رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


هل تؤثر حملات المقاطعة؟

11-11-2023 | 15:06


د. أمانى ألبرت,

مقاطعة شراء منتجات معينة هي نوع من المعاقبة والتأديب السلمي، والمقاومة بالامتناع المتعمد عن التعامل مع طرف آخر، فهي سحب كل العلاقات ورفض التفاوض في أي معاملات تجارية مع شخص أو منشأة وعرفتها الأمم المتحدة في ميثاقها كما في المادة (٤١) حيث تنص: «وقف العلاقات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفًا جزئيًّا أو كليًّا».

ويعود مصطلح المقاطعة (Boycott) في التاريخ لعام 1880م، وهو مشتق من اسم الكابتن الإنجليزي تشارلز بويكات الذي كان يعمل مديرًا للعقارات قام برفع قيمة الإيجارات، مما تسبب ذلك في غضب المجتمع الأيرلندي، الذي لم ينقذه منهم سوى قوة عسكرية كبيرة، ومن ذلك الوقت والمصطلح شائع.

وقد تمكنت أمل قديمًا وحديثًا من تحقيق ضربات اقتصادية موجعة لدولة أو منظمة أو شركة ما، فهي تمثل ضغط اقتصادي على علامة تجارية ما ربما بسبب نشاطها التجاري الواضح أو عدم احترامها لحقوق الإنسان والبيئة أو المشاركة في ممارسات تجارية غير أخلاقية، وقد يقاطع المستهلك العلامة التجارية بسبب ما يشعر به تجاه بلد المنشأ لأسباب سياسية أو عسكرية وربما يكون السبب عدوان بلد على آخر.

وقد شهد التاريخ على العديد من حملات المقاطعة الاقتصادية، أبرزها  ما حدث ضد دولة جنوب أفريقيا، لتتوقف عن ممارستها العنصرية التي تنتهجها، واستمرت قرابة ثلاثين عامًا حتى أجبرت الحكومة على إجراء انتخابات حرة والتخلي عن سياستها العنصرية، وغيرها من حملات المقاطعة.

ويشير التاريخ لنجاح حملات المقاطعة في توجيه السلوك الشرائي للمستهلكين بعيداً عن منتجات بعينها وإلحاق خسائر واضحة بعلامات تجارية مرتبطة بانخفاض مبيعاتها أو رفض أسواق معينة لها، وهو ما توصلت له دراسة الباحثة   ميريهان محمود عبدالمنعم سيف، بعنوان «تعرض الجمهور المصري لحملات مقاطعة المنتجات الفرنسية عبر شبكات التواصل الاجتماعي وعلاقته بالسلوك الشرائي" (دراسة ميدانية) وقد حصلت على درجة الماجستير بتقدير امتياز مع التوصية بالطبع على نفقة الجامعة وتبادلها مع الجامعات الأخرى، من قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة 

وتشير نتائج الدراسة إلى أن موقع «فيسبوك» أكثر المواقع التي يتعرض لها المبحوثون، يليه «تطبيق واتساب»، ثم جاء في المرتبة الثالثة «يوتيوب». وفيما يتعلق بتعرض الجمهور لحملات مقاطعة المنتجات الفرنسية، فقد لوحظ أن أكثر من «ثلثي العينة» قد تعرضوا لهذه الحملات، في حين أن «فئة ضئيلة» لم تتعرض لهذه الحملات.

أما عن أسلوب تفاعل أفراد العينة مع حملات مقاطعة المنتجات الفرنسية عبر الشبكات الاجتماعية، فقد احتلت عبارة: «المشاهدة فقط» المركز الأول، تلا ذلك أسلوب التفاعل من خلال «أقوم بعمل إعجاب على المنشورات الخاصة بحملات مقاطعة المنتجات الفرنسية»، في حين جاء في المركز الثالث عبارة: «جميع ما سبق»، وكان تفاعلهم يشمل: المشاهدة، والقيام بعمل إعجاب، والتعليق على المنشورات، ومشاركتها سواء على الصفحة الشخصية للمبحوث أو مشاركتها عبر الصفحات والمجموعات المختلفة الأخرى. 

وحينما طلب من أفراد العينة توضيح الأسباب التي دفعتهم للتفاعل مع حملات مقاطعة المنتجات الفرنسية عبر شبكات التواصل الاجتماعي، اتضح أن عبارة: «شعوري بالمسئولية تجاه ديني» جاءت في مقدمة الأسباب، تلا ذلك عبارة: «للرد على الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم»، ثم جاءت عبارة: «لجعل فرنسا تغير من سياستها تجاه المسلمين» في المركز الثالث. 

وحينما طلب من المبحوثين تحديد ما إذا كان تعرضهم لحملات مقاطعة المنتجات الفرنسية عبر شبكات التواصل الاجتماعي دفعهم لكراهية العلامات التجارية الفرنسية أم لا، لوحظ «موافقة» ما يزيد على نصف أفراد العينة، تلا ذلك «محايدة» الجمهور، ثم جاء نسبة ضئيلة من المبحوثين الذين لم يتأثروا بحملات المقاطعة ولم تتولد لديهم أي مشاعر كراهية أو حقد لتلك العلامات التجارية الفرنسية. 

وفيما يتعلق بأسباب كراهية أفراد العينة للعلامات التجارية الفرنسية، وجد أن «عدم احترام العقيدة» تصدرت المرتبة الأولى، تلا ذلك «الصورة السلبية للدولة منشأ العلامة التجارية»، ثم جاء «اختلاف الخلفية الثقافية» في المرتبة الثالثة.

وجاءت نتائج العوامل المؤثرة في سلوك الجمهور بمقاطعة المنتجات على النحو التالي: جاء عامل «كلما زاد إدراكي بفداحة فعل الشركة، زاد احتمال مقاطعة منتجاتها» في الترتيب الأول، يليه «أشعر بالرضا نحو نفسي لأني أشارك بهذه المقاطعة»، ثم جاء في الترتيب الثالث عامل «تجبر المقاطعة الدولة على تحسين أسلوبها وتغيير سياستها»، ثم عامل «تؤثر شبكات التواصل الاجتماعي على سلوكي نحو مقاطعة المنتجات». 

أما عن أنواع المنتجات الفرنسية التي قاطعها أفراد العينة، احتلت «مستحضرات التجميل والعناية الشخصية» المركز الأول، تلتها «الإكسسوارات والعطور»، ثم «المنظفات الصناعية». 

وعن تأثير حملات مقاطعة المنتجات الفرنسية على السلوك الشرائي لدى الجمهور، فقد جاءت عبارة: «ساهمت هذه الحملات في استبدالي المنتجات الفرنسية بمنتجات محلية وأجنبية» في المرتبة الأولى، تليها عبارة: «ساهمت هذه الحملات في مقاطعتي كافة المنتجات الفرنسية دون استثناء»، كما لوحظ ارتفاع الاتجاه المحايد للجمهور تجاه عبارة: «ساهمت هذه الحملات في مقاطعة المنتجات الفرنسية التي لها بديل فقط».