجأة على صوت طربي جميل يصدح بالمدى البعيد لرجل، و كان يرافقه طبل كانت دقاته القوية تدوي كالرعد في سكون الليل في حارتها، لم تفهم في بادئ الأمر ماذا كان يقول فكان الأرهاق لا يزال يسيطر عليها، فكان نهارها بالأمس مُتْعِبْ جدا بسبب المعرض الذي نظمته الشركة التي تعمل بها، و لكن رويدا رويدا استعادت وعيها بالكامل للتتيقن انه مسحراتي الحارة، كان صوته لا يزال بعيدا فكان يدق الطبل لبضعة مرات ثم يتوقف ليغني بصوت عالٍ، و بالرغم من سكون الليل الذي كان يقطعه من حين لآخر وقع اقدام بعض من المارة في الخارج كانت كلمات ما يغني تضيع وسط المسافات التي تفصل بينه و بين عمارتها، كانت تفهم مسبقا كلماته الذي يوقظ بها اهل الحي حيث تسكن، فجأة اقترب من عمارتها اكثر و اصبح صوت الطبل مرتفعا لدرجة انها شعرت و كأنه يعزف داخل شقتها، اصبح كلامه مفهوم بعد برهة من الزمن حيث كان يغني قائلا "يا نايم وحّد الدّايم...يـا غافي وحّـد الله... يا نايم وحّد مولاك... للي خلقك ما بنساك... قوموا إلى سحوركم ...جاء رمضان يزوركم،"
نظرت الى ساعة الحائط مقابلها فكانت تشير الى الثانية و النصف، فالمسحراتي في الكثير من الأحيان كان يبدأ جولته بالقرب من منزلهم حيث يسكن فتعودت في كل رمضان على النهوض على صوته، نهضت من السرير و ساقيها تؤليمانها من ساعات العمل المضنية بشركة تصنيع و تصدير الاثاث حيث عملت منذ سنوات عدة، شعرت بتيبس بعضل ساقيها و هي تسير نحو خزانة ملابسها حيث اخذت منها رداء تغطي به قميص النوم التي كانت ترتديه، لفًتْ حجاب حول رأسها ثم اتجهت نحو شرفة غرفتها و هي تتأوه من ألم ساقيها، النوم و الراحة خلال الليل جعل الأمر محمول عليها، فشكرت الله انها استطاعت النوم بالرغم من الجو الحار الذي كانت بلادهم تشهده، فتحت باب الشرفة و وقفت في منتصفها ليلاقيها نسيم دافئ جميل، تنفسته بعمق و كأنها تتنفس معه حياتها من جديد فالإرهاق كان لا يزال يسيطر على كل جزء من جسمها، استمعت الى صوت جابر السايس و هو ينشد بالشارع و يغني ليستيقظ اهل المنازل المجاورة مع قرع طبله المدوي، كانت تتمنى ان تعطيه بعضا من النقود فعلمت لماذا توقف تحت شرفتها، فاعتادت ان تعطيه في كل رمضان ما به النصيب، و لكنها بالأمس دفعت اجار الشقة حيث تسكن و لم يتبقى معها الا مصروف البيت و مبلغ صغير قررت الإحتفاظ به لتدفع ثمن مواصلات نادية و طارق الى الجامعة،
قرر جابر السير في سبيله حينما لم يجد سلة الهام تنزل عليه كسابق المرات، نظرت الهام الى العمارات القديمة التي كانت تلتصق بعمارتها بالحي الشعبي حيث تسكن، ابتدأت انوار الشقق بالإشتعال هنا و هناك، اشتعلت الانوار ايضا بالعمارة امامها و فتحت ام وليد سرحان جارتها باب شرفة منزلها، انزلت سلتها الى المسحراتي و هي تقول له بصوت مرتفع "كل سنة و انت طيب،" فسلم عليها بيده و أخذ ما تيسر من رزق ثم هم سريعا في الشارع بالحي ليبتعد صوته رويدا رويدا الى اعماق شارع بعيد من حارتهم،
دخلت الهام الى منزلها وقررت ان توقظ طارق و ناديه، اشعلت انوار صالتها و اتجهت الى غرف نوم اولادها، كانت صالة المنزل صغيرة ذات جدران مهترئة يتنشر عليها هنا و هناك تشققات من اماكن زال عنها الطلاء الأزرق الذي لونها بالماضي، وكانت تحتوي على اثاث بسيط و قديم حيث اشترته الهام مع زوجها قبل زواجهما بمدة قصيرة من عام اربعة و ستين، فكان هنالك طقم كنب عسلي مهترئ اللون في ركن من اركانه و كان هنالك طاولة سفرة لستة كراسي بنية اللون بالقرب من المدخل، لم يرافق طقم الكنب الا طاولة بنية كبيرة و قديمه بوسطه ينتشر عليها بقع من اللون المقشور من قدمها، و ثلاثة طاولات صغيرة تَوَزًعَتْ بينه بترتيب، غَطً جدار من جدران الصالة بالقرب من المدخل خزانة بنية اللون يعلوها مرآة مفرودة على طولها، و كان على جدار بالقرب منها صورة كبيرة لعائلتهم قبل ان تبدأ حرب اكتوبر حيث كانا ولديها صغيرين بالمدرسة، توزعت هنا و هناك بعض من المزهريات و التحف و صورة اضافية لزوجها و هو باللباس العسكري.
