كتبت : مروة سنبل
يبدو أن العلاقة المتوترة بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ووسائل الإعلام الأمريكية، لن تهدأ قريبًا، وربما تشهد منعطفات أكثر حدة، بحسب ما يؤكده المراقبون، فمنذ تنصيبه فى 20 يناير الماضى، أنتقد “ترامب” بشراسة وسائل إعلامية مختلفة أوردت تقارير كشفت عن خلل ومشاكل داخل البيت الأبيض.
"ترامب" وصف الصحافة بأنها "كاذبة" و"فاسدة" و"فاشلة"، بل أتهم الإعلام صراحة وبلا مواربة، في تغريده له على موقع " تويتر" بأنه "عدو الشعب الأمريكى".
تلك الإتهامات هى الأعنف والأكثر حدة فى تاريخ أى رئيس أمريكى، فجميع رؤساء البيت الأبيض حرصوا على إقامة علاقات مهنية مع الصحافة ووسائل الإعلام، لكن "ترامب" ليس رئيسًا "تقليدياً”.
علاقة متوترة
"لا تكن وقحًا".. عبارة صادمة وجهها "ترامب" لمراسل شبكة “سى إن إن“، عندما وجه له سؤالا، ليرفض "ترامب" الإجابة ويرددها مرة أخرى بنبرة أعلى حدة وأكثر صارمة: "لا تكن وقحًا .. أخباركم كاذبة”.
وتصاعد المواجهة غير المسبوقة بين الرئيس الأمريكى والإعلام ليس جديدًا، فمنذ أن قرر الملياردير "دونالد ترامب" خوض السباق الرئاسى، وضع الصحافة ووسائل الإعلام موضع اتهامات، وقال إنها تنفذ أجندة لصالح خصومه، وأنها تختلق الأخبار وتركز على كل ما هو سلبى، بل جعل ترامب من هجومه على الإعلام ووصفهم بـ "المنحازين” ركيزة لحملته الانتخابية.
وبعد فوزه بالانتخابات الرئاسية، أتهم "ترامب" الإعلام بتحريض المتظاهرين ضده، وكتب حينها على “تويتر” قائلا: "كانت هناك انتخابات رئاسية مفتوحة وناجحة جدا، والآن يحتج محتجون محترفون يحرضهم الإعلام.. هذا ظلم واضح".
كما أتهم "ترامب" وسائل الإعلام بالكذب والتقليل من حجم الحشد الجماهيرى الذي شارك في حفل تنصيبه، مقارنة بتنصيب الرئيس السابق باراك أوباما .
العلاقة المتوترة بين ترامب والإعلام تسير بوتيرة متصاعدة، فبغض النظر عما إذا كان "ترامب" تعمد إثارة الجدل حوله خلال السباق الرئاسى، وإشعال الحرب مع وسائل الإعلام الأمريكية، إلا أنه من المؤكد الآن أن استمرار حدة تلك المواجهة ليست فى صالحه، بحسب تأكيدات المراقبون، فالمادة الأولى من الدستور الأمريكي تضمن حرية التعبير، والتى لطالما تحمل من أجلها رؤساء أسئلة صعبة للغاية وحرصوا على الإجابة عليها بكل هدوء، بينما يصمم ترامب على خوض المعارك السياسية والإعلامية مع خصومه بلا توقف، متفاخرا بفريق محاميه الضخم ورغبته بملاحقة من يرتكب مخالفة بحقه.
اتهامات ووعيد
أنتتقد "ترامب" وسائل الإعلام بشكل قاسِ ليدافع عن الشهر الأول لإدارته، وذلك خلال مؤتمره الصحفى الذي عقده الخميس الماضى بالبيت الأبيض، بعد شهر من توليه الرئاسة، حيث خصص الجزء الأكبر من المؤتمر للهجوم على الصحافة والإعلام وأتهمها بـ "انعدام النزاهة" و"أنها خرجت عن السيطرة”.
"كلها أخبار مزيفة.. إدارتي متناغمة وناجحة.. وهناك من يحقد علينا في وسائل الإعلام” هكذا وصف "ترامب" التقارير الإعلامية حول إدارته، والتى أطاحت مؤخرا بمستشار الأمن القومي مايك فلين، على خلفية اتصالات مشبوهة بين "فلين" ومسئولين روس، ووعد بالتحقيق في التسريبات التى تخرج من المخابرات المركزية.
وركز "ترامب" هجومه على شبكة "سى إن إن"، وصحيفة "نيويورك تايمز" مشيرا إلى أن وسائل الإعلام لا تتحدث من أجل مصالح الشعب، بل للمصالح الخاصة"، ومن ضمن وسائل الإعلام التى هاجمها ترامب فى مؤتمره الصحفى أيضا صحيفة "وول ستريت جورنال" والتى نشرت مقالا تتحدث فيه عن حجب الاستخبارات الأمريكية معلومات حساسة عن ترامب بسبب أزمة ثقة غير مسبوقة فى الرئيس الجديد.
وتطورت المعركة الكلامية عبر “تويتر”" بعد وقت قصير من وصول "ترامب" إلى ولاية فلوريدا، حيث نشر رسالة هاجم فيها وسائل الإعلام، وكتب فى تغريدة على صفحته بموقع “تويتر” قائلا “إن وسائل الإعلام الكاذبة ليست عدوتى، بل عدوة الشعب الأمريكى"، وخص بالذكر صحيفة نيويورك تايمز وشبكة "سى أن أن"، و"أن بى سى"، و"أى بى سى"، و"سى بى أس".
وعاد مرة أخرى مساء السبت الماضي، وأعلن وسط أول تجمع جماهيرى له منذ توليه الرئاسة، أنه لن يتسامح مع وسائل الإعلام الأمريكية في حال كذبها على الناس، وأضاف "بات الإعلام جزءًا كبيرًا من المشكلة، وهو تركة نظام فاسد فى نفس الوقت.
يعتمد "ترامب" على "تويتر" كونه وسيلته للرد على الإعلام والوسيلة المباشرة للتواصل مع أنصاره، فى الوقت الذي تشير فيه وسائل إعلامية أمريكية أن ترامب متأرجح بين أقصى الهجوم علي وسائل إعلامية مغضوب عليها، وأخرى تدعمه، لذلك تحظي بدعمه ويكافئها بعقد اللقاءات مثل شبكة "فوكس نيوز"، وصحيفة " نيويورك أوبزرفر" التي يملكها صهره جاريد كوشنر زوج ابنته إيفانكا، كبير مستشاريه، إلا أن " ترامب" يدرك أهمية الإعلام وأهم المؤشرات على ذلك أنه يستعد لإطلاق قناة تليفزيونية خاصة به، حسب ما أكدته مصادر إعلامية متعددة، لتتولى مهام الدفاع عنه وعن أجندته.