رئيس مجلس الادارة
عمــر أحمــد ســامي
رئيس التحرير
طــــه فرغــــلي
للمرة الأولى منذ 6 سنوات.. الرئيس الصينى فى الولايات المتحدة «دعاية مروجة لأمريكا .. ونتائج «غير مرضية»
صورة أرشيفية
تقرير : سلمى أمجد
بعد سنوات من الدعاية المناهضة للولايات المتحدة ، حرص الرئيس الصينى شى جين بينغ على تقديم صورة ودية لبلاده لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة فى اجتماع تاريخى مع نظيره الأمريكى جو بايدن يوم الأربعاء الماضى ، مما يمثل تحولًا ملحوظًا فى لهجة بكين العدائية المعتادة بشأن واشنطن.
إذ نشرت وكالة أنباء شينخوا الرسمية، يوم 13 نوفمبر الماضى، مقالًا مطولًا باللغة الإنجليزية حول المودة الدائمة من «شى» تجاه المواطنين الأمريكيين العاديين، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، وتضمن المقال صورًا قديمة للرئيس الصينى وهو يجلس فى جرار مع أحد المزارعين من ولاية أيوا، وظهر فى صور أخرى وهو يزور المنزل الذى أقام فيه ذات مرة وهو طالب جامعى أمريكي. وفى مواضع أخرى ظهر «شى» أثناء مشاهدة مباراة فى الدورى الأمريكى للمحترفين.
كما نشرت وكالة أنباء شينخوا سلسلة من خمسة أجزاء باللغة الصينية تحت عنوان «التوصل إلى اتفاق بين الصين والولايات المتحدة والعلاقات تعود إلى مسارها الصحيح». ووعد مقال افتتاحى لصحيفة الشعب اليومية، الناطق بلسان الحزب الشيوعى، باتخاذ عواقب قانونية لأى شخص يسعى إلى إخراج العلاقات الأمريكية الصينية عن مسارها، وظهر هذا التغيير فى اللهجة مفاجئا حتى للصينيين أنفسهم حيث كانت الدعاية الصينية منذ وقت قريب تحذر من أن المحاولات الأمريكية لتخفيف التوتر مجرد ادعاءات، وفى تصريحات سابقة بثتها وسائل الإعلام الرسمية الصينية، كانت وكالة أمن الدولة فى الصين تحث المواطنين على توخى الحذر من الجواسيس الأمريكيين.
جاء هذا التحول بالتزامن مع زيارة الرئيس الصينى «شى» إلى سان فرانسيسكو، والتى تعد الزيارة الأولى له منذ أكثر من 6 سنوات، حيث كانت التغطية الإيجابية للحدث بمثابة خروج عن الخطاب النموذجى المناهض للولايات المتحدة والذى غالبا ما يتم بثه عبر الدولة الصينية ووسائل التواصل الاجتماعى لأجل تعزيز نمو القومية الصينية مع اندلاع التوترات بين البلدين فى السنوات الأخيرة. كذلك جاء فى الوقت الذى يعانى فيه الاقتصاد الصينى من أزمة سوق العقارات وارتفاع معدل الدين ونسبة البطالة بين الشباب.
وقد أراد «شى» من زيارته التاريخية فى هذا التوقيت العصيب إلى إقناع واشنطن والعالم بأنه على استعداد للتعامل مع الولايات المتحدة، لجذب الاستثمار الأجنبى لدعم اقتصاد بلاده المتعثر. كما أراد أيضاً أن يثبت لشعبه حرصه على الدفاع بقوة عن مصالح بكين، وصقل صورتها كقوة عالمية على قدم المساواة مع الولايات المتحدة، وليست كقوة ثانوية تقدم التنازلات، مع طمأنة العالم بأن هذه الطموحات لا ينبغى أن تؤدى إلى صراع مع الولايات المتحدة، ولتحقيق هذا التوازن، سعى «شى» إلى تصوير نفسه كواحد من رجلين سيقرران ما إذا كانت الولايات المتحدة والصين تختاران التعاون أو الصراع، وهو الاختيار الذى «يقرر مستقبل البشرية»، وبذلك تعكس رسالة شى فى قمة سان فرانسيسكو، كما صورتها الملخصات الصينية الرسمية، أولوياته المزدوجة، والمتناقضة فى بعض الأحيان، والتى يأمل الكثيرون أن تساعد فى ضخ الاستقرار فى العلاقات الثنائية المتقلبة وهى: إظهار القوة والرغبة فى التعامل مع واشنطن. حيث دخل بايدن وشى إلى المحادثات سعيا إلى تهدئة فترة مضطربة فى العلاقات التى ساءت أكثر بعد مرور بالون مراقبة صينى مشتبه به عبر الولايات المتحدة وأسقطته طائرة مقاتلة أمريكية فى فبرايرالماضى.