ايقظت اولادها حيث كانا مستغرقان بالنوم، قالت و هي تخرج من غرفهم "هيا يا طارق! نادية! قوما للسحور، اليوم اول ايام رمضان! سأعد السحور لكم!"
سمعت صوت طارق و هو يقول "صباخ الخير يا امي، كل سنة و انت طيبه" و هي تدخل المظبح، اجابت بصوت بهيج "و انت طيب يابني، صباح الخير، اطلب من ربي بجاه اول ايام هذا الشهر الفضيل ان لا يحرمنا من جمعتنا مع بعض،"
قال طارق و هو يتثائب من النعاس "سهرت بالليل امس بالغرفة اراجع مواد صعبة بالجامعة، اسرعي بالسحور يا امي، لن استطيع النزول الى الجامع لأداء صلاة الفجر من التعب، قد اعود للنوم ثم اذهب لاحقا للمحاضرات،"
"انت مثل والدك رحمه الله تحب ان تصلي الفروض بالمسجد،"
ابتسم طارق و قال "صدقيني الموضوع ليس ايمان، جارتنا ايمان ابنة الحاجة سعيدة و الحاج سامح شكري في بعض الأحيان تنشر الغسيل بالشرفة بأوقات الظهيرة، فانا احب الصلاة بالمسجد كي التقي بها و انظر اليها في الظهيرة،"
احضرت طبق من الباذنجان الظازج المهروس و طبق من الطعمية و وضعتهم على الطاولة و هي تجيب "قلة ادب، انتم في سنة اولى جامعة، اتفكر بالإرتباط؟" اهتم بدروسك اولا ثم نتكلم لاحقا بهذا الأمر؟"
دخلت ناديه و هي تفرك عينيها من النعاس و تقول "و اظن انني كسنة رابعة طب و على وشك التخرج سأعمل بهذه الحالة كي اوفر لك مصاريف الزواج؟" اقتربت منه و فركة فروة شعر راسه و اكملت "يا طارق مازال هذا المشروع باكرا جدا عليك،"
اجاب و هو يغمس لقمة من المتبل من الطبق امامه "الحب لا يعرف سنة اولى او رابعة، انها جميلة جدا، اقابلها في بعض الأحيان ايضا بالجامعة،"
قالت الهام محذرة بسخرية و هي تُحْضِرْ طبقين كبيرين من السلطة و الفول "و ما هي اخبار الدراسة؟ ألن نغنيلك الناجح يرفع ايده لعبدالحليم؟ ركز كي نفرح بك لا بجنازتك التي ستكون على يدي اذا اتيتني بعلامات..."
جلست نادية و هي تنظر الى السلطة قائلة "هل نسيت فلقة الحزام التي اعطتك اياها امي الشهر الماضي..."
انتهرتها الهام قائلة "ناديه كوني ألطف مع شقيقك، هذا الموضوع بيني و بين طارق و قد انتهى منذ فترة،" قسمت الهام رغيف الخبز امامها و غمست لقمة بالسلطة و اكملت "و انت يا ناديه؟ ما هي اخبار المحاضرات معاكِ؟ نريد رؤيتك عن قريب بعيادتك،"
قال طارق ساخرا "العبرة بعروس الغفلة التي تقابليه بالجامعه،"
نظرت ناديه الى طارق بعتب ممزوج مع تَوَعُدْ ثم نظرت الى والدتها، انزلت الهام اللقمة قبل ان تدخل فمها و قالت بصدمة "ناديه؟ ما القصة؟ و تعايرين طارق بحبه لإيمان؟ و انا اقول عليك انتِ الكبيرة و العاقلة؟" اكملت بحزم "يا خَيْبَتي لو تحققت مخاوفي و اعدتي سنتك، انت سنة رابعة طب يا نادية، دراستك حساسه و تحتاج الى تركيز، من هو؟"
نظرت ناديه بخجل الى الأسفل ثم اجابت "هو مهتم بي، هو...هو..."
