رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


أرجو قبول اعتذاري

16-11-2023 | 16:42


وفاء أنور,

بدا شاحبًا، بدا مهمومًا مكسورًا، نبأتني نظرات عينيه عن عتاب عظيم استطاع إخفاؤه عني متعمدًا خلف ابتسامته الممتلئة حياءً، سعى جاهدا لكي ينطق بجملة كانت قد ترددت في الإفصاح عن مكنونها؛ كان هادئًا حد الصخب، غاضبًا حد التعاطف، أومأت برأسي منتظرة حديثه الآتي لكنه لم يأت بعد، لذلك بدأت أنا، حدثته برفق كمن يحمل بين يديه كأسًا من زجاج رقيق يتحرك به على مهل خشية كسره وهو يحرص كل الحرص على إبقائه سليمًا قدر الإمكان برغم وعورة الأرض التي يسير عليها بقدميه. 

قلت له: "تحدث بما تود الحديث به معي فرد قائلًا: "ومن أدراكِ ياسيدتي أنني أحمل أي عتاب لكِ  قلت: "عتاب ..هذا ما أحسسته وأنا أرى نظرات عينيك توجه لي لومًا على شيء فعلته وأنا لست مدركة له، رد قائلًا: "سأخبرك عن هذا الشيء الذي أغضبني منك؛ أسرعت قائلةّ: "قل كل ما يغضبك دفعة واحدة وسوف أتفهم الأمر، قال: "إنكِ تعلمين أنني من متابعينك، وتعلمين أيضًا مدى محبتي وسعادتي بكل ما تكتبين، ولكن سيدتي إنكِ تعذبينني حقًا حينما تكتبين عن المرأة وتنصفينها على الرجل حد الظلمِ.

التقطت كلماته مسرعةً دون أن أبدي تحفزًا للرد عليه كما كنت أفعل في السابق؛ تغيرت حين أيقنت جديته في حديثه ورغبت في معرفة السبب المبهم لهذا الهجوم الهادئ، قال: "مشكلتي الأولى تكمن مع المرأة التي اخترتها كي تكون شريكة لحياتي؛ المرأة التي اخترت الاقتران بها عن قناعة وبكامل حريتي، ثم توقف قليلًا فقلت له مشجعةً أكمل حديثك فإني أفهم بعض الشيء ما تود قوله، أكمل وسأعدك بأنني لن أقاطعك محاولة تبرير موقفي أو فرض وجهة نظري فأنا ممن يؤمنن بحق كل إنسان في التعبير عن نفسه مادام قد التزم أدب الحوار وسلك مسلكًا يبرهن به على مدى تقديره لي ولأفكاري حتى وإن اختلف معي.

قال: "أنا كما تعلمين من المتابعين الجيدين لكل ما تقولينه كل ما تكتبين أو تنطقين به في وسائل الإعلام المختلفة قلت: "أكمل حديثك وسأستمع لك حتى تخرج كل ما لديك من شعور بالألم، قال : "أنا أغضب كثيرًا حينما تتحدثين عن المرأة فقلت : حسنًا ، وما وجه غضبك أو اعتراضك ؟ قال لي: "سيدتي أنتِ تعلمين أن بعض النساء لسن بهذه الصورة التي تتعاطفين معها وتصرين على أنصافها، فأنا عل سبيل المثال من المتضررين من التعامل مع المرأة ولدى العديد من التحفظات أرجو أن تلتمسي لي العذر فأنا لم أكن أود إخبارك منذ فترة؛ فأنا أتعامل مع امرأة تفتقد لكل معانى الاهتمام والتقدير لزوجها الذي لا يتأخر عن خدمتها والذي يحارب هذا العالم القاسي لكي يوفر لها راحتها واحتياجتها، أدركت على الفور أن الجرح الذي أصابه جرح عميق وأن الصورة تحمل العديد من المتناقضات التي لم أتخيلها وأنا أتحدث عن المرأة وأعمم في وصف دورها العظيم كما أراه من وجهة نظري.

ربما تكون هذه الأحداث كانت مختبئة ومحتجبة عني؛ لتظهر فجأة كأنها جلسة إفاقة تصدمني لتنبهني أن الأمر لا يجب أن يشتمل على تجربتي، فنحن لسنا نسخًا متكررة ولسنا ملائكة لا تقع في الخطأ؛ كان على أن أقدم له الاعتذار وأتقبل عذره ولذلك قررت كتابة الحوار لإنصاف هذا الرجل وكل الرجال الذين يعايشون قصته ويشعرون بما يشعر به إنهم يعيشون محتضنين الأشواك لأجل إعمار منازلهم التي تضم بين جدرانها قصصًا متشابهة تجعلهم يتحملون هذا مرغمين لأسباب عديدة كنت قد تجاهلتها أو نسيتها بغير عمد.

إليكَ سيدتي أتوجه بالحديث الآن؛ إن كان الله قد منحك ومن عليكِ برجل يتحمل لأجلك كل المتاعب ويفني نفسه من أجل إسعادك فلا تتوهمين بأنه سيبقى هكذا إلى أخر العمر صامتًا هادئًا فلكل صبر نهاية ولكل حد كفاية، أدعوك للوقوف أمام مرآة نفسك؛ حدثيها بصدق عن شريك حياتك الذي تعيشين إلى جواره آمنةً مطمئنة. 

كوني على استعداد لتصحيح مسارك إن اقتضى الأمر منك ذلك، استمعي إليه بصبر يفوق حجم صبره عليكِ، عامليه بما تودي أن يعاملك به واعلمي أنه إنسان حر، احذري الاقتراب من منطقة الكرامة وعزة النفس فهو على أتم استعداد للاستغناء عنك إن رأى هذا أو أحب، إنه ليس أسيرًا أو سجينًا، استعدي لمواجهة من تعود إصدار أحكامه بعد مداولة عقله قبل قلبه، أفيقي من غفلتك قبل فوات الأوان وتشبثي جيدًا بمن اختارك من بين جميع النساء ليقترن بكِ.