رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


أربعـــة وزراء لإدارة وزارة الـزراعــــة؟!

22-2-2017 | 13:05


بقلم: د. نادر نور الدين

فى الوقت الذى تسعى فى الدولة إلى الاستجابة إلى النداءات التى تطالب بتخفيض عدد الوزارات فى مصر إلى مثيلاتها فى العالم فوجئنا بالتعديل الوزارى الأخير بقيام رئيس الوزراء بتعيين أربعة وزراء للزراعة تحت مسمى وزيرا وثلاثة نواب!، لأن من المعروف أن نائب الوزير يتقاضى راتب محافظ، وأن المحافظ يتقاضى المخصصات المالية للوزير ولكن بدرجة نائب وزير! وبالتالى فالأمر الواضح هو إهدار دم وزارة الزراعة باختيار أربعة وزراء لإدارتها لتعوم المسئولية ولتكن إدارتها سلطة مطلقة لرئيس الوزراء وليس لوزيرها الذى أصبح صورة فقط ومغلول الأيدي.

 

فعندما يتم تعيين نواب للوزير بقرار رئيس الوزراء مثلهم مثل الوزير تماما ثم يقسمون اليمين أمام رئيس الجمهورية مثلهم مثل الوزير فكيف يستطيع الوزير السيطرة على من لم يعينهم أو يختارهم وصدر قرار تعيينهم من نفس من أصدر قرار تعيين الوزير؟! ثم كيف يحدد رئيس الوزرا – وليس الوزير – مسئوليات كل نائب فهذا لشئون استصلاح الأراضى وتلك لشون الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة وثالث لشئون الخدمات الزراعية التى هى من صميم تخصصات وزارة الزراعة فماذا يتبقى لوزير الزراعة لإدارته؟! ثم يأتى السؤال هل سيكون من حق البرلمان استجواب وزير الزراعة فقط أم أنه بهذا النمط من التعيينات يجب أن يقدم البرلمان استجوابا أو يقوم بسحب الثقة من نواب الوزير أيضا، لأنهم أقسموا اليمين أمام الرئيس وقام باختيارهم رئيس الوزراء وليس الوزير وصدر لهم قرار جمهورى بالتعيين؟! أم سيتم استجواب رئيس الوزراء نفسه بسبب أخطاء نواب الوزير الذى قام باختيارهم وتعيينهم بنفسه دون الرجوع إلى الوزير المختص؟! ثم هل هناك نواب وزير فى الستينات من أعمارهم فى أى مكان فى العالم؟! وهل بعد ثلاثة مؤتمرات للشباب فى ثلاثة أشهر يتم اختيار وزيرين فى التجديد الوزارى الأخير ومحافظ تخطوا السبعين من أعمارهم؟! فهل هذا تمكين للشباب أم تمكين للكهول تحت مسمى الخبرة التراكمية؟!

