رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مكتبة الإسكندرية تناقش تحديات تداول المعلومات في العصر الرقمي

28-11-2023 | 15:42


جانب من الفعالية

هدى فرج

 نظمت مكتبة الإسكندرية من خلال مركز الدراسات الاستراتيجية بقطاع البحث الأكاديمي، اليوم، حلقة نقاشية بعنوان «تحديات تداول المعلومات في العصر الرقمي: بين المصداقية والشائعة» ضمن سلسلة «حوارات الإسكندرية»، بحضور لفيف من الخبراء والمتخصصين والأكاديميين والمثقفين. 

أدار اللقاء الأستاذ الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، وتحدث فيه الدكتور عبد العزيز بن صقر؛ رئيس مركز الخليج للأبحاث بالمملكة العربية السعودية، والأستاذ الدكتور ماجد عثمان؛ رئيس المركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة) ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق، واللواء الدكتور عز الدين عبد الرحمن عوف؛ مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، والدكتور ياسر عبد العزيز؛ الخبير الإعلامي ومستشار هيئة الإذاعة البريطانية الأسبق.

وقال الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، إن المجتمعات تعتريها مظاهر تغير سريعة، وقد أدت التغيرات الكبيرة في مجال الاتصالات والمعلومات إلى تدفقات وسيولة في المعلومات فتحت مجالات من الحرية لكن تم استخدامها أيضًا بشكل سلبي كبير. ولفت إلى أن تدفق المعلومات أمر طبيعي ومفيد، فالمعلومات هي التي تنظم حياة وآفاق الإنسان، ولكن عندما تتاح بشكل مغلوط أو تمثل خطأ أو كذب أو شائعة فهي تتحول لأداة سلبية فيما يسمى بحروب الجيل الرابع والخامس.

ولفت إلى أن الشعوب التي لا تمتلك مقومات تكنولوجية تتعرض لمخاطر كبيرة، إذ يتم تأطير عقول شبابها ودفعهم لأفعال تتنافى مع الوجود والقيم الأصيلة لتلك المجتمعات، مؤكدًا أن مسألة تداول المعلومات تتعلق بالعديد من القضايا الأخرى كالاقتصاد والأمن القومي وأيضًا التماسك والنظام الاجتماعي. 

من جانبه، تحدث الدكتور عبد العزيز بن صقر؛ رئيس مركز الخليج للأبحاث بالمملكة العربية السعودية، عن قوة العلاقات المصرية السعودية، مؤكدًا أنها علاقة راسخة منذ القدم وممتدة في الآفاق، معربًا عن سعادته لتوقيع مذكرة تعاون اليوم بين مكتبة الإسكندرية ومركز الخليج للأبحاث بالمملكة العربية السعودية.

وقال إنه في عصر السماوات المفتوحة والتدفق الإعلامي والإعلام الجديد، ظهرت العديد من التحديات أبرزها انتشار الشائعات، وأصبح من الضروري أن تضح الحكومات ضوابط للحد من الشائعات التي تنهال على المجتمعات العربية، وفي هذا الصدد أصدرت المملكة العربية السعودية مشروعًا لتنظيم الإعلام، يمنع التعرض لما من شأنه الإخلال بالنظام العام أو تشجيع الإجرام والتحريض على العنف، أو الإضرار بالعلاقات مع الدول الصديقة أو يحث على الفرقة والكراهية. 

وتحدث أيضًا عن قضية الأمن السيبراني ومخاطر تخريب البيانات وتسريب المعلومات، لافتًا إلى أن المملكة العربية السعودية أسست الهيئة الوطنية للأمن السيبراني التي تسعى لتأمين حوكمة كاملة للأمن السيبراني، ووضع إدارة فعالة وزيادة الوعي بالأمن السيبراني وحمايته.

وشدد الدكتور عبد العزيز بن صقر على ضرورة اضطلاع المؤسسات المختلفة بدورها في حماية المعلومات، وأن تتعاون مراكز الفكر المختلفة لتعزيز حالة الوعي في المجتمع، وتفعيل ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وزيادة التعاون بين الدول العربية في مجال الأمن السيبراني، وإصدار قانون يحمي امهنة الإعلامي.

من جانبه، تحدث الدكتور ماجد عثمان؛ رئيس المركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة) ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق، عن أهمية التفريق بين المعلومات الخاطئة والمضللة، فالمعلومات الخاطئة قد تحدث عن غير قصد، أما المضللة فيكون ورائها أجندة، قد تكون سياسية أو لتحقيق ربح. 

وأضاف أن مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت العديد من الأمور للعالم كله، وأصبح الإعلام التقليدي هو الذي ينقل عنها دون تحقق، وبالتالي يجب أن نعرف كيف نتعامل معها في ظل انتشار المعلومات الخاطئة والمضللة.

