أحمد إدريس بطل من أبطال حرب أكتوبر.. صاحب «الشفرة النوبية»
شهدت حرب أكتوبر أبطال عدة، منهم من قد عُرفوا ومنهم ظلوا مجهولين، ومنهم ابن أسوان البار أحمد محمد إدريس صاحب فكرة استخدام اللغة النوبية كشفرة في يوم العبور العظيم، لإرسال الإشارات الداخلية بين قيادات الجيش المصري ليصعب فكها من جانب الجيش الإسرائيلي.
الصول أحمد إدريس
كان أحمد إدريس من قرية توماس وعافية بمحافظة أسوان، التحق بالجيش عام 1954 عسكريا متطوعا، وحضر حرب العدوان الثلاثي، وظل في صحراء سيناء منذ عام 1957 حتى حرب اليمن وشارك في حرب 1967.
وقبل ما يزيد عن 6 سنوات لم يكن أحد يعلم بخطة شفرة حرب أكتوبر، التي تعتبر سر من الأسرار العسكرية لم يكشف عنها حتى كرمه الرئيس عبد الفتاح السيسي ضمن الاحتفالات ال44 بذكرى حرب أكتوبر.
استخدام الشفرة النوبية في حرب أكتوبر
وفي حوار سابق مع مجلة المصور، قال إدريس: إن العدو كان دائما يستطيع فك ومعرفة ما تحويه الشفرة في الحرب من معلومات في كل مره؛ لذا فكرت في استخدام اللغة النوبية في الشفرة؛ حيث إنه لا يعرف نطقها إلا النوبيين فقط، الذين يعلمونها لأولادهم، وأحفادهم جيلا بعد جيل، حيث إنها لا تكتب، ولكن تنطق فقط.
عندما تطوع إدريس في الجيش سنة 1954 كمجند بقوات حرس الحدود، كان حكمدار نقطة في نويبع 15 فردا، مهمته وزملائه التبليغ عن العدو، ويقول: كنا نأخذ 3 سنوات تدريب في حرس الحدود لتعلم فنون القتال بمختلف أنواع الأسلحة، استمررت بالخدمة في سيناء قبل الحرب لمدة 15 سنة، وعندما تولي البطل عبد المنعم رياض وقيم الجيش بعد النكسة، وجد أن هناك 80 في المائة خسارة في المعدات في الجيش، و 12.5 في المائة خسارة في قوات حرس الحدود.
وأصدر السادات أمرا بتقديم تصورات للحلول من قبل الوحدات المشاركة، وعندما شرع قائد اللواء وقائد الكتيبة وضابط أحدهما برتبة نقيب بالخروج، ظهرت عليهم علامات الحيرة وحينما سمع إدريس الحديث الذي دار بينهم عن هذه المشكلة، قال: ضحكت، وقلت الموضوع سهل وبسيط فاللغة النوبية هي الحل لأنها تنطق ولا تكتب، ولن يستطيع أحد فك الشفرة، لأنها لهجة وبالتالي ليس لها حروفا أبجدية، ويقوم نوبي بالاستقبال وآخر بالإرسال وتتم ترجمة الشفرة باللغة العربية.
قالوا عنها أنها لغة الشيطان
واستكمل أن اليهود لن يستطيعوا فك الرموز النوبية، وقالوا عنها أنها لغة الشيطان، فأمر قائد الكتيبة باستدعائي، وكانت هذه نقطة البداية عندما شرحت فكرتي، فأبلغ الرئيس السادات باستخدام اللغة النوبية كشفرة بين قادة الجيش، فطالب السادات استدعائي.
قال إدريس عن هذه اللحظة: "جرى القبض عليا وتم وضع الكلبشات في يدي من أجل أن يكون الأمر طبيعيا، كما تم نقلي إلى قيادة الجيش لأشرف على تنفيذ الشفرة، مستعينا بأفراد نوبيين تواجدوا في صحراء سيناء، وكانت مهمتهم عد المركبات التي تستخدمها قوات العدو الإسرائيلي، وتمت تسمية المحطات في الصحراء بأسماء نوبية وتواجدت مع رئيس العمليات وقائد العمليات وقادة الكتائب وقادة الفصائل، وانسحبوا يوم الجمعة 5 أكتوبر بعد أداء مهامهم وبدأت الحرب يوم السبت 6 أكتوبر عام 1973.
السجن دي فكوتي" الحرب هتبدأ دلوقتي
يُذكر أنه عندما أعطى قائد اللواء الإشارة للنوبي الذي معه بأن الحرب ستقام حالا، وهي التي تعني في اللغة النوبية " السجن دي فكوتي".
انتهي إدريس من الخدمة عام 1994 وظل منذ ذلك التاريخ وحتى عام 2010، لم يفصح بسر الشفرة النوبية مع أي شخص، حتى أولاده اللذين تفاجئوا ببطولته، وكان ذلك تطبيق لتحذير الرئيس السادات له من إفشاء السر العسكري، وما قد يستدعيه ذلك من عقوبه، والتزم إدريس بهذا العهد، حتى قرر الرئيس عبد الفتاح السيسي تكريمه، ضمن الاحتفالات ال44 بذكرى حرب أكتوبر المجيدة، وذلك بمنحه وسام النجمة العسكرية.