علماء المسلمين (30- 23)| عبد القاهر الجرجاني.. مؤسس علم البلاغة وإعجاز القرآن
شهد تاريخ الحضارة الإسلامية العديد من العلماء البارزين الذين قدموا إسهامات كبيرة في مجالات معرفية متنوعة مثل: العلوم التطبيقية، الدينية، اللغوية، الفلسفية، الطبية، والاجتماعية، وقد أسس هؤلاء العلماء قواعد ومناهج علمية راسخة في أبرز العلوم التي استفاد منها الإنسان على مر العصور وحتى يومنا هذا.
وفي سلسلة خاصة تقدمها بوابة «دار الهلال» خلال شهر رمضان المبارك، سنستعرض يوميا أحد هؤلاء العلماء المسلمين المبدعين ونلقي الضوء على إسهاماتهم العظيمة في مختلف ميادين المعرفة.
نبدأ في حلقتنا الأولى بالتعرف على أبرز علماء اللغة العربية والأدب، الذين قدموا أعمالاً قيمة أثرت هذا المجال وأسهمت في تقدمه.
عبد القاهر الجرجاني.. أحد مؤسسي علم البلاغة
يعد أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجُرْجَانِيّ (400 - 471هـ/1009- 1078م) أحد مؤسسي علم البلاغة، ويعد كتاباه: "دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة"، من أهم الكتب التي أُلفت في هذا المجال.
نشأ عبد القاهر في جرجان وهي أحد المدن الشهيرة في إيران الآن، لأسرة فقيرة، ولكنه كان يحب العلم منذ صغره، ومطلع على الثقافة، وكان يحب أن يقرأ كثيرًا، وخاصةً في مجال النحو والأدب، حتى صار نحوي ومتكلم.
وعلى الرغم من عشقه للغة والأدب لم يستطيع أن يخرج من مدينته للدراسة ولكن عوضه الله عن ذلك حيث كان له عالمين كبيرين كانا يعيشان في جرجان وهما: أبو الحسين بن الحسن بن عبد الوارث الفارسي النحوي، نزيل جرجان، الذي أخذ منه العلم، والقاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني، قاضي جرجان من قبل الصاحب بن عبّاد، والذي أخذ منه علوم الأدب، وقرأ كتابه الوساطة بين المتنبي وخصومه.
ترك الجرجاني آثارًا مهمة في الشعر والأدب والنحو وعلوم القرآن، كـ ديوان في الشعر، وكتب عدة في النحو والصرف نذكر منها كتاب "الإيضاح في النحو" وكتاب "الجمل"، أما في الأدب وعلوم القرآن فكان له: "العوامل المئة" و"إعجاز القرآن" و"الرسالة الشافية في الإعجاز" و"دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة" وقد أورد في كتابيه الأخيرين، معظم آرائه في علوم البلاغة العربية.
و"دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة" تعد من أهم الكتب التي أُلفت في هذا المجال، الذي ألفهما الجرجاني وذلك لبيان إعجاز القرآن الكريم وفضله على النصوص الأخرى من شعر ونثر.
وقد قيل عنه: كان ورعًا قانعًا، عالمًا، ذا نسك ودين، كما ألف العديد من الكتب، وله رسالة في إعجاز القرآن بعنوان "الرسالة الشافية في إعجاز القرآن" حققها مع رسالتين أخريين للخطابي والرماني في نفس الكتاب كل من محمد خلف الله أحمد ومحمد زغلول سلام، وهي من أفضل ماكُتِب في الإعجاز نفى فيها الجرجاني القول بالصرفة، مؤيداً كلامه بالأدلة القاطعة، والحجج الدامغة.