الـ«فوي».. قادم!
د. هبة سعد الدين,
على يمينك كلمة غريبة تتكرر ثلاث مرات ؛ فلا تدرى ما المقصود منها ولم هذه التركيبة؟ وهل حرف الفاء المعتاد أو أنه النسخة الإنجليزية؟؟ ولم ذلك التكرار الثلاثى؟؟، وبالتأكيد ستتساءل عن معنى الكلمة بمفردها ؛ فالصورة الذهنية لل "فوى" لاتتجاوز صوت مركبة تتحرك أيا ماكانت سرعتها ؛ خاصة أنها تتكرر!
وعلى يسارك فريق عمل يطرح نفسه بعيدا عن فكرة البطل المعتاد والأفلام المصرية التى تحيط به وتجاوره فى العرض وعلى مدى إنتاج العام وما سبق، فهو لم يأتِ بالخلطة المضمونة من رومانسية كوميدية أكشنية أو حالة "الكوميديا" على الطريق أو إمساك العصا من المنتصف بين كل هذا ، فهو لم يفعل!
وبين هذا وذاك : حصاد ثلاثين مليون جنيه منذ بدء العرض منتصف سبتمر فى شباك التذاكر حتى الآن، وحفاظ على الصدارة فى ظل الظروف المحلية والإقليمية التى ألقت بظلالها على كل شىء؛ وهذا لو تعلمون عظيم!! ،كل ذلك بعد حصوله على تمثيل مصر فى مسابقة أوسكار الفيلم الأجنبى ؛ ليجمع بين الكم والكيف الفنى.
هكذا جاء فيلم "فوى فوى فوى" الذى نجح مخرجه وكاتبه عمر هلال أن يجعل من معنى اسمه حالة موازية لتجربته الأولى ، فكلمة "فوى" معناها "أنا قادم" ؛ حيث يطلقها لاعبو الكرة من فاقدى البصر ليعلن كل منهم عن وجوده ، حاميا نفسه من الاصطدام بالآخرين ، وقد جعل من فيلمه إعلانا عن قدوم تجربة مختلفة عن غيرها ؛ سواء بقصتها أو حبكتها وتفاصيلها وفريق عملها الذى صمد فى الصراع الجماهيري حتى الآن ؛ وتحدى المقاييس المعتادة للجمع بين شباك التذاكر والرؤية السينمائية القادرة على ضبط الايقاع داخل الأحداث التى أصبحت نوعا ما معروفة!
فبعد سعى لمدة خمس سنوات كما ذكر المخرج عمر كمال فى حوارته، جاء الـ"فوى فوى فوى" بقصته الواقعية ؛ وهى استغلال مجموعة من الشباب لفريق كرة قدم من غير المبصرين للهجرة غير الشرعية، وقد راهن على الاعتماد على التجربة الواقعية والتشويق والمتناقضات حتى اللحظات الأخيرة، واستعان بفريق عمل بدايةً من محمد فراج فى أول بطولة سينمائية نسبيا، وصنع "خلطته" من أحلام الجميع الذين تميز كل منهم ؛ سواء طه دسوقي أو بيومى فؤاد وكذا الأم حنان يوسف وكذا جميع المشاركين الذين أتقن كل منهم "الحالة" الفوية التى سيطرت على الأحداث ليتألقون معا، ويحققون المعادلة الصعبة فى عمل صنع بصمته فى كل شىء وحبس الأنفاس طوال الأحداث بحثا عن إتمام الهروب.