رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الأولى فى المنطقة والأكبر بـ ٣٦ سريرًا وحــدة السـكتـة الـدمـــاغيـة.. رعاية فائقة للفقراء

23-2-2017 | 10:43


 

 

تقرير: إيمان النجار

عدسة: مصطفى سمك

 

ترقد الحاجة «خيرة رزق» على سرير الرعاية المتوسطة بوحدة السكتة الدماغية بقصر العيني. تنظر بعين حانية ثم ترفع وجهها كأنها ترى السماء. تدعو بالخير والصحة لكل من يعمل فى الوحدة لما يقدمونه فى علاج للمرضي.

الحاجة خيرة ليست الوحيدة التى تقوم بالدعاء فكل من يستطيع الكلام طبقا لإصابته يتفقون معها. نفس الرأى منهم من جاء من مستشفى آخر لا تتوفر فيه هذه الخدمة ومنهم من قدم مباشرة على مستشفى الطوارئ ليتم إحالته لوحدة السكتة الدماغية، المشهد فى الرعاية المركزة مختلف فمرضاها حالتهم حرجة جدا لا يقوون على الكلام، لكن ذويهم أكثر تفاؤلا بما يُقدم لمرضاهم من خدمة غير متوفرة فى أماكن أخرى.

 

جولة سريعة فى وحدة السكتة الدماغية بقصر العينى كفيلة بإعطاء أمل فى تطوير وتحسين الخدمة الصحية، ليتلقى المريض الفقير خدمة صحية مماثلة للتى يتلقاها مرضى أفخم وأغلى المستشفيات الخاصة.

الدكتور أحمد الحلفاوى أستاذ الأمراض الصدرية بقصر العينى «الفكرة جاءت من قسم الأمراض العصبية فى عام ٢٠٠٨ كان لديهم خطة لإنشاء وحدة للسكتة الدماغية وكان لديهم مشروع متكامل وكان ينقصه التمويل، حتى عام ٢٠١٥ حيث جاء متبرع وقال إنه على استعداد لتنفيذ أى مشروع فى المستشفى وكان المشروع جاهزا، وبدأ المشروع بثلاثة ملايين جنيه، تولى فيها عمل البنية التحتية وأرضيات وكهرباء وتكييف وتجاوز المبلغ خمسة ملايين، ثم تولت مستشفيات جامعة القاهرة توفير التجهيزات والفرش وغيرها للوحدة بتكلفة بلغت نحو ٨ ملايين جنيه وتم فتح باب التبرع لصالح المشروع لتصل التكلفة النهائية لنحو ١٣ مليون جنيه، فمثلا سرير الرعاية المركزة وما يشمله من جهاز تنفس صناعى ومونيتور وغيرها كانت بنحو ٣٠٠ ألف جنيه قبل تعويم الجنيه وحاليا تتعدى ٧٠٠ ألف جنيه، حتى ظهر المشروع للنور ودخل العمل أول أغسطس ٢٠١٦، الوحدة تضم نحو ٣٢ سريرا وهى عبارة عن وحدة رعاية مركزة بعدد ١٦ سريرا ووحدة رعاية متوسطة بعدد ١٦ سريرا، والعمل مستمر، لكن ليس بكامل الطاقة الاستيعابية للوحدة لنقص عدد التمريض، فنعمل بنحو نصف الطاقة الاستيعابية فى الرعاية المركزة حيث يعمل ٨ أسرة وأكثر من النصف فى الرعاية المتوسطة حيث يعمل نحو ١٢ سريرا،ومشكلة التمريض هذه متكررة فى كل المستشفيات ونحاول زيادة العمل بتوفير التمريض فكنا وصلنا إلى عمل ٨ أسرة رعاية مركزة و٨ رعاية متوسطة وعندما توفر تمريض تم زيادة أسرة الرعاية المتوسطة إلى ١٢ سريرا، خاصة أن أسرة الرعاية المركزة تحتاج تمريضا أكثر فالأساس أنه تكون ممرضة لكل سرير أو سريرين، وللأسف المتبرعون يحددون مكان إنفاق التبرع سواء أجهزة أو أدوية أو مستلزمات ولا يريدون الدفع لأشخاص مع العلم أن مشكلتنا الحقيقية مع الأشخاص ونحاول التغلب عليها من خلال أن نوفر تمريضا لوقت إضافى ليعمل شفتات زيادة ونفعل ذلك فى حدود الإمكانيات المادية المتاحة، فالأجهزة موجودة والأطباء والمستلزمات».

