رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


فلسطين.. والمسرح العربي قراءة في بعض العروض

14-12-2023 | 11:03


عبد الغني داود

عبد الغني داود

● عرض "رقصة العلم" 1994 يتناول قضية اغتراب الفلسطيني عن وطنه وحيرته وتشرده بين البلاد.. حالما بالعودة إلى الوطن.. من خلال توظيف الأسطورة الإغريقية إيكاروس
● قدم مسرح الطليعة مسرحية "الغرباء لا يشربون القهوة" عام 2000 وهى أقرب إلى المسرحية الرمزية أو التورية.. وبهذا المعنى كتب بهيج إسماعيل مسرحيته "الغجري" الذي سلب أرض الرجل الآمن وحبيبته
● عرض (قصص تحت الاحتلال) 2001 نرى فيه سردا مسرحيا لكيفية تحول الشعب الفلسطيني إلى مجرد خبر تتناقله وسائل الإعلام، بينما هم أناس طيبون لهم حياتهم ووجودهم 
● استعان عرض "القضية" 2007 بالتشكيلات الحركية الجماعية المتميزة، والأشرطة السينمائية الوثائقية قديماً وحديثاً، وكذا ببقية عناصر العرض الأخرى، لكن العرض توقف دون سبب واضح
ينفجر بركان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 – بعد خمسه وسبعين عاماَ – شهدناها اطفالا وشباباَ ورجالاً وشيوخاً – ما بين الأسي والحزن والحرب والشهداء – في مواجهه الصهيونية والاحتلال الاستيطاني النازي، وعبر هذه الخمسة والسبعين عاماً اي الثلاثة أربعه قرن من الزمان شهدت الساحة المسرحية العربية أعمالاً مسرحيه تشهد المسرح العربي محاولاته المساهمة في التعبير عن طموحات الشعب الفلسطيني والعربي نحو الحرية والاستقلال ، ونبدأ (بالنكبة  1948 ) حين قدم المسرح المصري عند هجوم العصابات الصهيونية على أبناء شعبنا في  فلسطين من خلال (الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى) في  موسم 1948-1949 عرض "العائد من فلسطين" تأليف فتوح نشاطي، ونيروز عبد الملك، وإخراج فتوح نشاطي، وقدم يوسف وهبي مسرحية "الصهيوني" من تأليفه وإخراجه.. لكن يبدو أن المسرحيتين قد أُعدتا على عجل لتواكبا مناسبة حرب فلسطين – لأنهما لم تقدما بعد ذلك في (ريبرتوار) الفرقة.. فهما – كما أتصور – قد اعتمدا على الاقتباس من أعمال أجنبية لاختيار المواقف الدرامية التي تتوافق مع الموضوع مثل مسرحية "تاجر البندقية" وغيرها من المسرحيات التي كانت بين أيديهم.. وللأسف لم تُنشر المسرحيتان، وظل المسرح المصري صامتاً – بل والعربي أيضا – لا يتناول مشكلتنا المصيرية في  فلسطين – منذ عام – 1949 حتى موسم 1969 – 1970 أى لمدة عشرين عاما كاملة الي ان يقدم المسرح القومي  للشاعر عبد الرحمن الشرقاوي مسرحيته "وطني عكا" من إخراج كرم مطاوع، يتناول فيها حق الشعب الفلسطيني في  وطنه – لكن التناول جنح بخيال الشاعر الحالم.. حيث بالغ كاتبنا – كما يقول الناقد (نسيم مجلى) في  كتابه "المسرح وقضايا الحرية" هيئة الكتاب 1984 – في  تصوير سلبيات المؤسسة العسكرية في  إسرائيل وضخم دورها في  إحداث التغيير المُنتظر في  مجرى الأحداث، وهو نوع من تغييب الواقع، ويحمل تأثيرا كامنا سلبيا على المتلقي . وفي  نفس الموسم قدم المسرح القومي  المسرحية الوثائقية التسجيلية "النار والزيتون" تأليف ألفريد فرج، وإخراج سعد أردش، وصور فيها مأساة فلسطين مُعتمدا على الوثائق الخاصة بمنظمة التحرير الفلسطينية والتقارير الصحفية، والبيانات والدراسات التي  كونت شكل المسرحية، واختار لها أبطالاً من التاريخ الحقيقي لمشكلة فلسطين – يمثلون الفلسطينيين والإسرائيليين – لذا فالبناء العام للنص لا يعدو أن يكون تأريخًا للقضية واستطلاعا وافيا عن أحداثها وتصوره لمستقبلها في  نظر الفدائيين وفي  نظر الإسرائيليين، وينتهى الى حتمية أن تكون الثورة المسلحة هى الخلاص