ولفت إلى وجود عدد كبير من التحديات منها اتساع دائرة منتجي البيانات، فقد كانت الدولة هي المنتج الوحيد للبيانات منذ قديم الأزل ولكن الآن لدينا قطاع خاص ومؤسسات ومواطنين منتجين للبيانات. وأكد على أهمية وجود حوكمة للمعلومات في صورتها الجديدة، وأن يتم مراجعة هذه الحوكمة بشكل دوري. وشدد أيضًا على أهمية معرفة أساليب فرز البيانات والمعلومات، وتوخي الحذر عند نشر المعلومات التي قد تكون خاطئة أو مضللة.

وشدد في حديثه على أن الحق في المعرفة والمعلومات هو حق كل مواطن، ويجب أن ننظر للمعلومات على أنها مُمكنة وليست مضرة، مع الأخذ في الاعتبار اعتبارات الأمن القومي والخصوصية الشخصية وحماية براءات الاختراع، مؤكدًا أن التوسع في منع المعلومات العادية يضر بالاقتصاد ويعيق فرص ونجاحات كثيرة.  

وفي كلمته، أكد اللواء الدكتور عز الدين عبد الرحمن عوف؛ مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، أن المعرفة حق كل إنسان على وجه الأرض، وأن التكنولوجيا أصبحت شيء أساسي في حياة الأجيال الجديدة، لكنها أثرت على ترابط العائلات، وأصبح تأثيرها أقوى من العائلة. 

ولفت إلى أن الاستراتيجية العسكرية تتغير بشكل كبير بناء على المستحدثات حولها ومن ضمنها التكنولوجيا، كما أن الفكر العسكري تطور، ويتم استخدام التكنولوجيا الحديثة للسيطرة على الدول دون الخوض في الحروب. 

وشدد على أن الفرد هو حائط الصد للدولة، فلو لم يكن قويًا تصبح الدولة هشة، لذا يجب على الدول الاهتمام بالتعليم والمعرفة وزيادة الوعي بأهمية الولاء والانتماء. 

من جانبه، قال الدكتور ياسر عبد العزيز؛ الخبير الإعلامي، ومستشار في مجال الإعلام والاتصال، إن التقدم في مجالات الاتصالات والمعلومات غير مسبوق في التاريخ، ولكن يقابله تراجع معلوماتي غير مسبوق في التاريخ.

وأضاف أن حالة المعلومات العالمية هشة وأكثر قابلية للتلاعب من أي وقت مضى، كما أن المعلومات تزداد والحقائق تقل.

وتحدث عبد العزيز عن حالة المعلومات من خلال خمسة أحداث مرت بالعالم منذ عام 2019، أولها جائحة كوفيد-19 التي أُطلق عليها "جائحة معلوماتية"، جراء انتشار المعلومات المضللة والأمور التي لم تكن قابلة للإثبات.

ولفت إلى "الاحتكار المعلوماتي" خلال الحرب الروسية الأوكرانية والتي شهدت استغلال الدول قدراتها اللوجستية على التحكم في وسائل التواصل العالمية والهيمنة على الاتصال، وحجب الرسائل ومنع وسائل الإعلام من البث.

وأشار إلى الحرب السودانية والتي أطلق عليها "العتمة" حيث اتسمت بكونها نزاع خطير لكنها شهدت شح معلوماتي رهيب، وفي مقابلها زلزال تركيا وسوريا الذي اتسم بالشفافية والتدفق في المعلومات. وأكد أن أزمة حرب عزة ينطبق عليها وصف "الواقع الفائق"، فهناك واقع حقيقي وآخر فائق ينتج بالمعلومات المضللة. 

وقال إن الشائعات تزداد بسبب تضارب المصالح، والمعلومات المضللة أصبحت أداة قتال وأداة فعل سياسي، يمكن أن تفعل ما لا تستطيع نيران المدافع أن تفعله. ولفت إلى أن انخفاض قدرات التربية الإعلامية وزيادة التضليل يزيد العوالم الموازية ويفقد المواطن القدرة على الحكم الذاتي العقلاني وبالتالي يتخذ القرارات الخاطئة.

وشدد على أهمية وجود قانون لتداول المعلومات، وتعزيز الحالة المعلوماتية الوطنية وأدوات الاتصال، وتعزيز مهارات التربية الإعلامية لدى المواطنين لمعرفة كيفية التعامل مع وسائل الإعلام وفهم الأخبار وعدم الانخراط في نشر الشائعات. 

جدير بالذكر أن «حوارات الإسكندرية» هي سلسلة من الحلقات النقاشية دشنتها مكتبة الإسكندرية في نوفمبر الماضي بمبادرة من الأستاذ الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، وهو لقاء دوري يتم من خلاله فتح حوار مفتوح بين المنصة؛ والتي تضم عددًا من الخبراء والمتخصصين وبين الحضور لمناقشة كل ما يتعلق بالشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي؛ تأكيدًا على دور مكتبة الإسكندرية بأن تكون همزة الوصل بين مسئولي ومثقفي الدولة والجمهور، ومد جسور التعاون بين أركان الحركة الثقافية المصرية، والمشاركة في استشراف سياسات مستقبلية