مروة العقروبي: «بيت الحكمة» أحدث نموذج لمكتبات المستقبل في العالم.. ويحتوي على أكثر من 92 ألف مجلد
تميز "بيت الحكمة" من خلال دعم أفراد المجتمع من مختلف الثقافات والاهتمامات والعمل على تلبية تطلعاتهم، حيث أحدث نموذج لمكتبات المستقبل في العالم مكانته كوجهة رائدة للتزوّد بالمعارف والمعلومات لجميع قاصديه من خلال الاستجابة للاحتياجات المتغيرة للزوار والأعضاء وتوسيع نطاق الخدمات المقدمة على مدار العام ضمن مرافقه المزودة بأحدث التقنيات الحديثة.
ويحتضن بيت الحكمة، الصرح المعماري الاستثنائي ما يزيد عن 92 ألف مجلد على رأسها مكرُمة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والتي شملت 12 ألف عنوان ما بين كتب ومواد نادرة ومنتقاة بعناية عن تاريخ الفن والعمارة العربية والإسلامية بعضها طبعات حصرية يعود تاريخها إلى أكثر من 200 عام إلى جانب مكرُمة إضافية أهداها سموه إلى بيت الحكمة مؤخرًا تضمنت 646 مؤلفاً مميزا باللغة الفرنسية من بينها مؤلفات نادرة.
وانطلاقًا من دور بوابة دار الهلال الصحفية، فقد أجرت حوارًا مع مروة العقروبي، المديرة التنفيذية لـ"بيت الحكمة"، جاء كالتالي:
ما هي فلسفة "بيت الحكمة" كملتقى للإبداع ومنارة ثقافية؟
يجسّد بيت الحكمة أحدث نموذج لمكتبات المستقبل في العالم، وتتمحور رؤيته حول الدمج بأسلوب مبتكر بين مفهومَيْ المكتبة والملتقى الاجتماعي والثقافي، وتحويل مساحته إلى منصة اجتماعية حيوية للتعلم والمعرفة، مدعومة بأدوات الابتكار والتقنيات المتطورة، لتجمع أفراد المجتمع من مختلف الثقافات والفئات الاجتماعية ضمن مساحة تفاعلية نابضة بالإبداع والإلهام، بما يمكنهم من توظيف قدراتهم الإبداعية للنهوض بالواقع الثقافي والمعرفي للمجتمع.
حقق "بيت الحكمة" نجاحاً كبيراً في مختلف الأنشطة الثقافية، فما هو سر هذا النجاح؟
يُعزى نجاح "بيت الحكمة" إلى عدة عوامل رئيسة، يأتي في مقدمتها التزامنا الثابت بتعزيز ثقافة التعلم والابتكار، وذلك من خلال السعي المتواصل لتقديم مجموعة متنوعة من البرامج والأنشطة الثقافية الملهمة بمشاركة جميع فئات المجتمع. كما تتيح مرافقنا الحديثة، مثل "مخبر الجزري"، و"المكتبة الرقمية"، سهولة الوصول إلى ثروة لا حصر لها من مصادر المعرفة والتقنيات الحديثة والمتطورة، الأمر الذي يسهم في توسيع آفاق مرتادي المكتبة وتعزيز قدراتهم على الإبداع ومواكبة التطورات، أضف إلى ذلك مجموعة الشراكات المميزة التي نبرمها مع كبرى المؤسسات الثقافية على الصعيدين المحلي والدولي، لتنظيم واستضافة فعاليات ومعارض تشكّل إضافة مهمة إلى الحياة الثقافية في العالم العربي.
ماذا عن التسهيلات والخيارات المميزة التي تقدمها "المكتبة الرقمية" في بيت الحكمة؟
توفر "المكتبة الرقمية" في بيت الحكمة كنزاً من المعارف والعلوم، ويمكن لأعضاء بيت الحكمة ضمن هذا العالم الرقمي الوصول إلى مجموعة واسعة من الكتب الرقمية والصحف والدوريات العلمية والأطروحات والرسائل الأكاديمية والمواد المصورة التي تغطي مختلف المجالات الثقافية والأدبية والمعرفية من أي مكان في العالم. ومن خلال ما يزيد على نصف مليون مصدر وعنوان متنوع بلغات عديدة، توفر مكتبتنا الرقمية فرصة فريدة للزوار للاطلاع على مجموعة متجددة من الكتب بكل سهولة. فهي باختصار بوابة إلكترونية ثريّة لكل من يتطلع إلى الإبحار في عالم المعرفة.
هل يمكنك تبادل الرؤى بشأن أطر التعاون بين بيت الحكمة والمؤسسات الثقافية المختلفة في مختلف الدول، وبخاصة مصر؟ وهل هناك نية لعقد بروتوكولات تعاون مع المؤسسات المصرية؟
نرحّبُ في بيت الحكمة بجميع المبادرات والمشاريع المشتركة التي من شأنها الارتقاء بالمشهد الثقافي في عالمنا العربيّ، لذا فإن التعاون البنّاء مع المؤسسات الثقافية العربية بوجه عام والمصرية بوجه خاص من الخيارات المطروحة باستمرار ضمن خططنا المستقبلية وأهدافنا الاستراتيجية. صحيحٌ أننا شاركنا في عدد من المبادرات الثقافية، إلا أننا نتطلع لإضفاء الطابع الرسمي على بروتوكولات التعاون مع المؤسسات الثقافية المصرية، ضمن المساعي المشتركة الرامية إلى تعزيز التبادل الثقافي والمعرفي، وتطوير مجموعة متنوعة من البرامج المبتكرة.
