رئيس مجلس الادارة
عمــر أحمــد ســامي
رئيس التحرير
طــــه فرغــــلي
قمر التجسس الصناعى هل سيجعل المنطقة أكثر أماناً؟
صورة أرشيفية
تقرير: أمانى عاطف
لم يسلم العالم من التجارب الصاروخية لكوريا الشمالية وتهديدها لجيرانها حتى نجحت فى وضع قمر صناعى فى المدار للتجسس بعد محاولتين فاشلتين أجرتهما فى وقت سابق من العام الجارى. تعهد الزعيم الكورى الشمالى كيم جونج أون، بإطلاق المزيد من الأقمار بهدف مراقبة القوات الأمريكية فى المنطقة، فى تحدٍ للإدانة الدولية من الولايات المتحدة وحلفائها. ليبقى السؤال الأهم: هل سيجعل قمر التجسس الصناعى الجديد لكوريا الشمالية المنطقة أكثر أمانا، ولماذا السياسة الأمريكية الحالية فى التعامل معها غير مستدامة؟
سباق الفضاء الكورى له آثار كبيرة على أمن شبه الجزيرة الكورية فبعد محاولتها وفشلها مرتين فى وضع أول قمر صناعى للتجسس العسكرى فى مداره فى وقت سابق من هذا العام، تدعى كوريا الشمالية أنها نجحت وتغلبت على جارتها الجنوبية، التى خططت لوضع أول قمر صناعى للتجسس فى المدار فى 30 نوفمبر الجارى. إن امتلاك أقمار صناعية للاستطلاع من شأنه أن يحسن قدرة كل منهما فى الدفاع عن نفسها ضد الأخرى أو مهاجمتها. تعد المعلومات المحدثة أمرا بالغ الأهمية بالنسبة لـ«سلسلة القتل» فى كوريا الجنوبية، وهو نظام الضربات الوقائية الذى تطوره للحماية من الترسانة النووية لكوريا الشمالية. وتعتبر القدرة على تحديد مكان وجود قادة كوريا الشمالية من شأنها أن تضفى مصداقية على تهديد الجنوب بالقضاء عليهم إذا هددوها. أما كوريا الشمالية التى تخشى بشدة من الغزو الأميركى، فسوف تحصل من جانبها على إنذار مبكر بشأن تحركات القوات ضد حدودها. إذا اندلعت الحرب، يمكن للأقمار الصناعية أن تساعد كلا الجانبين فى تحديد مواقع قوات الطرف الآخر وتدميرها.
احتفل الزعيم كيم بحضور علماء وأفراد عائلة « بعصر جديد من القوة الفضائية»، ظهر كيم مع ابنته جوى آى وهو يحيى الموظفين الذين ارتدوا الزى الرسمى، ونشرت وسائل الإعلام الرسمية صوراً لكيم فى حفل استقبال ضم موظفى ناتا وكبار المسئولين العسكريين وزوجته رى سول جو.
وأعلنت كوريا الشمالية أنها سترسل قوات مسلحة أقوى وأسلحة جديدة إلى الحدود مع كوريا الجنوبية بعد أن علقت سيول بندا من اتفاق عسكرى أبرم عام 2018 بين الكوريتين احتجاجا على إطلاق بيونج يانج قمرا اصطناعيا للتجسس. وقالت وزارة الدفاع فى سيول إنها ستستأنف أيضًا أنشطة «المراقبة الجوية على الخطوط الأمامية» لكوريا الشمالية. وأنشأ الجيش الشامل بين الكوريتين مناطق عازلة ومناطق حظر جوى بالقرب من الحدود المدججة بالسلاح بين الكوريتين، ويتضمن أيضا حظرًا على استخدام المدفعية والتدريبات البحرية وأنشطة المراقبة، فضلاً عن خطوط الاتصال المفتوحة. بينما قالت وزارة الدفاع الكورية الشمالية فى بيان إنها ستستأنف جميع التدابير العسكرية التى أوقفتها بموجب الاتفاق الذى يهدف إلى تهدئة التوتر بين الكوريتين.