نعود إلى أمر وزارة الزراعة، ولا أدرى كيف يدير الوزير الوزارة بثلاثة نواب بدرجة وزير ليس له من سلطة عليهم، كما أن عملهم يمكن أن يرفع إلى رئيس الوزراء مباشرة دون أن يمر على الوزير لأنهم أقسموا اليمين ومعينون بقرار من رئيس الجمهورية وليس من الوزير؟! ألم يكن الأمر أفضل لو قام الوزير بترشيح نوابه بنفسه حتى يمكن مساءلته واستجوابة عن اختياراته ويكون مسئولا عن إدارة الوزارة بعيدا عن شركائه المفروضين عليه؟! ومن سيتحمل أخطاء النواب مستقبلا هل الوزير أم رئيس الوزراء؟! وما هى سلطة وولاية الوزير على نواب لم يختارهم ومتساوون معه فى قرار التعيين؟! فما هى فكرة تعيين نائبا للوزير لشئون الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة هى أحد أسباب توطن مرض أنفلونزا الطيور فى مصر؟! أليس هناك فاجعة حالية فى تفشى الحمى القلاعية بين مواشى مصر؟! ألم يمنعها موظفوا الوزارة عام ٢٠١٢ من دخول الوزارة؟! وهل كان من الأفضل أن يقوم بهذا العمل أحد أساتذة كليات الطب البيطري؟! ثم لماذا يتم تعيين نائبا لشئون استصلاح الأراضى وقد سبق قيام الدولة بإنشاء كيان مستقل لاستصلاح الأراضى لمشروع المليون ونصف فدان وهو مشروع «القرية المصرية» والذى تم تعيين مهندس مدني لرئاستة وليس مهندسا زراعيا وهل سيكون هناك تداخلا فى الاختصاصات بين شركة استصلاح الأراضى المعروفة بالقرية المصرية ورئيسها مع نائب وزير الزراعة لاستصلاح الأراضي؟! أما نائب وزير الزراعة لشئون الخدمات فهل ستتم محاسبته فى مجلس النواب عند وجود تقصير أو مشكلة فى نقص الأسمدة أو المبيدات أو التقاوى المعتمدة وعدم وصولها للمزارعين فى أوان وتوقيت الحاجة إليها أم سيكون الوزير هو المسئول، بينما واقعيا هو غير منوط به محاسبة نائب الوزير المسئول عن خدمات الوزارة؟! وهل سيصبح وزير الزراعة مسئولا عن مركز البحوث الزراعية فقط؟! وماذا قدم الوزير نفسه طوال ست سنوات قضاها قائما بأعمال رئيس المركز ولم يجرؤ أى وزير زراعة سابق بإصدار قرار بتوليه رئاسة المركز لأسباب تتعلق بالكفاءة والعلم والقدرات القيادية واكتفى الجميع بقيامة فقط بدور القائم بأعمال رئيس مركز البحوث؟! أليس فشل وزارة الزراعة ووزرائها السابقين طوال السنوات الست السابقة كانت بسبب فشل قيادة مركز البحوث الزراعة فى وضع إستراتيجية ناجحة للزراعة المصرية أو تقديم عدد من تقاوى الأصناف عالية الإنتاجية التى تنهض بإنتاجية الغذاء فى مصر؟! ألم يتراجع إنتاجنا من الغذاء خلال السنوات الست السابقة وارتفعت وارداتنا منه إلى أرقام غير مسبوقة فزاد استيرادنا للذرة الصفراء وأصبحت ٨.٥ مليون طن سنويا بدلا من ٥ ملايين طن منذ خمس سنوات، وزادت وارداتنا من القمح إلى ١٢ مليون طن سنويا بدلا من ٩ ملايين من خمس سنوات بسبب تدهور أصناف القمح المصرى وتراجع إنتاجها؟! ألم تنخفض مساحات زراعتنا من الفول إلى ١٢٠ ألف فدان فقط سنويا بدلا من نصف مليون فدان منذ خمس سنوات وتراجعت مساحات زراعات العدس إلى صفر حاليا بدلا من ١٠٠ ألف فدان منذ عشر سنوات بسبب تدهور أصناف العدس والفول المحلية وعجزت إدارة مركز البحوث الزراعية عن إدارة منظومة إنتاج أصناف جديدة عالية الإنتاجية لتحل محل الأصناف المتدهورة؟! وبالمثل تراجع إنتاج السكر والدواجن واللحوم والأسماك وفول الصويا حتى وصلنا إلى استيراد ١٠٠٪ من احتياجاتنا من زيوت الطعام بسبب فشل إدارة مركز البحوث الزراعية بسبب قياداته عن إنتاج أصناف من عباد الشمس وفول الصويا وبذرة القطن عالية الإنتاجية وتكون زراعتها مربحة للفلاح وإنتاجها مجزى للمصانع؟! ألم يختف القطن طويل التيلة من الزراعة المصرية وتراجع إلى ١٠٠ ألف فدان فقط فى مهزلة زراعية بعد أن كان نصف مليون فدان من خمس سنوات فقط وقت أن تولى الوزير الحالى مسئولية مركز البحوث الزراعية؟! هل تحولنا إلى زراعة القطن قصير التيلة الذى تستورده مصانعنا للغزل والنسيج أم أهدرنا العملة الصعبة فى استيراده، بينما أراضينا خاوية فى الموسم الصيفى ولا تجد ما تزرعه من الحاصلات المربحة؟!

ثم بعد كل السابق يختار رئيس الوزراء القائم بمهام رئيس مركز البحوث الزراعية وزيرا للزراعة المصرية؟! الأمر يرتبط فى نظرنا برغبة رئيس الوزراء فى إدارة هذه الوزارة بنفسه وكان من الأفضل أن يكون قراره بأن يكون هو نفسه «رئيسا للوزراء ووزيرا للزراعة»، فمنذ أن أصدر قرارا بإلغاء قرار وزير الزراعة السابق بمنع دخول قمح الإرجوت إلى مصر وسمح بدخوله رافضا بيان علماء مركز البحوث الزراعية الرافض للأمر والمحذر منه «برئاسة» من اختاره وزيرا حاليا للزراعة!، ثم قيامه بسحب الحجر الزراعى من وزارة الزراعة وإسناده إلى وزير الصناعة ثم قيامه بإيقاف ميناء دمياط عن فحص وارداتنا من القمح والذرة والصويا بسبب رفضهم لثلاث شحنات مخالفة للمواصفات والأمور تشير إلى رغبة رئيس الوزراء فى إدارة وزارة الزراعة بنفسه.

وزارتا الزراعة والتموين هما عصب الاستقرار المجتمعى والأمنى لمصر وحسن اختيار وزرائها هو دعم لهذا الاستقرار، أما سياسة تدوير وزراء العصور السابقة فهو يعنى عقمًا كبيرًا فى تقديم قيادات جديدة وواعدة للأجيال القادمة فى بلد تزخر بالمواهب والكفاءات، ولكنهم ليسوا من ذوى القربى أو أهل الثقة وأننا لا نستطيع السمو على خلافاتنا الشخصية من أجل الصالح العام.