اكملت الهام بحزم "سنتكلم فيما بعد، اكملوا سحوركم يا اولاد، هل لديك محاضرات اليوم؟"
اجابت ناديه "لا يا أمي،"
"جيد، حينما يذهب شقيقك الى الجامعة سنجلس و نتكلم قليلا،"
ارتسم القلق على وجه نادية و قالت لأخيها "شكرا يا طارق، انا كنت سافتح موضوع زميلي مع امي عاجلا ام آجلا،"
ارتسم على وجهه علامات الإنتصار و اجاب "عايريني بعقاب امي،"
قالت ناديه "طَيِبْ يا باش مهندس، سأوريك، "
امرت الهام "اكملا سحوركما بصمت، و انتم تعلمون ان المخطئ سيأخذ نصيبه مني، لطالما لم تتفقا على امر مُعَيًنْ، يا ساتر انتم كالسالب و الموجب، حينما اعاقب احدكما فهنالك سبب وجيه لذلك، انا اريدكما انجح ناس بالمجتمع لذلك امارس معكم بعض الحزم من حين لآخر، أنسيتم ارادت والدكم المرحوم، ان تكملوا دراستكم بالجامعة؟"
نظرت الهام الى صورة لزوجها على منضدة قريبة منها و قالت "انسيتم كيف كان يحلم بمستقبلكما، انسيتم..."
ساد الصمت على المائدة بينما اكملت الهام "ناديه، سنتكلم بمفردنا اليوم عن هذا الأمر، و لكن ثقي تماما ان من يريد ان يتقدم لخطبتك يجب ان يدخل المنازل من ابوابها، هذا الأسلوب لا يعجبني،"
*************************
نظر المنسي الى السماء الصافية من فوق و هو عائد من الجامع بالزمالك، كان يسير في سكون الليل بالشارع و هو يسبح بحمد ربه على ما انعمه عليه من نعم وافرة و على بدء شهر الصيام الفضيل، تمتم بصوت مسموع قليلا "اللهم اعطيني القوة لكي اصوم هذا الشهر الفضيل ايضا و انال انا و اسرتي بركاته، الحمدلله على ما اتانا منك يا الله من رزق و صحة و عافية، الله اكبر و لا إله الا انت الحي القيوم اشكرك على نعمة لمة شمل اسرتي و صحة اولادي و الرزق الوفير الذي اتنعم به..."
فجأة سمع شخصي يرمي بالسلام عليه "صباح الخير يا حج، كل سنة و انت طيب"
اجاب بترحاب دافئ "و انت طيب يا حج عبدالغفور،" سار بالشارع الى ان وصل الى فِلًتِهِ التي يقطن بها، دخل بوابتها المشرعة و ذهب الى الحديقة الكبيرة التي كانت خلف المنزل، كانوا اثنين من الخدم يجهزون مائدة بالهواء الطلق اعدها خصيصا ليتسحر هو و اسرته بين عطور الورود الجميلة و النباتات المزروعة فيها، نادى بصوت مسموع "ساميه! اين انت!"
اطلت من الباب زوجته و هي تقول له "افتقدتك، اين كنت،" سارت نحوه و هي تقول له "كل سنة و انت طيب،"
قبلها على خديها و اجاب "و انت طيبه، ذهبت الى الشيخ عبدالسميع بالمسجد فكان قد طلبني بأمر مُلِحْ منذ قليل،"
جلسا على الطاولة و ساميه تسأل "ما الأمر يا منسي؟"
اجاب و هو ينظر الى السحور الشهي "كان يريد معونة طارئة جدا لعائلة مُعْوَزَة، و لم يستطع الإنتظار الى الصبح حتى، فذهبت اليه و اعطيته الذي به النصيب، لو تعلمي كم عزم علي بحرارة لأتسحر معه و مع اسرته قبل اذان الفجر، و لكنني رفضت، فكيف لا اتسحر معك يا حبيبتي كما افعل في كل رمضان،" نظر الى ساميه بحرارة و اكمل "ياه الأوقات اجمل برفقتك يا حبيبتي انت و الأولاد، اللقمة لها طعم مختلف معك يا اجمل و اغلى إنسانه عندي،"...يتبع