رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


عجائب الإسلاميين.. مخطط قتل السادات يتغزل في انتصارات أكتوبر

6-10-2017 | 16:19


عجيب هو منطق هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بـ”الإسلاميين”ففي الوقت الذي يلعنون فيه الدولة ويكفرون حكامها يتغزل رئيسهم في إنجاز رجل قتلوه يون نصره إنه أسامة حافظ رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية وأحد مخططي قتل السادات.

 

كتب حافظ على صفحته قائلا: “في مثل هذه الأيام منذ أكثر من الأربعين سنة كانت الجامعة تمور بالثورة والإحباط .. مؤتمرات .. مظاهرات .. صدامات مع الشرطة .. كنا فاقدي الثقة في كل شيء بعد تلك الهزيمة – النكسة – المنكرة التي لم تكن تخطر لأحد ببال .. طبلوا وزمروا لجيوشنا حتى صدقناهم .. وأغرقونا في الأحلام الوردية والأماني وانتظرنا بآمال الشباب أنباء جيوشنا المظفرة لتعود تنشج أهازيج الظفر والنصر .. فإذا بها تعود فلولاً منهزمة مقهورة تحمل حطام الحلم الكاذب والأمل المنهار.


كنا في هذه الأيام نعيش رفض كل شيء .. والتمرد علي كل شيء .. وتكذيب كل قول يقال .. لم يكن لنا إلا مطلب واحد نهتف به في مظاهراتنا .. ونصدم به كل من يحادثنا .. الحرب الحرب .. لم نقبل ما قيل عن عام الحسم أو عام الضباب ورأينا فيها المزيد من الخداع والأكاذيب بعد أن رأينا كل ما كنا نؤمله مجرد أكاذيب وإفك.


كانت طائرات العدو تمرح في سماء البلاد نراها .. فوق أبي زعبل وبحر البقر ومنقباد ونجع حمادي تضرب بقسوة الأطفال والعمال والشباب بينما تغيب أعمال جنودنا البواسل علي أرض سيناء وسط صخب الدعاية الإسرائيلية وسلاح طيرانها الجبار وكنا نصدقهم فلم يكن أمامنا من نصدقه سواهم .. كانت صحافتنا تزيد من ثورتنا وإحباطنا ويأسنا من كل نجاح وهي تتحدث عن استحالة تحقيق النصر في مواجهة عدو شرس وموانع وعوائق شديدة .. خط بارليف وقناة السويس وطيران متقدم.
كنت ضمن ذلك الشباب بالجامعة نعلق مجلات الحائط ونجتمع لنتناقش ونتحاور ونخرج في مظاهراتنا ونصطدم بالشرطة وليس من مطلب لنا إلا الحرب .. ولا تعني هذه الحرب عندنا أكثر من أنها استعادة للكرامة والأرض والعرض وإزالة سنوات من الذلة والهوان. مجرد شاب مثل آلاف الشباب الذين يحملون في قلوبهم حب هذا البلد وحماس الشباب واندفاع الشباب وثورتهم علي هذا الوضع الأليم.


ثم كان يوم 6 أكتوبر .. والذي بدأ هادئاً مثل بقية ما سبقه من أيام .. ولم يكن أفقه يحمل أي نذير فالصحف تتكلم كعادتها في الفن والرياضة وبعض السياسة والأدب .. والمذياع والتلفاز يشاركونهم لهوهم وجدهم بعيدا عن سيرة الحرب والقتال والناس كل منشغل بحاله لا يلوي علي شيء.


وفي الساعة الثانية وقد أرهق الناس الصوم وبدأووا يأوون إلي بيوتهم أذيع البيان الأول .. سمعه من سمع ولم ينتبه له الأكثرون وتوقعنا – من سمعناه – أن يكون عملية من تلك العمليات التي كان يعلن عنها من آن لآخر لتذكير الناس بالحرب ورفع روحهم المعنوية .. ولكن البيانات تتالت وأدركنا جميعاً أنها الحرب .. وأننا اليوم علي موعد مع إزالة آثار الهزيمة – النكسة -.


لا تسل عما شعرنا به فقد بدأنا غير مصدقين بعد تجربة البيانات الصاخبة 1967 م وأكاذيب الطيران المتساقط والجيوش المظفرة ولكن الإعلام المسموع هذه المرة تخلي عن الصخب والضجيج الذي ألفناه في العصر السابق وترك تلك الأغنيات الزاعقة مثل " من المحيط الهادر إلي الخليج الثائر " ومثل لبيك يا علم العروبة " وغيرها من أغنيات معارك الهزيمة الصاخبة وانتقل إلي خطاب هادئ رزين موضوعي صادق لم يبالغ في ادعاء النصر وإن كان هذه المرة نصراً حقيقياً ولم يوهم الناس أنه علي مشارف تل أبيب وأنه أسقط سلاح الطيران الإسرائيلي والأمريكي وإنما كانت الأغنيات والأناشيد هادئة رزينة مثل " خلي السلاح صاحي "."راجعين شايلين في إيدنا سلاح " " ما تقولش ايه ادتنا مصر " وأمثالهم.


أفقنا من صدمة الحدث الأولي وبدأنا وسط نشوة وفرحة غابت عنا لسنوات نبحث ماذا نفعل وماذا يمكن أن يقدم أمثالنا لمساندة الجند في المعركة.


المستشفيات .. التبرع بالدم .. الحديث والكلام والخطب .. كل هذا لا يكفي .. ثم فتحت المدارس والمنتديات لتدريب الشباب فيما سموه الدفاع الشعبي فذهبنا إليه ونحن نؤمل أن نذهب لنكون ردءاً لجيشنا المظفر في حربه بل في حربنا التي انتظرناها طويلاً.


لم تكن هذه مشاعرنا نحن الشباب وحدنا وإن كنا الأكثر حماساً وإنما كان الجميع يسير في طرقاته وهو يحمل المذياع في يده ليتابع الأنباء ويبحث ماذا يمكن أن يعمل .. هل تصدق أن أجهزة الأمن لم تسجل حالة سرقة أو بلطجة طوال فترة الحرب .. حتى اللصوص كفوا عن السرقة في هذه الأيام مشاركة منهم في الحرب.


انتهت المعركة كيفما انتهت .. وسارت أمور التفاوض وجني الثمار كيفما سارت ومرت عقبها السنون والأعوام ولكن تلك النشوة وهذه الفرحة لازالت حية في نفوس جيلنا طازجة كأنما كانت بالأمس.


حاول البعض أن يسرق النصر وينسبه لهذا أو لذاك .. وحاول اخرون ان يشوهوه فينسبونه لمؤامرة هنا او خيانة هناك .. وحاول آخرون أن يخونوا دماء الشهداء وعرق الأحياء .. لكن هذه المحاولات وإن شغلت النخب التي لم تحارب ولم تشعر بمرارة الهزيمة أو بفرحة النصر .. ولكنها لم تفلح في أن تحرم كل جندي شارك في هذه المعركة وكل شاب عاش أيامها أن يستعيد مستمتعاً حلاوة تلك الأيام وذلك النصر ويسترد مذاقه كلما تكررت الأيام وعادت كأنما كان بالأمس القريب.


لم تذق بلادنا مثل هذا المذاق في تاريخها الحديث لا قبله ولا بعده لقد كان ثمرة ناضجة لجهد كبير وعرق غزير وإيمان صادق.
لقد أفرزت المعركة روحاً .. ما أحوجنا إليها .. الإيمان الصادق والهمة العالية والروح الوثابة