رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الفساد فى دولة أعضاء مجالس الإدارة بالشركات والبنوك

22-2-2017 | 11:22


منذ سنوات، وأثناء عملى محررا لشركات قطاع الأعمال العام وشركات قطاع البترول، وأنا أعرف وأتابع تعيينات أعضاء ورؤساء مجالس الإدارة، وكنت أرصد وقتها عمليات الفساد والمجاملات فى هذه التعيينات.

بمعنى أنه كان يمكن لرئيس مجلس إدارة أى شركة هنا أو هناك، أن يكون عضو مجلس إدارة فى أكثر من شركة عامة أو شركة استثمارية، للحصول على أكبر قدر من بدلات الانتقال وبدلات حضور اجتماعات مجلس الإدارة، فضلا عن نسبة من الأرباح التى يحددها القانون لأعضاء مجلس الإدارة.

ليس هذا فقط، بل إن رئيس مجلس الإدارة يكون عضوًا بمجلس إدارة كل شركة استثمارية تساهم فيها الشركة التى يرأسها والهدف الحصول على نفس المبالغ الضخمة.

وأحيانًا ما يتم تعيين بعض قيادات الإدارة العليا بهذه الشركات -بدلا من رئيس مجلس الإدارة- فى أكثر من شركة فى إطار سياسة «توزيع الغنائم» وحتى لا يحقد هذا على ذاك ووصل الأمر أن البعض كان يحصل على ملايين الجنيهات من نسب الأرباح التى يحددها القانون بالفعل فى حدود ٥٪ لأعضاء مجلس الإدارة فى الشركات الاستثمارية.

وكان هناك اعتقاد أن هذه المبالغ الضخمة يتم تحويلها لصالح الجهات المساهمة فى تلك الشركات الاستثمارية، لكن كان هذا يحدث أحيانًا وكثيرًا لا يحدث!.

المهم أنه وصل الأمر ببعض رؤساء مجالس الإدارة أو القيادات الإدارية العليا أن تصل عضويتهم فى مجالس الإدارة إلى ١٢ شركة، وطبعًا حسب درجة مجاملة ووزن كل شخص، يتم مجاملة عضو مجلس الإدارة بعضوية فى شركة أو أكثر، وطبعًا يتم تحديد الشركات حسب وزن وعلاقات ومصالح كل شخص ومدى الرضا عنه فى النفاق والولاء للكبار والوزراء وأحيانًا رئيس الوزراء، وكذلك بعض الجهات.

فمثلًا هناك شركات يصل فيه بدل الانتقال وبدل حضور الجلسات إلى مبالغ ضخمة تصل إلى عشرة آلاف جنيه فى الجلسة الواحدة، وأحيانًا فى بعضها الآخر يكون البدل بالدولار!.

وأحيانًا ما كان يتم اختيار بعض القيادات الوسيطة فى مجالس إدارة هذه الشركات على سبيل المجاملة أيضًا.

وقد وصل الأمر إلى اختيار ممثلين للمال العام فى هذه الشركات الاستثمارية من شخصيات خارج الشركات على سبيل المجاملة بمسمى أنهم أصحاب خبرة، وقد يكون هذا صحيحا فى بعض الأحيان، لكن كثيرًا ما كان هذا يتم فى إطار عمليات الفساد والمجاملات، وقد تكون هذه الشخصيات قيادات أمنية سابقة ووزراء سابقين كأعضاء مجالس إدارة أو رؤساء مجالس إدارة شركات استثمارية.

المجاملات كانت كثيرة والفساد كان أكثر، وكانت هناك مجموعات بعينها من أصحاب الحظوة والنفوذ هم الذين يحصلون على هذه المكاسب، وهى مبالغ ضخمة ولم يكن هذا مقصورًا على شركات قطاع الأعمال أو شركات قطاع البترول فقط بل كافة شركات القطاعات المختلفة من كهرباء واتصالات ونقل وصحة وغيرها وكذلك كان نفس السيناريو يتكرر فى البنوك.

