يستأنف البرلمان التركي اليوم مناقشة الموافقة على طلب السويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وهي قضية شائكة ازدادت تعقيداً بعدما ربطها الرئيس رجب طيب إردوغان بطلب أنقرة طائرات مقاتلة من طراز اف-16 من حليفتها واشنطن.
وتخلّت السويد وفنلندا عن سياسة الحياد العسكري التي استمرت لعقود، عبر السعي للانضمام إلى المنظمة الدفاعية التي تقودها الولايات المتحدة، بعد العملية العسكرية التي تشنها روسيا في أوكرانيا في فبراير 2022.
وحصل طلبهما على موافقة سريعة من جميع أعضاء الناتو باستثناء تركيا والمجر. وفي النهاية، قبل البلدان بعضوية فنلندا في الحلف لتصبح العضو الـ31 في أبريل.
ولا تزال تركيا والمجر الدولتين الوحيدتين في حلف شمال الأطلسي اللتين لم تصادقا على طلب انضمام السويد إلى الحلف بعد 19 شهراً من التقدّم به.
في نوفمبر، فشلت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي في التوصّل إلى اتفاق على نصّ للتصويت عليه في البرلمان، وستجتمع مرّة أخرى بعد ظهر الثلاثاء.
وكان إردوغان تخلّى عن اعتراضاته على انضمام السويد إلى الناتو في يوليو، بعدما شنّت ستوكهولم حملة على جماعات كردية تصنفها أنقرة بالإرهابية.
وقال فؤاد أوقطاي النائب عن حزب العدالة والتنمية الذي يتزعّمه إردوغان ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، في مقابلة تلفزيونية الإثنين، "نرى أنّ هناك تغييراً في السياسة في السويد.
نرى بعض القرارات المتخذة في المحاكم، رغم أنّها قليلة"... وأضاف "كانت لدينا بعض المطالب لاتخاذ المزيد من الخطوات".
وبمجرد موافقة اللجنة على النص المطروح، سيتم التصويت عليه في جلسة عامة للبرلمان الذي يشغل تحالف إردوغان الحاكم غالبية المقاعد فيه.
وكانت الدول الأعضاء الأخرى في الناتو كثّفت ضغوطها على تركيا، وقالت فرنسا إنّ مصداقية الحلف "على المحك".
إلا أنّ العملية لا تزال محفوفة بالمشاكل.
ففي ديسمبر، قال إردوغان إنّ البرلمان لن يتخذ أي قرار بشأن السويد إلا إذا وافق الكونجرس الأمريكي على شراء تركيا عشرات الطائرات المقاتلة من طراز إف-16 إضافة إلى قطع غيار، وإذا رفع حلفاء آخرون في الناتو، من بينهم كندا، حظر الأسلحة المفروض على أنقرة.
وأضاف إردوغان أنّ "تطورات إيجابية من الولايات المتحدة في ما يتعلق بمسألة طائرات إف-16، ووفاء كندا بوعودها، سيسرّعان المقاربة الإيجابية من قبل برلماننا (بشأن طلب عضوية السويد)". وأشار إلى أنّ "كلّ هذه الأمور مترابطة".
من جهته، قال أوزغور أونلوهيسارسيكلي، مدير مكتب أنقرة في مؤسسة صندوق مارشال الألماني الأمريكي إنّ "عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي ومبيعات طائرات اف-16 إلى تركيا سيتم التعامل معها بالتنسيق إلى حد ما... لأنه لسوء الحظ، لا يثق أيّ من البلدين بالآخر".
وتأثرت القوات الجوية التركية المتقادمة، بسبب استبعاد أنقرة من برنامج المقاتلات الهجومية المشتركة F-35 بقيادة الولايات المتحدة في العام 2019.
وجاء ذلك رداً على قرار إردوغان الحصول على نظام دفاع جوي روسي يعتبره الناتو تهديداً أمنياً.
وتعهّدت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مراراً المضي قدماً في بيع طائرات "اف-16" بقيمة 20 مليار دولار لأنقرة، غير أنّ المشرّعين منعوها بسبب مخاوف بشأن عدة ملفات من بينها التوترات السابقة مع اليونان.
وفي هذا الإطار، قال أونلوهيسارسيكلي "لا يوجد إجماع قوي في البرلمان بشأن عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي، ولا في الكونجرس الأمريكي بشأن بيع طائرات إف-16 لتركيا".
فضلاً عن ذلك، أثار خطاب إردوغان المناهض لإسرائيل بعد بدء حربها مع حركة حماس في غزة، مخاوف في واشنطن.
وقال أونلوهيسارسيكلي "مع أنّ القضايا ليست ذات صلة، إلا أنّ تصريحات تركيا الداعمة لحماس تزيد من تعقيد عملية (بيع) اف-16"، مشيراً إلى أن مقتل جنود أتراك على يد مسلّحين أكراد في نهاية الأسبوع الماضي قد يؤثر أيضاً على عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي.
وأضاف "لكن إذا أظهر بايدن وإردوغان الإرادة اللازمة، يمكننا أن نتوقع انجاز العملية قريباً".