رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


كارثة: ترابيزات قمار رياضية «أونلاين» تنهب أموال الشباب

20-11-2023 | 15:33


صورة أرشيفية

تحقيق يكتبه: محمد أبوالعلا
«قمار رياضى أونلاين».. كارثة تهدد الشباب، بعدما انتشرت وجذبت الكثير من الشباب وصغار السن تحت وهم الربح المضمون. الكارثة كشفها أحمد حسام «ميدو» الذى فجر مفاجأة وأعلن أن أبناءه يتعاملون مع أحد المواقع الخاصة بالمراهنات على المباريات مما دفعه إلى تقديم بلاغ ضد الجهات التى تدير هذه المواقع. ما قاله «ميدو» كشف حجم المشكلة والتى تحولت إلى «ترند» بين الشباب الذين يتسابقون فى الانضمام إلى المراهنات تحت وهم الربح السهل لمجرد توقع نتائج المباريات، واحتمالية مضاعفة الأموال إذا صدق التوقع، لكن الحقيقة أنهم فى النهاية يتعرضون لعملية نصب ونهب لأموالهم، على ترابيزة قمار رياضية وصلت إلى بيوتهم أونلاين. ملف كبير سيفتح بشكل أكبر خلال الأيام المقبلة، وهو ملف «المراهنات الأونلاين فى مصر» الذى بات واقعا مريرا وبدأت شهوة الفلوس تتلاعب بعقول الشباب؛ من أجل استغلالهم فى المراهنات، والأمر الصادم الآن أن هناك آلاف الشباب يتعاملون بالمراهنات فى الدورى المصرى ودورى الدرجة الثانية أيضا، عبر هذا التطبيق والذى لا يتماشى مع عادات المصريين أو الأديان أيضا، وهو ما يفرض على الآباء والأمهات متابعة ماذا يفعل أبناؤهم على أجهزة الموبايلات قبل فوات الأوان والدخول فى نفق مظلم لا يعلم نهايته أحد، حيث بدأ هذا التطبيق فى تقديم خدماته سنة 2007 فى قبرص، لكنه سرعان ما وسع نطاق أعماله وخضع لإعادة هيكلة شاملة سنة 2011 مع التركيز أكثر على المقامرة «أونلاين». حاليا تمتلك الشركة ملايين العملاء وتحقق أرباحا بالمليارات تزداد سنويا، لاسيما مع دعمها لوسائل دفع متنوعة والسحب السريع للأرباح، والرقم المرعب أن عدد المستخدمين من داخل مصر حاليا أصبح بالملايين والنسبة الأكبر منهم أطفال من عمر 12 عاما فيما أكثر. البداية فى مونديال 2022 لم يكن أحد داخل مصر يسمع عن تطبيقات المراهنات على شبكات الإنترنت، حتى جاء موعد انطلاق كأس العالم الماضى2022، عندما أعلن الاتحاد الدولى لكرة القدم «الفيفا» عن توقيع شراكة رسمية مع أحد تطبيقات المراهنات وسمح بالتفاعل والتعامل عليه للتوقع على مباريات المونديال، وهنا كانت بداية معرفة الشباب فى مصر من محبى الكرة العالمية بهذا التطبيق، وقرروا فى البداية تجربته على سبيل الفضول، ثم بدأت أعداد المستخدمين فى تزايد سريع للغاية ومخيف وانتشر بين أوساط الشباب تطبيق يتيح التوقع مقابل مبالغ مالية كبيرة، وبالفعل بدأ مئات بل آلاف الشباب فى المراهنة والفوز إلى أن وصلت أعدادهم حاليا لملايين دون أن يشعر آباؤهم بهذه الكارثة، حيث يبدأ الزائر بوضع مبلغ قليل من المال ثم يبدأ بالمقامرة ويفوز فى البداية وفق سياسة الوافدين الجدد للتطبيق، حتى يبدأ الشخص فى الخسارة ومن هنا يصبح الأمر بمثابة الإدمان، ويصبح عبدًا لهذا «الشيطان الأونلاين» بل وأصبح أكثر من تطبيق مشابه أيضا ينافس لحجز جزء من الكعكة وبدأوا فى تقديم عروض ترويجية لجذب أكبر عدد من المستخدمين أيضا. أحد المستخدمين لهذا التطبيق كشف أنه بدأ بالفعل فى المراهنات على مباريات الدورى المصرى والقسم الثانى، مؤكدا أن الأمر كان فى البداية مجرد لعبة «وبدأت اللعب بمبلغ 20 جنيها وسرعان ما