الوحيد . وتُعد هذه المسرحية هى أنضج تلك الأعمال التي تناولت الثورة الفلسطينية حتى ذلك التاريخ، وتقوم على شكل هو مزيج من الدراما التسجيلية والشكل الملحمي (البريختى) الذى يخاطب وعى المتفرج. وفي عام 1975 قدم المسرح القومي مسرحية "سقوط بارليف" تأليف هارون هاشم رشيد، حيث يمس من بعيد قضية تحرر الأرض من الصهيوني الغاصب، وهى أقرب إلى مسرحيات المناسبات. وفي  موسم 1976 – 1977 تناول محمود دياب في  مسرحيته "باب الفتوح" – وهى تجربته الأولى في  الكتابة بالفصحى – القضية بالعودة إلى صلاح الدين والصليبيين، والتي  يقرر فيها أن انتصار السيف وحده لا يكفي  إن لم يدعمه انتصار الفكر.   وكان يسرى الجندي – قد كتب مسرحيته "اليهودي التائه" عام 1968 في قالب تسجيلي ملحمي مُتأثرا ربما بأحداث هزيمة يونيو 1967 وبطلها الفلسطيني (سرحان بشارة سرحان) الذي اتهم باغتيال الرئيس الأمريكي جون كنيدي – وهو بريء من هذه التهمة، وكان قد كتبها في الأقاليم ولم تشأ الظروف لها أن تُنشر – وفيها يعيد النظر في اغتصاب الصهاينة لفلسطين ودعم الأمريكان لهم. ومن الغريب أن الرقابة اعترضت على تقديمها في السبعينيات، وقُدمت لأول مرة بمسرح السامر عام 1984 وأُعيد تقديمها عام 1993 بمسرح البالون بعنوان "السيرك الدولي" .
ويعود يسرى الجندي ليتناول نفس القضية وثورة الشعب الفلسطيني في مسرحية "واقدساه" وهي المسرحية التي أنتجها اتحاد الفنانين العرب، وتضم نخبة كبيرة من الممثلين – من عشرين دولة عربية، وقام بإخراجها التونسي المنصف السويسي..
بعض العروض استلهمت الحس الثوري
من مناخ القضية الفلسطينية
   وفي  عام 1989 قدم (مسرح الحكواتي الفلسطيني) عرض "عنتر في  الساحة خيال" تأليف وتمثيل: (راضي شحاده)، وفيه (يعصرن) أسلوب الحكواتي الشعبي ويحركه بكل عناصر الفن المسرحي التي  تساعده على تحريك الحواس من حركة ونطق وغناء ورقص وإضاءة ومؤثرات صوتية.. مُعتمدا على السرد بلهجة شعبية فلسطينية. وقدم هذا العرض (عنترة) كشخصية تاريخية يرمُز إليها بالشجاعة والقوة – لكن العرض يسبغ عليه الملامح العصرية والمضامين الثورية – فعنترة لم يَعُد ذلك البطل المظلوم والمرفوض بسبب لونه، والهائم في  حب عبلة – لكنه هنا رمز للبطل الفلسطيني الذى يجوب الأرض صانعا المستحيل من أجل تحقيق الحلم، ومُعبرا عن التشتت والتشريد الذى يعيشه الشعب الفلسطيني، ويحذر العرض من الوقوف عند حد التغني بأمجاد الماضي، ويدعو إلى الاستفادة من هذا الماضي في  صنع الحاضر، ويمكن أن نطلق على هذا العرض (مسرح الفرد الواحد) – لكنه ليس (المونودراما) في  المسرح الغربي.. وهو الذى يقوم على الأداء الفردي، وخصوصية الموضوع، والسيرة الذاتية. وفي  نفس العام قدمت (فرقة المسرح الوطني الفلسطيني) مسرحية "المأزق" تأليف أحمد دجور، وإخراج حسين الأسمر، وتعالج حالة القهر والاستلاب والمعاناة للإنسان الفلسطيني وصراعه مع الأعداء عبر مراحل متعددة. كما تستعرض الأحداث الدامية منذ الهجرة الأولى عام 1948 حتى انتفاضة عام 1987  
   ومن لبنان قدمت فرقة "مسرح النور" عرض " القمر بيضوي ع الناس" إعداد وإخراج: مشهور مصطفي ، عام 1991 وهو عبارة عن طقوس متنوعة للقتل الذى يستشرى في  مدينة ما – حيث يتحول القتل إلى وباء يصيب الجميع – فتظهر كل تناقضات البشر وزيف العلاقات الاجتماعية، ونلاحظ أن هذا العرض التجريبي لا يلغى إمكانية الكلمات في  الاتصال بين الخشبة والجمهور – ولكنه في  نفس الوقت يؤكد على أن لغة الخشبة تختلف عن لغة النص – حيث يتم استغلال إمكانيات، الفضاء المسرحي بواسطة تشكيلات الممثلين التي  تعطى دلالات متنوعة – فضلا عن قيمها الجمالية..