واستطرد الدكتور الحلفاوى قائلا «الوحدة مصممة وفق توصيات إجراءات مكافحة العدوى من سقف ساقط وبلا فتحات سوى للتكييف، أيضا يوجد بالوحدة غرفتان للعزل فى الرعاية المركزة والمتوسطة، وتكون لحالات مرضى الالتهاب الرئوى المعدى، خاصة أن الرعايات المركزة عموما هى معقل العدوى، وبتطبيق النظم الحديثة فى إجراءت مكافحة العدوى يقلل فرص حدوث العدوى بنسبة كبيرة».

يتداخل فى الحديث الدكتور حسام صبرى نائب مدير المستشفى المشرف العام على وحدة السكتة الدماغية ويقول: «الوحدة هى فريدة من نوعها فى مصر والشرق الأوسط، فريدة من حيث التصميم، من حيث الطاقة الاستيعابية، من حيث التجهيزات، من حيث أنها تضم رعاية مركزة ورعاية متوسطة، فمثلا فى الإمارات بها وحدة حصلت على اعتماد دولى وهى رعاية متوسطة فقط وبعدد ٨ أسرة فقط والوحدة لدينا أربعة أضعاف طاقتها، الوحدة تشابه الوحدات الموجودة فى أوربا وبالأخص فى ألمانيا مع العلم أن عدد الأسرة بها أكثر من مثيلاتها فى الخارج فلدينا ٣٢ سريرا بالإضافة إلى أربعة أسرة لحقن الحقن المذيبة للجلطة لأى مريض حتى لو لم يتوفر سرير طالما أن حضر للمستشفى فى الساعات الذهبية للحقن وهى الأربعة ساعات الأولى، الوحدة يخدمها نحو ٩٠ عضو هيئة تدريس فى قسم كامل هو قسم الأعصاب بداية من المدرس حتى الأستاذ، ونحو ١٥ طبيبا مقيما، ونحو ٣٧ ممرضة، وهى نتاج تكاتف المجتمع المدنى مع مستشفيات جامعة القاهرة إيمانا بأن الخدمة التى ستقدمها الوحدة ستحدث تغيرا جوهريا فى الخدمة الصحية ومن الممكن أن تكون مثالا يحتذى به فى تحسين الخدمة الصحية فى مصر، وكل هذا يرتبط بقناعة من إدارة المستشفى والكلية والجامعة بأهمية المشروع وبمنظور فريق العمل، بدليل أن المشروع موجود منذ عام ٢٠٠٨ ولم ينفذ إلا فى ٢٠١٥ ونفذ فى فترة صعبة، ولكن الاقتناع بالهدف المرجو منها من قبل كل الأطراف جعلها تخرج للنور».

ويضيف الدكتور حسام قائلا: «وحدات السكتة الدماغية موجودة فى مصر من قبل فتوجد وحدة فى قصر العينى منذ عام ٩٦ فى العلاج بأجر، وتوجد أخرى فى عين شمس التخصصى بأجر أيضا منذ عام ٩٩ ، ثم بدأنا مشروع السكتة الدماغية للمجانى فى ٢٠١٥ ولأن المشروع كبير نسبيا ليحصل المريض المجانى والفقير على نفس الخدمة الطبية المقدمة فى أكبر المستشفيات الخاصة، فى نفس التوقيت تقريبا بدأ مستشفى الدمرداش هو الآخر مشروعا للسكتة الدماغية ولكن يضم رعاية متوسطة فقط للمريض الذى يحقن بإذابة الجلطة وليس مريض الجلطات المخية، والفرق أننا فى وحدة قصر العينى أنه يتم استقبال وحجز مرضى الجلطات عموما سواء من يحقن له ويشفى أو من لم يتم حقنه وأصيب بجلطة بالفعل، لأن فكرة الوحدة هى تقديم خدمة نوعية للمريض والمريض الذى يحتاج الدخول لوحدة السكتة، أى مريض يصاب بجلطة أو نزيف فى المخ ولا يحتاج لتدخل جراحى، فهدفنا إنقاذ المريض وإذابة الجلطة».