أكتب كل تلك الوقائع، لأنها تتكرر الآن بكل أسف، وبذات المجاملات وبنفس الأشكال، فى كافة الشركات التى تصل إلى المئات، وربما لا يوجد أى جهة فى الدولة لديها حصر بعدد تلك الشركات، أو رصد تلك الوقائع، وهى بالمئات، وكلهم ممثلون للمال العام فى هذه الشركات وفى هذه البنوك.

وساعد على استمرار هذه الظاهرة الفاسدة أن هؤلاء لا يخضعون للحد الأقصى للأجور، وفى هذا الشأن كان هناك من يحصل على مبالغ بعشرات الآلاف شهرًيا إن لم يكن مئات الآلاف.

ولا يوجد ما يؤكد أن اختيار هؤلاء أعضاء مجالس الإدارة الآن فى تلك الشركات الاستثمارية، وكذلك البنوك كممثلين للمال العام يخضع لتحريات الرقابة الإدارية الآن والجهات الأمنية المختلفة.

أعرف أن القانون يحتم أن يكون هناك ممثلون للشركات والبنوك المساهمة فى الشركات الاستثمارية الأخرى كممثلين للمال العام، لكن القانون لم ينص على أن يتم حصر الاختيارات فى شخوص بعينها أو أعداد محدودة، بحيث يصبح الشخص عضو مجلس إدارة فى عدد كبير من الشركات.

لذا فإن الأمر يستوجب أن يتوقف المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء عند هذه الظاهرة فورًا لوضع ضوابط لعمليات الاختيار، ولحظر احتكار أشخاص بعينهم لأكبر عدد فى عضوية مجالس إدارة الشركات أو البنوك.

ليس هذا فقط، بل أطالب بضرورة أن يصدر رئيس الوزراء قرارات فاعلة فورًا لضمان تحويل نسبة من الأرباح التى يحصل عليها أى عضو مجلس إدارة إلى الهيئة أو الشركة التى يمثلها.

كذلك لا بد من الدفع بعدد من القيادات الشابة، والتى ترى كل ذلك الفساد والمجاملات ولا تتكلم كنوع من الخوف، إلى عضوية مجالس إدارة هذه الشركات وتلك البنوك إذا كنا نتحدث بحق عن أهمية وضرورة إعطاء فرصة للشباب.

وكذلك الاستعانة بالمزيد من الخبرات من الجامعات ومراكز البحوث فى عضوية مجالس إدارة هذه الشركات وتلك البنوك.

وكذلك مراجعة الاستعانة ببعض الشخصيات من الجهات المختلفة على سبيل المجاملة وتدبير مصدر للدخل لهم.

وبصراحة أكثر، أطالب الرقابة الإدارية أن تتدخل فورًا فى متابعة هذا الأمر لأن هذا من أكبر صور الفساد الموجودة الآن وبكل أسف لم يقترب منها أحد.

أطالب الرقابة الإدارية بذلك، وقد أصبح لديها مصداقية كبيرة لدى المصريين فى محاربة الفساد، فلماذا لا تقتحم دولة أعضاء مجالس إدارة الشركات والبنوك لتحقيق الشفافية المطلقة فى عمليات الاختيار خاصة أن هناك مساندة كبيرة جدًا من الرئيس عبدالفتاح السيسى للرقابة الإدارية فى حربها الشرسة على الفساد.

أعرف أن هناك من سيغضب من أصحاب المصالح من إثارة هذه القضية فى هذا التوقيت الخطير الذى يحصلون فيه على ملايين الجنيهات دون تحقيق أى شكل من أشكال العدالة فى توزيع الدخول والحفاظ على المال العام.

القيادات كثيرة فى مصر والخبرات أكثر ويمكن الاستعانة بها فى هذه الشركات والبنوك التى لا يزال بها مساهمات للمال العام سواء قبل الخصخصة أو بعد توقفها وحتى الآن.

كلمة أخيرة تلك هى بعض الوقائع لكن الفساد فى دولة أعضاء مجالس إدارة الشركات والبنوك أكبر من ذلك لكن المشكلة أن كل ذلك بالقوانين واللوائح ولكن الحقيقة هى المجاملات لأصحاب النفوذ والحظوة وغياب الشفافية وسيادة الفساد.