    وفي  عام 1991 أيضا تقدم (فرقة المسرح الوطني الفلسطيني) مسرحية "المجنزرة ماكبث" إعداد وإخراج (جواد الأسدي) وهو عرض يحمل إسقاطا سياسيا من خلال رصد الصراع بين ماكبث الطاغية وأحلامه في  تدمير المدينة الفاضلة التي  تسكن فينا، وكان ماكبث يكتشف أن المدن العربية محمية بالتراث العريق ولا يمكن أن تموت..
    ونتوقف طويلا أمام عرض "رقصة العلم" 1994 التي قدمها (المسرح الوطني الفلسطيني) منذ عام 1988 تأليف وإخراج جواد الأسدي، إذ يتناول فيه القضية بإيقاع نابض ونبرة حية دون مباشرة أو خطابية وصيح وصرخات.. تتضافر فيه كافة عناصره في إطار تكنيك سينمائي، حيث أخذت المشاهد شكل اللقطات المتتابعة بينها (قطع) أشبه بالقطع السينمائي، ويقوم العرض على حركة الممثل، والرقصة، وآلة الإيقاع، واللون، والديكور.
ويتناول قضية اغتراب الفلسطيني عن وطنه وحيرته وتشرده بين البلاد.. حالما بالعودة إلى الوطن.. من خلال توظيف الأسطورة الإغريقية (إيكاروس) ذلك الذي صنع لنفسه أجنحة من الريش وطار بها عبر البحر، وما أن اقترب من الشمس حتى أذابت جناحيه.  
لا نسمع سوى طلقات الرصاص وصرخات
الأطفال ولا نرى سوى دماء جثث الأبرياء
   وفي  عام 2000 تقدم (فرقة المسرح الوطني الفلسطيني) مسرحية "الشيء" عن قصة (لغسان كنفانى) وإعداد وإخراج يعقوب إسماعيل، وهى مسرحية تجريبية في  رؤياها وأسلوب عرضها ومفهوم الفصام الذى يتجسد عبر شخصية منفصمه ذات عوالم داخلية خاصة جداً.. في  عالم حسى من التجريد الفني والخيال الجامح، وهو بحث أيضا في  لغة و عناصر وفضاءات العرض المسرحي المعاصر وهى مسرحية مركبة تبحث في  الفضاء و الكتل و ظلال الأشياء –في  محاولة للقبض بدقة على روح أصبحت غامضة أمام نفسها، وأمام شيء لا حدود له، ولكنه بؤرة الصراع الدرامي . وفي  هذا العام- وبعد انفجار الانتفاضة الفلسطينية الباسلة يقدم (مسرح القصبة برام الله) عرض (قصص تحت الاحتلال) 2001وهو العرض الذى أشرف على صياغته بنوع من السرد الارتجالي المحسوب لأعضاء فرقة مسرح القصبة وكذلك إخراجه (نزار الزعبي)   وفيها نرى سردا مسرحيا لكيفية تحول الشعب الفلسطيني إلى مجرد خبر تتناقله وسائل الإعلام في  جميع أنحاء العالم .. بينما هم أناس طيبين لهم حياتهم ووجودهم يبتهجون ويحزنون – يموتون ويحيون، ويقاومون من أجل حياة عادية خالية من الاحتلال و القهر –مُعتمداً على المونولوج الشخصي و الداخلي لكل ممثل –حيث يرتجل مشاهدته وأحاسيسه أثناء الانتفاضة بأسلوب (التغريب)- مُعلقاً على ما حدث ويحدث الآن.. طارحاً عدداً من الأسئلة الموضوعية  والحياتية والنضالية بفانتازيا مسرحية تلغى حدود الزمان والمكان، وفي  عام2001 أيضا