الجلطة المخية حسب قول دكتور حسام «هى عبارة عن انسداد مؤقت فى الشرايين المخية لجزء معين أو مركز فى المخ ويؤدى لضرر وظيفى للمريض فلو هذا المركز مسئول عن الأبصار أو الحركة أو السمع أو الذاكرة أو الكلام فبالتالى يخرج المريض بإعاقة، فلو المريض أصيب بجلطة كل دقيقة تمر عليه يخسر مليون و٩٠٠ ألف خلية وفى الثانية ٣٥ ألف خلية، والسؤال ما هو الفرق بين مريض الجلطة القلبية والمخية ولماذا الأول معروف له علاج منذ سنوات ومريض الجلطة المخية فجأة يصبح له علاج، فمريض الجلطة القلبية مريض القلب يحقن له مذيب جلطة ويدخل قسطرة، لكن مريض الجلطة المخية كان يتم التعامل مع بإعطائه أسبرين ويعالج فى العيادة ثم يخرج لبيته ولكنه يخرج بإعاقة ويؤثر على المجتمع، الفكرة أن المذيب كان موجودا منذ سنوات، لكن مع بداية القرن الحالى بدأت التوصيات الطبية الحديثة العالمية تهتم به لوجود نتائج مبشرة واكتشفوا أنه توجد فرص كبيرة لتقليل الإعاقة، وبالتالى المريض عندما تذاب له الجلطة عن طريق حقنة مذيبة للجلطة يتوقف الضرر ويخرج طبيعيا وبعد عدة أيام يمارس حياته الطبيعية ويذهب لعمله، نفس المريض كان يخرج بشلل وإعاقة وسيكون عبئا على المجتمع ويحتاج من يدعمه ماديا ورعاية، فهذا تغير نوعى على هذا الأساس بنيت وحدة السكتة الدماغية، وحتى فى التوصيات الحديثة الخاصة بعلاج الجلطات عام ٢٠١٣ أوصت بإنشاء مستشفيات تعالج الجلطات وتكون بها وحدة سكتة دماغية ويكون لها مسار طبى محدد ولابد أن يحقن المريض خلال ساعة من دخوله المستشفى بهذا المذيب، ووصلت فى بعض المراكز العالمية أنه يتم حقن المريض خلال سبعة دقائق من دخوله للمستشفى، الموضوع أيضا ليس فقط إذابة جلطة فما بعد الإذابة مطلوب رعاية للمريض، ووفق التوصيات العالمية الصادرة فى عام ٢٠١٣ نسبة الحقن فى المراكز العالمية متوسطها نحو ١٥ ٪من المرضى الذين يترددون على المستشفى لأسباب عديدة فهناك مرضى مسموح لهم بالحقن وآخرون غيرمسموح لهم والسبب فى ضعف نسبة المرضى الذين يتم حقنهم هو التأخير فى وصول المريض للمستشفى، وفى بعض المراكز وصلت النسبة حاليا لأكثر من ٣٠٪، والنسبة مرشحة للزيادة خلال الفترة القادمة ولكن كيف تحدث الزيادة؟ عندما نعرف سبب ضعف معدل الحقن فهدفنا أن الحقنة تحسن وظيفى ومجتمعى، وكان أكبر سبب هو تأخير قدوم المريض ومتوقع وصول المعدل إلى ٥٠ ٪ فى عام ٢٠١٨ .

بالنسبة للوضع فى مصر ففى الوحدة على سبيل المثال معدل الحقن فى أقل من ستة أشهر وصل حاليا نحو ٥٪، فى حين مثيلاتها فى العالم تنخفض النسبة فيها لنحو نصف فى المائة وواحد فى المائة ونعمل للوصول للمعدلات العالمية ».

وحول معدل الإصابة بالسكتة الدماغية فى مصر قال د.صبرى « لا يوجد إحصاء دقيق، لكن وفق دراسات أجريت فإنه يوجد نحو ٢١٠ مرضى سنويا وهذا الرقم أقل من العدد الفعلى، خاصة إذا ما نظرنا للأسباب التقليدية المؤدية للإصابة، فمثله مثل مريض الذبحة الصدرية الذى تحدث له جلطة فى القلب، فيحدث لمريض الجلطة المخية تصلب فى الشرايين أو جلطة قادمة من القلب وأشهر أسبابها الرفة الأذينية أو ارتخاء الصمام أو ضيق صمام القلب والتصلب فى الشرايين يكون سببه الضغط، السكر، التدخين، الدهون الثلاثية، نمط الحياة الخاطئ وعدم ممارسة الرياضية، السكتة الدماغية تظهر فى الأعمار من سن ٣٠ إلى ٨٠ سنة، لكن تزيد فى الفئة العمرية من ٥٠ إلى ٦٠ سنة ».