تضاعف المبلغ إلى 2000 جنيه وهو ما جعله يستمر فى اللعب والتوقع حتى يتضاعف هذا المبلغ وكل ذلك دون تعب أو عناء مطلقا، بل بضغطة زر من التليفون الخاص به يتم الربح، بل إنه قرر أن يخبر أصدقاءه بالمدرسة بما حدث معه والأموال التى ربحها حتى تبعه الجميع لنفس التطبيق، ومن هنا جاء الانتشار السريع لهذه الكارثة التى لا يعرف مدى توابعها أحد حتى الآن». وتحدث شاب آخر عما تعرض له مع هذه المراهنات، إذ كان يكسب أموالا كثيرة فى البداية إلى أن تحول الأمر إلى ما يشبه الكابوس، حيث دخل فى طريق الخسارة بعدما بدأ مع الوقت فى زيادة مبالغ المراهنات، إلى أن تحول الربح السريع إلى خسارة سريعة، التطبيق يبدأ فى استنزافه بشكل يومى، إلى أن تحول الأمر إلى رعب حقيقى، عندما خسر كل أمواله التى ربحها فى البداية، ثم بدأ فى إيجاد أموال أخرى سواء من أهله أو الاقتراض من أصدقائه لتعويض الخسارة حتى وصل به الأمر إلى السرقة أحيانا للتعويض إلى أن علم والده وقرر عدم منحه أى أموال جديدة وكانت نهاية هذا البرنامج بالنسبة له، وهو ينصح أى أحد الابتعاد عن هذا الشيطان قبل فوات الأوان. الدكتور زياد عبدالتواب، خبير التحول الرقمى وأمن المعلومات، والرئيس السابق لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء، كشف عن تجربه أحد أصدقائه الذى مر بكارثة بسبب هذا الملف واكتشفها من خلال متابعته لما يقوم به ابنه البالغ من العمر 20 عامًا، عندما لاحظ دخوله فى حالة من الانطواء والجلوس وحيدًا لفترات طويلة ممسكًا المحمول، إلى أن اكتشف بالصدفة دخوله إلى أحد المواقع الإلكترونية، والتى بها عدد من المسابقات والألعاب مثل كرة القدم واليد والسلة وألعاب القوى والتنس وسباقات السيارات وخلافه، والتى تعتمد على المقامرة الصريحة التى لا يوجد للمهارة أى دور فيها على الإطلاق، من خلال توقع نتيجة أى مباراة سواء الدوريات الأوربية أو المصرية، وهذا التطبيق موجود على منصات البرامج الخاصة بجميع أنواع التليفونات الذكية، ويعتمد على الرهان والمقامرة بشكل صريح، وهو ما يتضح من بيانات تلك الشركة التى تأسست عام 2007 وتم تسجيلها فى دولة قبرص وحصلت على ترخيص ألعاب القمار من جزيرة كوراساو فى جنوب البحر الكاريبى، ولم تشهد نموًا ولا شهرة كبيرة إلا بعد رعايتها لعدد من الأندية الأوربية فى عام 2019. «زياد» أكد أن الألعاب الموجودة متاحة بـ40 لغة، فى 134 دولة حول العالم وتبلغ أرباحها السنوية نحو 2 مليار دولار، أى نحو 64 دولاراً فى الثانية الواحدة، وكل هذا على حساب الشباب المغامر دون وعى. وأضاف أنه يجب على الدولة التصدى لهذا الخطر من خلال إصدار القوانين التى تحظر هذه المواقع والبرامج مثلما حدث فى دول أخرى فقد تم حظر هذه اللعبة فى المملكة المتحدة بعد ثبوت تورطها فى عدد من الأنشطة المشبوهة، منها ترويجها لعدد من المواقع الإباحية الشهيرة والترويج لمراهنات الأطفال، بالإضافة إلى الترويج لعدد كبير من المواقع غير القانونية، أما عن كيفية التسجيل فهى تتم من خلال رقم الهاتف ثم يقوم المستخدم بشحن محفظة اللعبة بما قيمته دولار واحد على الأقل أو ما يعادله بالجنيه المصرى، وهو ما يتم من خلال خدمات نقل الأمور المختلفة مثل المحافظ الإلكترونية أو الشحن على الطاير أو من خلال بطاقات الائتمان والتحويل بين الحسابات البنكية أو باستخدام العملات المشفرة أيضًا، الطرق السابقة أغلبها