تقدم (فرقة عناد المسرحية) من تأليف جماعي، وإخراج راندة غزالة، عرض "وبعدين" -2001 وهو لا يتناول (الانتفاضة) بشكل مباشر.. بل يحكى عن الأحوال المعيشية للمواطن الفلسطيني تحت الاحتلال، وهو مُحاصر من جميع الجهات.. لا نسمع سوى طلقات الرصاص وصرخات الأطفال، ولا نرى سوى دماء وجثث الأبرياء.. وهو من العروض المتحررة من البناء الدرامي التقليدي، ويعتمد على الأحاسيس والكلمات التي  تتجسد الظروف الحياتية للفلسطيني، وعلى التعبير الجسدي للممثلين عن المعاناة تحت الحصار الصهيوني، ويُعد  العرض بمثابة قصيدة وجدانية متعددة الأصوات كما يقول الناقد أحمد عبد الرازق أبو العلا، نشرة(التجريبي) العدد الحادي عشر ص14تغنى للحجر ومن يحملونه، وتعكس الأحاسيس المريرة التي  يمر بها الفلسطيني –فهناك (الزوجة الشابة) في  مشهد الولادة .. التي  لا تريد لجنينها أن يولد في  موعده ويتأخر فربما تتغير الأحول، وهناك أفراح الزفاف التي  تتم تحت قصف المدافع –في  إطار من أغاني التراث الشعبي الفلسطيني، والنص الدرامي هنا يقوم على ارتجالات الأعضاء (فرقة مسرح العناد)، والارتجال – بطبيعته – يعطى مساحة كبيرة للمثل كي يتصرف وحده –بناء على الفكرة التي  يطرحها العرض – لهذا يرى الناقد أبو العلا (المرجع السابق) أن هذا قد أثر على التناغم، و أضعف الانسجام بين الصور المسرحية المتعددة التي  يقدمها كل عضو من أغضاء الفرقة الأربعة.. فتبدو لنا كل شخصية على - حدة – لا يجمع بينها رابط واحد أو فكرة واحدة).. لكن وحدة الموضوع في الحقيقة تجمع شتات العرض، فالشخوص هنا يعيشون داخل قبو أو خندق، والمتفرج جزء من العرض المسرحي – فهو يجلس على الأرض – مُحاطاً بالحجارة، ويدخل ليشاهد العرض من خلال نفق مظلم.. ويودعه أصحاب العرض في النهاية بإعطاء كل واحد حجرا، وقد توافرت لهذا العرض عناصر الموسيقى والملابس والإضاءة بشكل متوافق مع طبيعة العرض الارتجالية. ونلاحظ هنا أن العرضين الأخرين متشابهان في التكنيك والخطاب، وإن اختلفا في الشكل.. ويقدم مسرح الطليعة موسم2001 مسرحية "تحت الشمس" تأليف د. سامح مهران، وإخراج فهمى الخولى، وتروى حكاية زوجين في  شهر العسل على شاطئ البحر فتأتى مجموعة من الأطفال تطردهما، ويحتشد مجموعة من الأجانب و حملة الشاشات، وعربي مُعلق بين السماء والأرض يبكى وطنه السليب، ويستنجد بالزوج المصري، ويطلب منه أن يحمله ويطوف به في الماضي ليستعرض جذور فلسطين بين الساميين و الكنعانيين، وهو نص ملئ بالعبارات الرنانة حول الوطن السليب.. دون تطور لحدث أو نماء لشخصية، وجاء اللجوء إلى الأساطير والموروث ليزداد الأمر غموضا.. فتبدو نكبة فلسطين وكأنها مُقحمة على العرض..
