رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


فى جحيم من القبل!!

11-10-2017 | 13:02


بقلم –  حمدى رزق

«قولى ولا تخشاش ملام حلال القبلة ولا حرام

القبلة إن كانت للملهوف اللى على ورد الخد يطوف

ياخدها بدال الوحده ألوف ولايسمع للناس كلام»..

الله ياعم بيرم، ويكرمك ياعم زكريا، ويبشبش الطوبة اللى تحت دماغك ياست، وجفنه علم الغزل ومن العلم ما قتل، فحرقنا نفوسنا فى جحيم من القبل، ياسلام على جحيم بشارة الخورى ودفء صوت عبدالوهاب، هو ده الجحيم.

على ذكر جحيم القبل، يعانى أهل المحروسة من فائض عواطف يعبرون عنها بالقبل، البلد قلبت مبوسة، بوس وأحضان، البوس على ودنه، كلما التقى صديق صديقه يبوس ويحضن ويخبط فى الخشب المسندة، وكلما التقت صديقة بصديقتها هات يابوس وأحضان وكأنهما لم يكونا مع بعض بالأمس، وأول من أمس وماسكين سيرة بعض، ومقطعين فروة بعض .. ووحشانى موت، آه يا كاذبة..

لن أتحدث عن العواقب الصحية للبوس فى الشتاء، جحيم لا يطاق، الناس لا تستعمل المعجون أو حتى السواك ومصرة على التقبيل قهرا، يحضن ونازل بوس وهو مضروب بإنفلونزا الطيور، وكأنك حبيب غائب، أو مسافر زاده الخيال.

الأمر يحتاج إلى حملة تطعيم ضد الإنفلونزا، جحيم القبل يكلفنا كثيرا، ظاهرة البوس فى الشارع باتت طقس المصريين، تقول ينبوع عواطف انفجر إذ فجأة، شلال من البوس والأحضان، يتبادلون القبل فى الطرقات، والجديد «بوس مشبك» من اللى قلبك يحبه، الفم فى الفم والروج فى الروج.. 

غرام المصريين بالبوس الحلال له قصة، وليس وليد عواطف مشبوبة، ولا المصريون إذ فجاة أو فجعة صاروا «عاتفيين» بالتاء كسرا للغة، أخشى أنه تعبير عن جفاف المشاعر وخواء العواطف، الريح يصفر فى القلوب الفارغة فتصدر أصوات يحسبها البعض من صوت القبل شوقاً.

ما زاد عن حده انقلب إلى ضده، والمصريون يقبلون بعضهم آناء الليل وأطراف النهار، يقبلون على النواصى والحارات وفى محطات الأتوبيس وأنفاق المترو، يقبلون صبح وظهر وعصر ومغرب وعشاء، يقبلون وليس عليهم جناح، ويستفتون شيوخهم فى جواز القبلة فى نهار رمضان، ويفسرون القبلة فى الأحلام، وبعضهم يقبل وجنتيه أمام المرأة إذا لم يجد من يقبله، يؤنس نفسه من فرط الوحدة، ونفر منهم يفضل تقبيل الحيوانات الأليفة، ولم يفكر يوما هى راضية عن رائحة فمه، ولكنها عادة رذيلة باتت مرذولة ولكنها من طقوس اللقاء.

قبلة أم كلثوم تحسها شوقا، وجحيم عبدالوهاب تتمناه من كل قلبك، هذا ما وجدنا عليه آباءنا فى فن الغناء والعشق والغرام، وفى كتاب القبل سبعة أنواع من البوس المثير للعواطف لا يتعاطاها المصريون، فالقبلة الفرنسيّة تعتمد على تبادل الأنفاس الحارة، وهذه القبلة تتمتّع بشعبيّة واسعة فى مختلف دول العالم وهى عادةً خيار الثنائيّات المفضّل، هل جربت الأنفاس الحارة وأنت بارد؟

أما قبلة الإسكيمو فعجيبة، بفرك أنفكِ بأنف الشريك لإظهار المودّة وتشارك الضحك والمرح وسط أجواءٍ مميّزة. قد تبدو لكِ هذه القبلة بريئة وناعمة، ولكن نؤكّد لكِ أنّ بعد دقائق معدودة ستتحول إلى جحيم عبدالوهاب. 

لن أستفيض فى شرح أنواع القبل اكتفاء بالأسماء، هناك قبلة الشفة الواحدة، وقبلة شحمة الأذن، وقبلة الترقوة، وكلها قبل مجربة ومؤكدة النتائج لكن سأتوقف قليلا أمام القبلة الجليدية، وهى أقرب القبل إلى عادة المصريين، قبلة مثلجة، قبلة ميتة، هل جربت أن تقبل ميتا، لها مذاق الموت.

هل يكف المصريون يوما عن البوس والأحضان، مثلا أيام الأحد يُمنع تقبيل النساء فى مدينة «متشيجان» الأمريكية لأنه يوم الرجال، هل يمكن أن نمتنع اختياريا عن القبل يوم الجمعة لأنه يوم الصلاة الجامعة.

تبادل قبلة لمدة أطول من ثانية واحدة فى مكان عام هى جريمة يعاقب عليها القانون فى ولاية «ميريلاند» الأمريكية، القبلة المصرية لا تنتهى، القبلة المصرية ممطوطة، إذا شارك المصريون فى مسابقة أطول قبلة بريئة لفازوا بكل المراكز.

هل يتقبل المصريون قانونا منع البوس؟، أذكر مرة اقترح نائب طيب منع البوس خشية الإنفلونزا نال تقريعا وتلويما ورفضا وسخرية، الرجل قرر أن يبوس رءوس الصحفيين اعتذارا عن غلطته فى حق البشر، وحتى يثبت أنه نائب صالح. 

الباحثون فى المجال العلمى يطلقون على علم القبل «فيليماتولوجى» وتترجم إلى العربية بمعنى «علم استكشاف القُبل»، كم تمنيت أن أكون عالما فى الفيليماتولوجى، ومن خلال هذا العلم تكتشف أن ثلثى الناس يحنون رءوسهم إلى جانب اليمين حين تبادل القبل مع تغميض العينين، هذا عن القبل العاطفية الطبيعية حتى لا يفهم البعض البوس «غلط».

حديث القبل ليس غريبا على الأسماع فالممثلة سلوى خطاب نقل عنها وآخريات رفعن شعار «لا للقبل السينمائية»، وأذكر حجم الإقبال على فيلم «قبلات مسروقة» لخالد الحجر لأسباب عاطفية، وتطور الأمر إلى «بوس الواو» لهيفاء حبيبة رجب، صدق عبدالوهاب، وكله إلا البوس، فحرقنا نفوسنا فى جحيم من القبل.