وقد اتفق الرئيسان جو بايدن وشى جين بينغ يوم الأربعاء الماضى على فتح خط ساخن رئاسى واستئناف الاتصالات العسكرية بين الجيشين التى قطعتها الصين بعد أن قامت رئيسة مجلس النواب آنذاك نانسى بيلوسى بزيارة تايوان فى أغسطس 2022. والعمل على الحد من إنتاج الفنتانيل، وهى السبب الرئيسى لزيادة جرعات المخدرات فى الولايات المتحدة. حيث قال بايدن: «إنها ستنقذ الأرواح»، مضيفاً أنه يقدر «التزام» «شى» بشأن هذه القضية. واتفقا أيضًا على جمع الخبراء معًا لمناقشة مخاطر الذكاء الاصطناعى، مما أظهر تقدمًا ملموسًا فى أول محادثات مباشرة بينهما منذ عام، وبالطبع جاء كل من تغير المناخ والأوضاع فى غزة وأوكرانيا على رأس الملفات التى تمت مناقشتها بين الرئيسين، كما تحدث بايدن عن مخاوف الإدارة الأمريكية بما فى ذلك المواطنون الأمريكيون المحتجزون فى الصين وحقوق الإنسان فى شينجيانغ والتبت وهونج كونج وأنشطة بكين العدوانية فى بحر الصين الجنوبى.
وفيما يتعلق بتايوان، حث «شى» الولايات المتحدة على وقف إرسال الأسلحة إلى تايوان ودعم «إعادة التوحيد» السلمى مع تايوان، بينما شدد بايدن على الحفاظ على الوضع الراهن وعلى احترام الصين للعملية الانتخابية فى تايوان. ووصفت الصين المحادثات بأنها «إيجابية» و«شاملة» - فى حين سلطت الضوء أيضًا على جهود شى لتوضيح الأمور غير القابلة للتفاوض فى بكين مثل موقفها من تايوان والجهود الأمريكية المتصورة لاحتواء صعود الصين، كما تعتبر مظاهر الترحيب الحار وإظهار الحضور القوى بجانب بايدن أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة للرئيس «شى»، الذى يقول المحللون إنه لم يكن حريصًا على تحقيق الاستقرار فى علاقة معقدة فى وقت الضعف الاقتصادى فحسب، بل كان أيضًا حريصًا على تقديم نفسه لجمهوره المحلى.
ومع ذلك، سيتم اختبار ما إذا كان هذا التحول دائمًا بالنسبة للعلاقة المثيرة للجدل بين البلدين، خاصة بعد التعليقات التى أدلى بها بايدن خلال مؤتمر صحفى منفرد بعد الاجتماع. حيث كرر وجهة نظره بأن «شى» (ديكتاتور)، فجاء رد فعل بكين عنيفاً، وعندما سُئل المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية عن تعليق بايدن الأخير فى مؤتمر صحفى لوزارة الخارجية الصينية يوم الخميس الماضى، وصفه المتحدث بأن التصريح «خاطئ للغاية» و«مناورة سياسية غير مسئولة، وهو ما تعارضه الصين بشدة»، وقال مسئول أمريكى للصحفيين بعد الاجتماع إن «شى» أبلغ بايدن بأن وجهات النظر السلبية للحزب الشيوعى فى الولايات المتحدة غير عادلة.