يتميز فيلم "أولاد حريم كريم" من الجانب الفني باختلاف وتنوع نجومه بدءًا من مصطفى قمر وبشرى وعمرو عبد الجليل وداليا البحيري وخالد سرحان وبسمة علاوة على باقة من النجوم الشباب.
ورغم ذلك هناك حالة من التوازن في توزيع الأدوار، بنسب ومساحات متقاربة، سواء بالنسبة للفنانين الكبار أو الشباب، وأعتقد أن هذا التميز يعود بالدرجة الأولى إلى حرفية المخرج على إدريس، حيث منح كل ممثل فرصة ذهبية لإثبات موهبته وتألقه حسب طبيعة دوره وقدرته الفنية.
كما يستخدم المخرج في الفيلم أيضا رؤية سينمائية متميزة، تتسم بالعمق، وتعبر "كادراته" عن الأحداث حيث يوظفها جيدًا في كل مشهد، بما يتناسب مع حالة وانفعالات الممثل، وما تتطلبه الجملة الحوارية، ويتضح ذلك بشكل كبير في المشاهد الرومانسية الأكثر عمقا وتأثيرا في المشاهدين.
ويساعده على ذلك جودة الكتابة، فالعمل يحمل توقيع زينب عزيز، وأعمالها في رأيي مختلفة عن باقي الأفلام السينمائية المصرية، حيث تركز على الصراع النفسي والاجتماعي في علاقة الرجل والمرأة بشكل جديد، بالإضافة إلى الاهتمام بالفعل ورد الفعل والإثارة والتشويق على مستوى الأحداث، كل ذلك عبر قضايا حية وشخصيات نابضة بالحياة، وحوار يومي يتميز بخفة الظل.
لكننا عندما نراجع أداء النجوم في الفيلم لا يمكن أن نغفل أبدًا التناغم الفني بين عمرو عبد الجليل وبشرى فهما بحق مفاجأة العمل، فعمرو يتميز بخفة ظله التي سيطرت على دوره طوال الفيلم ـ رغم أن وجهه يعطي انطباعًا آخر يختلف عن ذلك، وبشرى تضيف إلى رصيدها دورا مختلفا عن كل الأدوار التي قدمتها من قبل.
كما يشكل خالد سرحان مع داليا البحيري ثنائي كوميدي متألق طوال أحداث الفيلم وبترك بصمة كوميدية خاصة من خلال الشخصية الانفعالية المتوترة التي يجسدها ويحسب له هذا النضج والسيطرة الكاملة على مفردات الشخصية.
وأخيرا يبقى مصطفى قمر نجمًا متعدد المواهب متألقًا بحضوره التمثيلي التلقائي وشخصيته الغنائية ذات الاختلاف الشديد، وقدرته المدهشة على مزج ذلك كله في تجربة سينمائية فنية متطورة لا تفنى ولا تستحدث من العدم، بل تضع نفسها في المكان والمكانة التى تليق به.