رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


دبلوماسي نرويجي: لا يمكن الانتظار 30 عاما أخرى لتحقيق انفراجة في الشرق الأوسط

7-10-2023 | 16:13


اتفاقية أوسلو

دار الهلال

انتقد الدبلوماسي النرويجي جون إنجلاند، الذي شارك منذ 30 عاما في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية للتوصل إلى اتفاقية أوسلو، الدائرة المفرغة من انعدام الأمل والإذلال والعنف التي يعيشها الفلسطينيون يوميًا، محذرا من أن الوضع الحالي لا يحتمل الانتظار 30 عاما أخرى لتحقيق انفراجة في الشرق الأوسط.

وقارن إنجلاند بين الأوضاع الحالية ومنذ 30 عاما، قائلا :"في عام 1993، كانت لدينا قيادات ذات رؤية وشجاعة في كلا الجانبين.. والآن أصبح القادة الفلسطينيون منقسمين ومنفصلين عن شعبهم، بينما يروج المتطرفون في الحكومة الإسرائيلية للتوسع الاستيطاني غير القانوني وضم الأراضي المحتلة".

وفي مستهل مقال نشرته صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، استعاد إنجلاند، الذي يشغل حاليًا منصب الأمين العام لمجلس اللاجئين النرويجي، ذكرياته حين كان دبلوماسيًا شابًا يشارك في المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وقال إنجلاند - الذي كان يشغل منصب وزير دولة في وزارة الخارجية النرويجية آنذاك - "إنه"قبل ما يقرب من 30 عاما، جلست في حديقة البيت الأبيض وشاهدت الرئيس الأمريكي بيل كلينتون يستضيف عدوين لدودين يتعهدان بالعمل من أجل مستقبل سلمي لشعبيهما".
وأضاف إنجلاند :"وطوال ثمانية أشهر، استنفدت حياتي وحياة فريق صغير لتنظيم 14 جولة من المفاوضات عبر قنواتنا الدبلوماسية النرويجية السرية، وعلى الرغم من كل الصعاب، حصلنا على أول اعتراف متبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وأول اتفاق على المبادئ حول كيفية تحقيق السلام".
وأشار إنجلاند إلى أن توقيع اتفاقيات أوسلو كان لحظة نادرة من التفاؤل في الصراع الطويل والمرير"، مضيفا :"شهق الدبلوماسيون من حولي عندما تصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.. لقد وقفنا جميعا على أقدامنا وصفقنا".
وأعرب إنجلاند عن حزنه من الأوضاع الحالية التي يعاني منها الفلسطينيين ، قائلا :"بعد مرور 30 عاماً، فإن كل زيارة أقوم بها إلى الأراضي الفلسطينية التي لا تزال محتلة تجعلني أتساءل كيف يمكن أن يصبح وضع السكان المدنيين أسوأ.. لقد أصبحت الآن دورة لا نهاية لها من اليأس والإذلال والعنف هي الحياة اليومية للعديد من الفلسطينيين".
وقال إنجلاند إن الأوضاع وصلت إلى مرحلة مخيبة للآمال لدرجة أن أحد الجنرالات الإسرائيليين أدان بالفعل عنف المستوطنين على غرار المافيا ووصفه بالإرهاب، في الوقت نفسه الذي يحرض فيه الوزراء الإسرائيليون علنًا على العنف ضد الفلسطينيين".

ونوه إنجلاند عن أن المستوطنات الإسرائيلية كانت موطنًا لـ 280 ألف مستوطن منذ 20 عاما، أما اليوم يبلغ عددهم أكثر من 700 ألف، مما يعيق السلام ويجعل أي دولة فلسطينية مستقبلية غير قابلة للحياة بشكل متزايد، خاصة مع تسارع عمليات الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.

وأضاف إنجلاند: "في الأشهر الأخيرة، شهدت كيف أدى عنف المستوطنين الذي ترعاه الدولة الإسرائيلية إلى طرد مجتمع فلسطيني تلو الآخر من منازلهم، ومن المثير للدهشة أن الاستجابة الدبلوماسية الدولية غير فعالة، وفي حين جلبت الحرب والاحتلال في أوكرانيا استجابة قوية وتعاونية، فإن احتلالاً أقدم بكثير يزدهر على مرأى من الجميع".

وشدد إنجلاند على أنه لا يمكن أن ننتظر 30 عاما أخرى حتى نشهد إنجازا دبلوماسيا آخر أكثر نجاحا، مشيرا إلى أن الحقيقة الأكيدة في الوقت الحالي هي وجود عدم تكافؤ صارخ بين الطرفين، حيث يهيمن أحد الطرفين على الآخر، ما يجعل من المستحيل إحراز أي تقدم من خلال المفاوضات الثنائية المباشرة، بحسب رأيه.

وأكد إنجلاند أن الولايات المتحدة وحدها هي التي تمتلك النفوذ والقدرة على تقديم الضمانات التي يحتاجها الطرفان، محذرا من أن واشنطن ليس أمامها الكثير من الوقت لتتحرك تجاه حل القضية بشكل نهائي، في ظل طرح الحكومة الإسرائيلية الحالية خططا متهورة لبناء 13 ألف وحدة استيطانية جديدة خلال عام 2023، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما كان عليه في العام الماضي.

واستنكر إنجلاند ما قامت به الحكومة الإسرائيلية، دون إعلان، عند ضم الضفة الغربية المحتلة، بنية واضحة لجعل احتلالها أمرا ثابتا دائما، لافتا إلى أن "هذا العام هو بالفعل الأكثر دموية منذ عام 2005 بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية.. بينما يعيش قطاع غزة المكتظ بالسكان تحت حصار لا نهاية له يثير مرارة الأجيال".

وحذر إنجلاند أن البديل للوساطة الدولية القوية بين الطرفين يمكن تلخيصه في "تعميق الصراع والعنف الذي من شأنه أن يبتلع الفلسطينيين والإسرائيليين، مع احتمال حدوث قدر أكبر من زعزعة الاستقرار الإقليمي".

وفيما يخص الحل المحتمل، اقترح إنجلاند أن "تحشد الولايات المتحدة أوروبا والدول العربية والأمم المتحدة للمطالبة بحماية حقوق الإنسان الفلسطينية ووضع حد للاحتلال الوحشي، مع منح إسرائيل الضمانات الأمنية التي تحتاجها"، مؤكدا أن ما تم الاتفاق عليه في أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين "لا يزال من الممكن تحقيقه، لم يفت الأوان بعد".