وأدانت الولايات المتحدة وحلفاؤها إطلاق القمر الاصطناعى ماليجيونج - 1 الذى تم تحت إشراف الزعيم الكورى الشمالى كيم جونج أون، ووصفته بأنه «انتهاك صارخ» لعقوبات الأمم المتحدة. بينما أفادت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية بأن الإطلاق «سيساهم بشكل كبير فى تعزيز الاستعداد للحرب للقوات المسلحة لكوريا الشمالية بشكل قاطع»، وقالت الوكالة إن القمر الصناعى ماليجيونج - 1 أ طلق إلى الفضاء بصاروخ تشوليما - 1 الجديد. فى حين لم يصدر أى تأكيد على نجاح عملية الإطلاق من قبل الولايات المتحدة أو اليابان أو كوريا الجنوبية، التى كانت جميعها تراقب عملية الإطلاق عن كثب وتعمل مع بعضها البعض لتقييم الحدث. إن الوجود الكورى الشمالى فى الفضاء من شأنه أن يزيد من التوترات العسكرية فى شبه الجزيرة ويسلط الضوء على عدم فعالية العقوبات الدولية.
يرى المحللون أن قمر التجسس الصناعى لكوريا الشمالية يشكل أهمية كبيرة، بغض النظر عن مدى تقدم التكنولوجيا التى تمتلكها بيونج يانج، ويشير إلى أن قدرات بناء الصواريخ الباليستية قد وصلت إلى مستوى أعلى. ويُعتقد بالفعل أن الدولة قادرة على ضرب البر الرئيسى للولايات المتحدة بسلاح نووي؛ والآن تزعم أنها قادرة على التجسس على قوات العدو. ولكن حتى لو كان القمر الصناعى، كما يعتقد بعض الخبراء، ليس متقدما تكنولوجيا بالقدر الكافى لإجراء استطلاع عسكرى وربما لا يتمكن إلا من تحديد الأهداف الكبيرة مثل السفن الحربية والطائرات، فإن استخدام الأقمار الصناعية المتعددة التى وعدت بها كوريا الشمالية من شأنه أن يحسن بشكل كبير قدرتها على مراقبة القوات الأمريكية والكورية الجنوبية واليابانية عن بُعد. ويؤكد قدرة بيونج يانج على الالتفاف على عقوبات الأمم المتحدة التى تستهدف برامجها للصواريخ الباليستية والأسلحة النووية وربما بمساعدة نظام آخر معزول دوليا وهو الكرملين.
الخبراء أكدوا أيضا أن امتلاك صاروخ يمكنه وضع قمر صناعى فى مداره يشير إلى أن الشمال قادر أيضاً على بناء صاروخ قادر على حمل رأس حربى بحجم مماثل للقمر الصناعى - وهو تطور مثير للقلق اعترف به رئيس كوريا الجنوبية، يون سوك يول، ويعد تطوير قمر صناعى للمراقبة عنصرًا أساسيًا فى مهمة كيم لتحسين قدرة كوريا الشمالية على مواجهة ما يراه تهديدا متزايدا من الولايات المتحدة، التى وصلت حاملة طائراتها يو إس إس كارل فينسون ومجموعتها القتالية إلى ميناء بوسان الكورى الجنوبى الأسبوع الماضى فى أحدث استعراض للقوة النارية الأمريكية فى المنطقة.
بغض النظر عن فائدته العملية، فإن القمر الصناعى يعد علامة أخرى على أن احتمالات إحياء «الدبلوماسية النووية» مع واشنطن أصبحت باهتة منذ «قمة كيم» مع دونالد ترامب فى عام 2019. وقال ليف إريك إيسلى، الأستاذ فى جامعة إيوا فى سيول «ما هو واضح بالفعل أن هذا ليس حدثا لمرة واحدة ولكنه جزء من استراتيجية كوريا الشمالية لإعطاء الأولوية للقدرات العسكرية على التنمية الاقتصادية، وتهديد كوريا الجنوبية بدلا من التصالح معها، ومواصلة التحالف مع روسيا والصين بدلا من اتباع الدبلوماسية مع أمريكا».
وهناك أسباب تجعل من المرجح أن تستخدم كوريا الشمالية الأسلحة النووية أولا إذا اندلعت الحرب فى شبه الجزيرة الكورية، ومن الناحية الاستراتيجية فإن جيشها التقليدى أدنى بكثير من القوات المتواجدة ضدها، وإن أى صراع خطير بين الكوريتين سوف يتحول بسرعة إلى صراع وجودى بالنسبة لكوريا الشمالية.