رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مصر فى حماية آل البيت الكرام

25-10-2023 | 08:04


حب المصريون لآل البيت ممتد عبر العصور

بقلم: عبد اللطيف حامد

#مجلة_المصور | #فى_محبة_الرسول_صلى_الله_عليه_وسلم 
مصر فى حماية آل البيت الكرام

بقلـم: عبد اللطيف حامد

لا يختلف أحد من الفقهاء أو كتاب السير أو المؤرخين على حب المصريين لآل البيت الطيبين عليهم جميعا السلام، وأنهم دائما كانوا ومازالوا محط الاحتفاء العظيم، والإجلال الرفيع، والحفاوة الغامرة من جموع الشعب، ومختلف فئاته، وكافة طبقاته، وجميع أطيافه، على مر العصور، وتتابع الأزمان، بل يكاد أن يكون هناك إجماع على القناعة المصرية المتوارثة جيلا بعد جيل، والعقيدة الراسخة فى القلوب قبل العقول أن أم الدنيا محفوظة بفضل الله أولا بدليل ذكرها تصريحا وتلميحا فى عدة مواطن بالقرآن الكريم، ثم بالوصايا النبوية بأهلها حتى قبل فتحها، وصولا إلى حمايتها ورعايتها بمساجد وأضرحة آل البيت الكرام المنتشرة بطول وعرض الوطن، وتتواصل جولات ورحلات العاشقين للعترة النبوية إليها ليل نهار.

والثابت تاريخيا، والمؤكد جغرافيا أن محبة أهل المحروسة للسادة آل البيت رضوان الله عليهم جميعا عامرة فى الصدور، وساكنة فى الألباب منذ صدر الإسلام، وليست وليدة الحكم الفاطمى، ودخول المذهب الشيعى مع الحكم الفاطمى كما يحاول البعض أن يروج له من المتطرفين والمتشددين دينيا، مع تمرير قصة أن الاحتفال بالمولد النبوى وشراء الحلوى كان على أيدى الفاطميين، لأن الأدلة المتواترة، والشواهد المتتابعة تؤكد أن الصلة بين بيت النبوة وبين المصريين ضاربة فى عمق الدعوة الإسلامية، وممتدة الجذور، تشريفا لمصر وناسها الموحدين، فقد وضعها الرسول صلى الله عليه وسلم فى مقدمة الأمم والدول التى أرسل إليها رسائل الدعوة للإسلام، والإيمان بالدين الحق، وكان رد المقوقس حاكم مصر يليق بمقام خاتم الأنبياء والمرسلين، فلم يسئ معاملة حامل رسالة النبى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم على غرار كسرى ملك الفرس وقيصر ملك الروم، بل أهدى عظيم القبط إلى سيد المرسلين، السيدة مارية القبطية، ويا له من تصرف نبوى حكيم، وتفكير عظيم عندما تزوجها النبى الكريم، وأنجب منها سيدنا إبراهيم عليه السلام، ثم تتابعت الأحاديث النبوية فى حق أهل مصر تشريفا لنا، ومنها ما معناه «ستفتح عليكم بعدى مصر، فاستوصوا بقبطها خيرا فإن لكم منهم ذمة ورحما»، وأيضا قوله صلى الله عليه وسلم فيما معناه «إذا فتح الله عليكم مصر، فاتخذوا بها جندا كثيفا، فذلك الجند خير أجناد الأرض، قال أبو بكر رضى الله عنه: لم يا رسول الله؟» قال عليه الصلاة والسلام ما معناه «لأنهم وأزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة»، اللهم أجعل مصر آمنة مطمئنة بحق هذا الحديث النبوى الكريم إلى أبد الآبدين.