وفي هذا السياق، فقد استقبلنا معالي الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة المصرية، في بيت الحكمة على هامش زيارتها لدولة الإمارات لحضور مهرجان الشارقة القرائي للطفل، حيث اطّلعت معاليها على مرافق بيت الحكمة ومقتنياته من العناوين المتنوعة ومجموعات الكتب النّادرة، وناقشنا سوياً سبل التعاون والتبادل الثقافي الممكنة بيننا وبين المؤسسات الثقافية في جمهورية مصر العربية.
هل تعتقدين أن الثقافة العربية تواجه بعض التحديات؟ وإذا كان الجواب نعم، فما هي من وجهة نظرك، وأفضل سبل التعامل معها؟
لا شك أن الثقافة العربية غنية ومتنوعة، لكنها تواجه بعض التحديات في الوقت الراهن، أبرزها الحاجة الملحة إلى التكيّف والازدهار في عالم سريع التغير دون إغفال الحفاظ على هويتنا الثقافية. ولمواجهة هذه التحديات، فإننا نؤمن باتباع نهج قائم على تعزيز الوعي الثقافي وتشجيع الشباب على فهم تراثهم وتقديره والاعتزاز به، كما يمكن أن يساعد تبني التكنولوجيا الحديثة والابتكار على سد الفجوة بين كل ما هو تقليدي ومعاصر، الأمر الذي يجعل ثقافتنا أكثر تنوعاً وابتكاراً. وأخيراً، فإن تعزيز التعاون والحوار مع الدول العربية والعالم يمكن أن يعزز روابطنا الثقافية ويعمّق فهمنا وتقديرنا لتراثنا المشترك.
هل لكِ أن تحدثّينا عن الاهتمام الذي يوليه "بيت الحكمة" لأدب الأطفال والأنشطة الثقافية الموجهة لهم؟
نركز في بيت الحكمة على تعزيز حب الأدب والثقافة بين زوارنا الصغار، حيث نوفّر مساحات مخصصة للأطفال واليافعين تتيح لهم اكتساب مهارات جديدة بأساليب تفاعلية تجمع بين التعلم والمرح باللغتين العربية والإنجليزية. وتتضمن هذه البرامج فعاليات موسمية وممتدة مثل فعالية "الحدائق السحرية" و"المخيم الصيفي"، والتي تهدف إلى إثراء مخيّلة الأطفال وعقولهم عبر مغامرات شيّقة في العوالم الثقافية والتاريخية والحضارية لعدد من دول العالم. ويضم بيت الحكمة كذلك مكتبة خاصة بكتب الأطفال واليافعين، تم رفدها بعدد كبير العناوين المميزة، بهدف تشجيع الصغار على حب القراءة والمشاركة في الأنشطة الإبداعية، ضمن بيئة آمنة تمكّنهم من النمو فكرياً وإبداعياً.
هل هناك دور لدعم الكتّاب لتسهيل عملية النشر، لا سيّما مع ارتفاع تكاليف إنتاج أدب الأطفال؟
لا شك أن دعم الكتّاب والمؤلفين في مجال أدب الأطفال على وجه الخصوص يمثل أهمية كبيرة بالنسبة لنا، فنحنُ ندرك أن إنتاج الكتاب الأدبية بجودة عالية يمكن أن يشكّل تحدياً أمام الكتّاب من الناحية المادية. وللتعامل مع هذه المشكلة، فإننا نعمل بشكل متواصل على استكشاف المبادرات التي من شأنها أن توفر الدعم المالي والإرشاد وفرص النشر للكتّاب الواعدين والمتميزين، لضمان حصولهم على الموارد والدعم اللازمين لتأليف كتب مؤثرة تثري المشهد الأدبي العربي وتعود بالفائدة على الأجيال القادمة.
ما هي رؤية بيت الحكمة خلال الفترة المقبلة؟
يتطلع بيت الحكمة لبناء مستقبل ثقافي مزدهر يعزز مكانة الكتاب والمعرفة في إمارة الشارقة، ويحفظ قيمة ومعنى لقب "الشارقة عاصمة عالمية للكتاب 2019"، وينقلهما إلى الأجيال القادمة، من خلال العمل على توسيع نطاق عملنا، والتفاعل مع المجتمعات المتنوعة، وتعزيز الشراكات الدولية مع المؤسسات الثقافية النظيرة، بهدف تشجيع الإبداع والابتكار، ونشر ثقافة التعلم مدى الحياة، في ظل مساعينا الدؤوبة لتقديم مفهوم جديد للقراءة والمعرفة والتعلم والتفاعل الاجتماعي بين جميع الفئات والمراحل العمرية، نحو مستقبل أكثر تقدماً وازدهاراً.