يعمل من داخل مصر، فاستعراض طرق الدفع الممكنة يوضح تواجد عدد كبير من الشركات والبنوك المحلية أيضًا، خاصة أن تلك الألعاب تعتمد على التخمين، فمنها على سبيل المثال توقع نتائج مباريات كأس العالم أو الدورى الأوربى لكرة القدم أو ألعاب أخرى مثل انطلاق طائرة وتوقع الزمن الذى تنفجر عنده، وبالطبع عندما يصح التوقع فإن القيمة المالية الموجودة تتضاعف ويمكن استبدالها بجنيهات مصرية، وفى حالة الخسارة وهى الأغلب حدوثها فإن مستخدم تلك اللعبة ومع حالتى الإثارة والطمع اللذين ينتابانه فإنه يقوم بشحن المحفظة مرة أخرى لاستمرار اللعب، وهذا بالنسبة لطفل أمر غير طبيعى، حيث يتجه هذا الطفل إلى السرقة مثلاً للاستمرار فى المراهنة؛ رغبة فى تعويض الخسارة وهو ما لم يحدث، بل يستمر فى الخسارة، ومن ثم يتحول الأمر إلى إدمان، وفى النهاية يجب على الأسرة أن تنتبه لهذه الظاهرة المخيفة قبل أن تتضاعف وتخطف أبناءهم وتحولهم لمدمني مراهنات صغار داخل المنزل. أكد الكاتبن علاء نبيل، رئيس قطاع الناشئين نادى زد ومدرب المنتخب الأسبق، أن المراهنات بالفعل دخلت مصر وهذه ظاهرة خطيرة للغاية، خاصة أنها بدأت بين جيل الشباب والسن الأصغر أيضاً، وللأسف دون علم عائلاتهم يقومون بممارسة المراهنات عن طريق الدخول من الموبايل الخاص بهم فى غياب دور الآباء والأمهات الذين لا يعلمون شيئا بكل أسف عن أبنائهم، وهذه نسبة كبيرة وليست قليلة داخل البيوت فى مصر حاليا وسط مشغوليات الحياة الكثيرة. وطالب مدرب المنتخب الأسبق، المسئولين أن يتصدوا لهذه الظاهرة والكارثة من وجهة نظره قبل الانتشار بشكل أكبر، فنحن مازلنا فى البداية، ويجب أن يتم التحكم فى بث هذه التطبيقات والمواقع الإلكترونية الخاصة بالمراهنات فى مصر، ويجب منعها فى الحال مثلما فعل، عدد من الدول فى الخارج، يضيف نبيل أرى أن المراهنات الأونلاين هى «السرطان الجديد» فى مصر، إذا لم يتم التحكم فيها من البداية ستنتشر وتصبح الظاهرة عامة وليست محدودة، كما يجب على الدولة التوعية من خلال دار الإفتاء ودور العبادة على حرمانية مثل هذه الظواهر، كما يجب على الأسر أن تلتفت لهذا الأمر أيضا، وتبحث خلف أبنائها، وماذا يفعلون من خلال هذا الجهاز الصغير ومراقبتهم وتوجيههم للطريق الصحيح، وإلا سوف ينتقل الأمر إلى الأعمار السنية المختلفة، ولن يكون مقتصراً على جيل الشباب فقط، وكشف نبيل تخوفه من دخول بعض الرياضيين، سواء اللاعبين أو الحكام أو المشجعين فى هذا المستنقع العميق، لأنه إذا حدث لن تكون هناك عودة للكرة المصرية أو الرياضة بشكل عام، لذا يجب على اتحاد الكرة ووزارة الرياضة سن قوانين صارمة لمنع هذا السرطان، ويجب على الإعلام أيضاً التوعية الدينية والثقافية من هذا الخطر حتى يتم إيقافه والقضاء عليه من البداية، ويجب وضع شعارات رسمية مثل «لا للمخدرات» على سبيل المثال فيمكن أن نوجه لحملة ضخمة عنوانها «لا للمراهنات»، وقتها سيعلم الجميع أنه أمام مرض يريد أن يقضى عليه ويجب القضاء عليه قبل انتشاره. الدين يمنع المراهنات ومن جانبها أعلنت دار الإفتاء المصرية، عن عدم جواز الرِّهان والقمار لأنهما لا يتفقان مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وأنهما من المحرمات باعتبارهما مِن أفراد الميسِر وأيضا مِن أكلِ أموالِ الناسِ بالباطلِ، علاوةً على ما يترتب عليهما من المضارِّ النفسية والمالية والحياتية.