وكان مسرح الطليعة من قبل –قد قدم مسرحية "الغرباء لا يشربون القهوة" عام 2000 والتي كتبها محمود دياب في السبعينات، من إخراج محمد الخولى، وهى أقرب إلى المسرحية الرمزية أو التي تقوم على (التورية).. إذ يقتحم بعض الغرباء منزل أحد الآمنين فيدعوهم في البداية –من منطلق السماحة والكرم العربي –لشرب القهوة –لكن هؤلاء الغرباء يرفضون شرب القهوة –فيتبدد آمن الرجل الطيب، ويرفض مناورتهم وحصار النساء الراقصات له، ومحاولات بث الرعب والخوف والفزع في قلبه وتغييب وعيه، ويقرر أن يطردهم، فيقابلونه بالعنف، ويسرقون أوراق ملكيته للبيت ويمزقونها أمام عينيه.. فيرسل الرجل برقيه لابنه – الذي يدرس بالخارج –يطلب منه العودة حاملاً بندقية لمواجهة الغزوة القادمة لهؤلاء الغرباء.. وبهذا المعنى كتب بهيج إسماعيل مسرحيته "الغجري" الذي سلب أرض الرجل الآمن وحبيبته وقد قدمت كثيرا في أكثر من مسرح.
    وفي  ربيع عام 2002  قدم المسرح القومي  مسرحية "لن تسقط القدس" تأليف شريف الشوباشى، وإخراج فهمى الخولى، والتي  تنقسم إلى جزأين الأول يدور حول واقعة من وقائع حصار مدينة القدس، والتي  حرص المؤلف أن (يجهل) هوية العدو الذى يحاصرها –فربما كانوا الصلبيين – ومن المؤكد أنهم الصهاينة –عندما جعل جنديين يرتديان ملابس محصنة بأحدث الأجهزة الحديثة.. يترنحان في غطرسة تبين أهل المدينة العُزل من السلاح.. ثم ينتقل على الفرسان العرب المُحاصرين في  حصنهم.. ينتظرون النجدة من الخليفة الفاطمي أو من أى مكان .. –إلى أن يدخل (مندوب) العدو ليعرض عليهم شروط الاستسلام – لكن بعضهم يختار المقاومة و الاستشهاد .. و يدور الجزء الثاني حول مجموعة من اللاجئين من أبناء القدس يلجؤون إلى القاضي دمشق (أبى سعيد الهروى) فيخرج بهم –رغم مرض ابنه، ويتوجه معهم إلى بغداد للاستنجاد بالخليفة –فيرفض رئيس الحرس دخولهم –فيلجأ القاضي إلى حيلة (الإفطار في  رمضان) فيقدمونه للمحكمة أمام الخليفة وهنا يظهر فساد كل رجال الدولة وشيخ التجار.. ويحذر القاضي الخليفة من خطر احتلال القدس، لكنه يجد الخليفة ورجاله شامتين في  هزيمة جيش الفاطميين أمام العدو في  (عسقلان) –لنكتشف مدى التمزق والانهيار الذى أصاب الأمة العربية –لينتهي الأمر بقرار الخليفة بتشكيل لجنة لتقصى الحقائق –لكن (القاضي) يعلن عدم جدوى اللجان –فيطرده الخليفة من قصره مع اللاجئين –الذين يصرون على ألا يفقدوا الأمل، وقد استطاع هذا النص أن يجهل اسم العدو واسم الخليفة، وأن يعمم صفة العدو –لتتطابق –إلى حد كبير –مع سمات العدو الصهيوني في  العصر الحديث، متخذاً شكل (المأساة التاريخية)..
وبعد ذلك بخمس سنوات يعيد مسرح الهناجر تقديم مسرحية يسرى الجندي "اليهودي التائه" –بعد ثمانية وثلاثين عاما –وبعنوان "القضية" 2007 حيث اختار المخرج حسن الوزير –جانبا من النص حول أصول وجذور النكبة الفلسطينية وتاريخها القديم – حيث يلجأ إلى التوثيق و التسجيل للتاريخ الفلسطيني، وادعاءات الصهاينة.. مع التعرض لموضوع صلب المسيح وربطه بعذابات الإنسان الفلسطيني مسلماً كان أو مسيحياً، ويضيف العرض الإشارة إلى عودة الاستعمار العسكري القديم في  شكل الاستعمار الأمريكي الجديد الذى استطاع أن يهيمن على المنطقة كما حدث في  غزو العراق، وقد استعان هذا العرض بالتشكيلات الحركية الجماعية المتميزة، والأشرطة السينمائية الوثائقية قديماً وحديثاً، وكذا ببقية عناصر العرض الأخرى – لكن العرض توقف بعد ذلك – دون سبب واضح!!