ورغم تعدد محطات العشق المصرى لآل البيت الأطهار على مدى الأزمنة والدهور، إلا أن المحطة الأبرز كانت بعد واقعة كربلاء لأهل بيت النبى صلى الله عليه وسلم بقيادة سبطه وريحانته الإمام الحسين واستشهاده رضى الله عنه،. علما بأن خروجه من المدينة إلى العراق، لم يكن خوفا من بطش الأعداء أو أنه تعرض لمكايدة كما يصور بعض الخبثاء الذين يدسون السم فى العسل، لأنه رضى الله عنه رفض أن تستباح حرمة المدينة المنورة من أتباع وجنود يزيد، بل إنه كان على يقين أنهم سيدركونه لا محالة، وبالتالى أراد أن يحجم الفتنة، ويقلل الخسائر بين الصحابة رضوان الله عليهم جميعا، والله أعلم وبعد عودة السيدة زينب ومن معها من سيدات آل البيت العفيفات والأطفال إلى المدينة المنورة، توالت محاولات التضييق عليهم من أجل اختيار مكان جديد حتى لا يكون وجودهم مبعثا لكراهية الأمويين، والخروج عليهم بمرور الأيام، ورغم تعدد الاختيارات، وكثرة البدائل من مدن وحواضر بلاد الله الواسعة، اطمأنت قلوب آل البيت الأنقياء إلى مصر، فكان القرار بالرحيل، والإسراع فى المغادرة إليها، فكان الاستقبال رائعا، والحفاوة بالغة لدرجة أنه حسبما يقول كتاب السيرة، تسابق المصريون على المشاركة فى هذا الحدث التاريخى، وسارعوا إلى الاحتفاء بالركب المبارك، وحملوا الهودج على أكتافهم، وقدموا الرجاءات وتفننوا فى التوسلات لاستضافة آل البيت، ولم تنقطع هذه الآمال، ولم تتوقف تلك الأفعال إلا بعد قبول السيدة زينب ومن معها توسل والى مصر الذى كان فى الاستقبال بالنزول فى داره، وفتح كل الأبواب أمامها لتستقبل من تشاء وقتما تشاء، وحرص الوالى وحاشيته على حضور جلسات العلم فى دارها لفهم الأمور الدينية، إلى جانب الإصرار على أن يكون حكمها هو الحاسم فى أى شكوى ترد إلى ديوان المظالم حتى أطلق عليها الناس «رئيسة الديوان».

وهنا لابد من وقفة مع هذا المشهد لأن له دلالة مهمة، ويحمل إشارة واضحة، وهى أن الوالى والصحابى مسلمة بن مخلد بن صامت ومعه جموع الشعب المصرى كانوا على علم بحقد الخليفة يزيد بن معاوية على السيدة زينب ومن معها رضوان الله عليهم أجمعيا، لأنها كانت تحذره من مغبة التورط فى دم الحسين عليه السلام، وأن عاقبة الظالمين ما أخطرها وما أسوأها، وتجاهل المصريون والوالى هذه المحاذير، وقدموا حب آل البيت على أى اعتبار آخر، وهنا جاء دعاء صاحبة المقام الطاهر «يا أهل مصر، نصرتمونا نصركم الله، وأويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، وجعل لكم من كل مصيبة فرجا، ومن كل ضيق مخرجا»، ويقينى ككل الشعب أن مصرنا الغالية ستظل فى أمن وأمان واطمئنان بفضل هذه الابتهالات المباركة، والدعوات الطيبة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وتواصلت حلقات الشوق المصرى لآل البيت الأطهار فى كل العهود، فالجميع يتسابقون فى المزيد من العناية، والكثير من الرعاية بأضرحتهم ومقاماتهم الشريفة، وتعتبر هذه الفترة واحدة من أهم فترات التطوير الشامل والتحسين الكامل فى مزارات آل البيت رضوان الله عليهم، فى ظل توجيهات رئاسية واضحة لتعود هذه المساجد إلى سابق عهدها، وبما يليق بمكانة آل البيت فى نفوس المصريين، وها هو المشهد الحسينى فى أبهى صوره، ثم مسجد السيدة نفيسة، وتستمر حركة التطوير فى مساجد السيدة زينب، والسيدة فاطمة النبوية، والسيدة رقية، والسيدة سكينة، والسيدة حورية، وسيدنا على زين العابدين، وسيدنا أحمد البدوى، والأجمل أن هذه المساجد مفتوحة أمام المصلين والزوار الذين يتوافدون إليها فرادى وجماعات طلبا للبركة، ورجاء للقبول، وحصنا للفرج، وفى نفس الوقت عملية التطوير مستمرة لتحقيق أفضل معدلات الإنجاز فى وقت قياسى.

حمى الله مصر وشعبها وقيادتها ومؤسساتها الوطنية من كل سوء.

الآن يمكنك الاشتراك في مجلة المصور النسخة الورقية أو الإلكترونية من خلال الرابط التالي

https://ahramstore.ahram.org.eg/InnerEsdar.aspx?ID=2893
#المصور