واستطر الدكتور صبرى « الوحدة تقدم خدمة خاصة فيما يخص خدمة التمريض، فيتم تدريب التمريض على معايير فى رعاية المرضى فى الحفاظ عليهم من حدوث التهابات رئوية أو تقرحات فراش، الوضع السريرى على وضع ٣٠ درجة، وحتى أسلوب تغذية معين حتى لا يتعرض لارتجاع غذائى من المعدة إلى الرئة، ثم نبدأ جلسات للعلاج الطبيعى ويقوم بها أخصائى العلاج الطبيعى والتخاطب ويقوم به أخصائى ومن يحتاج هذه الخدمة فى الأغلب المريض الذى لم يتم حقنه بالمذيب لذا تعرض لمثل هذه المضاعفات التى نسعى لتقليل حدوثها، وتطبيق إجراءات مكافحة العدوى مهم جدا ويكاد يكون من أهم عوامل تقليل حدوث المضاعفات واردة الحدوث فى مختلف المرضى، بالنسبة لمتوسط بقاء مريض السكتة الدماغية فى الوحدة فيتراوح بين ٧ إلى ٨ أيام تنخفض إلى ٤ أيام فى الرعاية المتوسطة وترتفع إلى ١١ أو ١٣ يوما فى الرعاية المركزة، وفى معظم الرعايات تكون أسرة الرعاية المركزة بجوار أسرة الرعاية المتوسطة، لكن فى وحدة السكتة الدماغية بقصر العينى الرعاية المركزة منفصلة عن الرعاية المتوسطة، لذا نجد أن حالات المركزة تكون حالتهم حرجة ويحتاجون الوضع على جهاز تنفس صناعى، هذه المدة بمقارنتها بحالة المرضى لا تكون مدة بقائهم طويلة، وبالنسبة لمعدل استخدام الحقن المذيبة للجلطات الوحدة فخلال الثلاثة أشهر الماضية بلغت نحو ٣٠ حقنة لعدد ١٥ مريضا، بمعدل حقنتين للمريض، وقد تكون حقنة واحدة لو أن وزنه قليل، وخلال الأربعة أشهر الماضية استقبلت الوحدة نحو ٤٥٠ منذ افتتاح الوحدة».

واستطرد الدكتور حسام قائلا « لكى نحافظ على مستوى الخدمة يوجد ما يسمى الاحتياجات الشهرية واليومية، وهذه وحدة مجانية، وإن لم ندعم هذا المكان بعد كل ما أنفق عليه وبعد كل هذا الجهد لكى يستمر فى تقديم الخدمة بهذا المستوى وأفضل لفترة طويلة، وهذا دور المجتمع المدنى وكذلك دور الإعلام فى توعية المرضى وتوجيه المرضى للوحدة لعلاجهم، وكذلك توجيه المتبرعين لهذا المكان، فمتوسط احتياجات الوحدة شهريا يتراوح ما بين ٤٠٠ ألف إلى ٥٠٠ ألف جنيه والمستشفيات تتحملها، لكن عندما نعمل بكامل الطاقة العبء سيزيد من حيث توفير التمريض والمستلزمات والأدوية».

ونصح الدكتور حسام بضرورة الاهتمام بما يظهر من أعراض، خاصة أن الحالات معظمها ترد متأخرة، وأحد أسباب التأخير هو التشخيص المتأخر، فالتشخيص مهم جدا، لأنه فى حال عدم التشخيص الدقيق لا يعرف المريض المكان الصحيح وبالتالى يتأخر وهنا لا يمكن إذابة الجلطة بالحقن الذى يتوجه له وهذا يؤثر على الحالة ولا يتم حقنها وبالنسبة للأعراض فيوجد مصطلح «fast « وكل حرف يعبر عن عرض، وهى اعوجاج بالفم، ضعف خدل بالزراع أو الساق، تلعثم فى الكلام، عامل الوقت مهم، وهنا بمجرد الشك فى إحدى هذه الأعراض يجب التوجه للمكان المتخصص حتى لو حالة نفسية، حتى لو لم تشخص الحالة بأنها سكتة دماغية، فأنا لو وقعت الكشف على مائة مريض مثلا و٣ فقط منهم من كانت حالتهم بالفعل سكتة دماغية فهذا مكسب لأننا ننقذ عضوا، وللأسف هناك كثيرون ينتظرون لحين تحسن العرض فى المنزل أو التوجه إلى عيادة والمرور على أماكن غير متخصصة، مع العلم أن كل دقيقة تمر على الشخص فى هذه الحالة تعرضه للخطر، فالذهاب والاطمئنان أفضل ».

سناء عبد المنعم مشرفة تمريض الرعاية المركزة بوحدة السكتة الدماغية قالت: «نظام العمل شفتان كل شفت ١٢ ساعة، ومشكلة نقص التمريض مشكلة عامة، لكن نحاول التغلب عليها قدر المستطاع لأنه ليس من المنطقى أن الممرضة تكون مسئولة عن حالات كثيرة، فالمهم أن نقدم الرعاية الكاملة للمريض، بالنسبة للإجراءات الوقائية للممرضة، فمثلا فى حالات العزل الممرضة تستعمل الجوانتى والجاول والماسك وغيرها من المستلزمات، التعامل مع مريض السكتة الدماغية يرتبط بأمور تتعلق بوضع الجسم والحرص ».