أكتوبر .. أغنية في حب الوطن
بقلم : محمد المكاوى
وتتداعي ذكريات يوم السادس من أكتوبر عام 1973.. كنت وقتها في المرحلة الابتدائية، وفجأة اقتحمت علينا المدرسة الفصل وقالت:
«ياللا روحوا.. الحرب قامت» وخرجنا من المدرسة سريعا وفي هدوء - مدرسة البشري الابتدائية - بحلمية الزيتون بالقاهرة، والغريب أننا لم نشعر في الشارع بما يوحي بوجود حالة حرب.. فالمحال مفتوحة .. ووسائل المواصلات تسير كالمعتاد.. حركة الناس والسيارات عادية جداً.. شيء وحيد فقط يتنامى إلي مسامعنا في الطريق، وهو الأغنيات الوطنية.. والموسيقي الحماسية لنشيد «الله أكبر».
وفي بيتنا، التليفزيون يبث رائعة «الوطن الأكبر» لعبدالحليم حافظ وشادية ونجاة وصباح ووردة، وكلما تنتهي يعاد بثها من جديد بين نشرات الأخبار والبيانات العسكرية، ولم تكن أغنيات أكتوبر قد ظهرت للنور بعد..
وتمضي السنون بعد الانتصار العظيم - 44 عاماً- ومازالت «وطني الأكبر» هي أجمل ما أبدع نجوم زمن الفن الجميل من أغنيات وطنية كلاما ولحنا وأداء، كتبها شاعر غنائي كبير مرهف الأحاسيس هو «أحمد شفيق كامل» صاحب أجمل الأغنيات الوطنية للعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ ..
ذكريات.. حكاية شعب.. مطالب شعب.. خللي السلاح صاحي، ولعبدالوهاب «يانسمة الحرية ويا جمال النور» وغيرها كثير لنجوم الغناء آنذاك، ورغم محاولات البعض واجتهادهم لاستنساخ مثل هذه الأغنية في النصف الثاني من التسعينيات، بزعم أن الوحدة العربية الحقيقية لم تتحقق بعد، ومازالت حلما يداعب خيال الشعوب فكان أوبريت «الحلم العربي» من كلمات مدحت العدل وألحان حلمي بكر وصلاح الشرنوبي، وشارك فيه كل نجوم الغناء في الوطن العربي.. كاظم الساهر وإيهاب توفيق والجسمي وأصالة نصري وحميد الشاعري ومحمد الحلو ووليد توفيق ولطفي بوشناق وصابر الرباعي وليلي غفران وذكري وديانا حداد وناصر المزداوي لكن تظل «الوطن الأكبر» هي المعبر الحقيقي عما يجيش في الوجدان تجاه مفهوم الوطن الواحد.. ووحدة اللغة والدين والثقافة والعادات والتقاليد .. ربما كان المد القومي قد وصل إلي ذروته في سنوات الخمسينيات والستينيات، وكان من نتاجه مثل هذه الأغنية، ولكن بعد وفاة عبدالناصر تم منع كل الأغاني الوطنية التي كان يذكر فيها اسمه، أو حتي أنتجت في سنوات عهده، ومع اندلاع شرارة المعركة أفرجت الإذاعة عن هذه الأغنيات، وتزامن معها رائعة عليا التونسية «ياحبايب مصر» من تأليف مصطفي الضمراني وألحان حلمي بكر أيضا، ورائعة «راجعين راجعين» للموسيقار علي إسماعيل ونبيلة قنديل، حيث كانت بالصدفة إحدي أغنيات فيلم يوسف شاهين «العصفور» ولم يكن الجمهور قد شاهدها بعد، فوجد مخرجه أنها مناسبة لتكون إحدي أغنيات المعركة، فأهداها للإذاعة المصرية مع انطلاق البيان العسكري الأول لعبور قناة السويس واجتياز خط بارليف.
خلاصة القول إن الأغنية الوطنية التي تصدر من قلب الفنان تظل دوما في الوجدان مهما مر عليها الزمن، وربما هذا هو الفارق وهو السر في خلودها في حين أن هناك العشرات، بل المئات من الأغنيات الوطنية تم تقديمها في العشرين سنة الماضية مثلا، وأنفقت عليها الملايين ولا يكاد يتذكرها أحد الآن، بل إننا في أي أزمة وطنية أو حدث جلل تمر به البلاد لا نجد غير أغنيات الخمسينيات والستينيات، وأغنيات معركة أكتوبر هي الأصدق في التعبير عن اللحمة الوطنية لأبناء الشعب الواحد والشعوب العربية، وهي ظاهرة جديرة بالتأمل والدراسة والتحليل من المراكز البحثية المهتمة بقياس اتجاهات الرأي العام، أو ممن يهتمون بالارتقاء بالذوق العام.
معجزة السماء
- رسالة طويلة تقع في 4 صفحات من الفلوسكاب الكبير تلقيتها من قارئ الكواكب الدائم «أشرف النجار» - منية سندوب - المنصورة - يقول فيها: أتمني وأرجو من سيادتكم إصدار عدد خاص عن الموسيقار الخالد الرائع المعجزة «محمد فوزي» قل ما تشاء، فهذا الفنان سابق عصره بمراحل عديدة وتفوق علي الجميع.. ونريده عدداً مصوراً رائعاً.. مليئاً بالصور النادرة، وكنت قد شاهدت علي الإنترنت صورا تجمع بينه وبين عبدالحليم حافظ ومديحة يسري، وصوراً أخري سبق لـ«الكواكب» نشرها تجمع بينه وبين عبدالوهاب وعبدالحليم، ياليتكم تعيدون نشرها، إضافة إلي صورة مع الراحل فريد الأطرش المنافس الأول له، حيث سبق «الكواكب» إصدار 3 أعداد خاصة عن محمد فوزي في أعوام 1996 و2008 و2015 وللأسف الشديد فقدت هذه الأعداد الرائعة بعدما أغرقت المياه شقتي وحزنت جدا علي أعداد فريد شوقي وفاتن حمامة وإسماعيل ياسين وأحمد رمزي، فأتمني الاستجابة لطلبي وإصدار عدد جديد عن محمد فوزي خاصة وأن ذكراه الـ «51» يوم 20/10/2017 وذكري ميلاده الـ «99» مرت منذ أسابيع يوم 28/8/2017.. رحم الله هذا الفنان الخالد.
وفي نهاية رسالته يقترح القارئ العزيز الاهتمام بإصدار الأعداد الخاصة عن نجوم الفن الكبار.. أمثال محمود المليجي، إضافة إلي نجوم الكوميديا، إلي جانب أعداد أخري خاصة تناقش القضايا السينمائية.
وللقارئ العزيز صاحب هذه الرسالة أقول:
إننا دوما نهتم بكل رموز الفن المصري، وحتما سوف نصدر مثل هذه الأعداد في القادم من الأيام، لأن تاريخ «الكواكب» هو جزء أصيل من تاريخ هؤلاء النجوم، وجزء أصيل من تاريخ السينما المصرية والحياة الفنية في مصر منذ ثلاثينيات القرن الماضي وإلي الآن.. فتحية إليك وإلي سطورك التي تنبض حباً وعشقاً لـ «الكواكب» ونجوم زمن الفن الجميل.