رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


كلية الطب تحتل المركز الثانى فى النشر الدولى

23-2-2017 | 11:01


بقلم: لميس رجب

 

 

يعتبر قصر العينى واحدًا من أقدم المؤسسات الحديثة التى ترجع أصولها للقرن التاسع عشر والتى مازالت تمارس دورها الرائد لوقتنا الحالي. وكجزء مصغر من الدولة المصرية، يتمتع القصر بمقومات نجاح وعناصر قوة تؤهله لمكانة متقدمة على المستوى الدولى.

تعود أصول المستشفى للعشرينيات من القرن التاسع عشر، ففى عام ١٨٢٥ عقد محمد على باشا، الذى كان يحكم مصر وقتها لمدة عشرين عامًا، مقابلة هامة مع طبيب فرنسى اسمه أنطوان بارثيليمى كلو(المعروف باسم كلوت بك) الذى نصحه بأن يشرع فى تدريب أطباء مصريين لتكوين نواة الخدمة الطبية الجديدة، لذلك اقترح كلو على محمد على أن يشرع فى تأسيس «مدرسة للطب البشري» وأن يُعهد فيها بالتدريس لعدد صغير من الأطباء الأوربيين على أن يكون التلاميذ من المصريين، كما نصحه يكون التدريس باللغة العربية حتى يتمكن الأطباء عند تخرجهم، من التواصل بنفس اللغة مع مرضاهم.

 

 

وبعد خمس سنوات من تلقى أحدث العلوم الطبية تخرجت أول دفعة من مدرسة الطب البشرى بـ «أبو زعبل» عام ١٨٣٢. وقام كلو- الذى حاز على رتبة البكاوية فى نفس السنة وعُرف من وقتها بـ«كلوت بك» مكافئة له على صموده أمام انتشار وباء الكوليرا فى نفس العام وعدم هروبه من وظيفته كما فعل الكثير من زملائه وبالتالى نجاحه فى الحد من انتشار المرض الفتاك لمعسكرات الجيش – قام بانتخاب أمهر الطلاب وأرسلهم فى بعثة طبية لفرنسا لكى يكملوا تعليمهم الطبى هناك. وبعد عشر سنوات من تأسيس المدرسة أقنع كلوت بيك محمد على بضرورة نقل المدرسة، المستشفى من أبو زعبل. وفى ١٨٣٧ وافق محمد على على اقتراح كلوت بك ونقل المستشفى إلى شاطئ النيل عند قصر العينى وبذلك عُرف المستشفى باسم موقعه الجديد، واحتفظ بهذا الاسم حتى يومنا هذا.

وكان لجهود كلوت بك الناجحة فى تحويل قصر العينى من مستشفى عسكرى للعناية بالقطاع المدنى أبلغ الأثر فى تحسين الظروف الصحية لعموم المصريين، بعد أن كان قاصرا على العناية بأحوال الجنود والظباط. وكان من أهم أمثلة تحول قصر العينى من مستشفى عسكرى لمركز طبى مدنى تأسيس إدارة طبية عرفت بـ«شورى الأطباء» أو «مشورة الطب» كان مركزه قصر العينى وأشرف على خدمات طبية بالغة الأهمية فى شتى أنحاء البلاد. وأشرفت «شورى الأطباء» فى قصر العينى على برنامج طموح لتطعيم كل الأطفال ضد الجدرى الذى كان يعصف بصحتهم ويهدد حياتهم، وأصبحت مصر بذلك من أوائل البلاد فى العالم التى نجحت فى إجراء مشروع قومى للتطعيم ضد الجدرى.

ويمكن القول بثقة أن قصر العينى كان أهم وأنجح مؤسسة عرفتها مصر فى القرن التاسع عشر، فقد استطاع أطباء وطبيبات هذا الصرح الطبى العملاق القيام بمشروعات طبية بالغة الأهمية وجليلة الأثر.

ومن أهم هذه المشروعات: القضاء على الأوبئة، وضع قاعدة بيانات دقيقة عن السكان، العناية بالصحة العامة، التطعيم ضد الجدري، الحد من خطر وبائى الطاعون والكوليرا، التقليل من معدل وفيات الأطفال وزيادة متوسط عمر الرجال والنساء، والارتقاء بمستوى معيشة الأهالي.

وَفِى عام ١٩٢٨ تم ضم قصر العينى إلى الجامعة المصرية ككلية للعلوم الطبية، واستمرت فى تقديم الخدمة الصحية والتعليمية إلى يومنا هذا. و فى العصر الحديث كان قصر العينى مركزا يجتذب الكثير من العلماء الأجانب مثل تيودور بلهارس ( مكتشف البلهارسيا والمدفون فى مصر)، وسير البورت وفرانس برونر وغيرهم.

وقام قصر العينى بدوره فى كل مراحل السلم والحرب، كما كان له دور كبير فى تأهيل معظم الأطبّاء فى الدول العربية. و يستطيع أى خريج فى مرحلة الستينيات، والسبعينيات والثمانينيات أن يعدد زملاءه من الدول العربية الذين قادوا النهضة الصحية فى بلادهم.

وإذا تطرقنا إلى عناصر القوة ومقومات النجاح، فنستطيع أن نذكر: عدد الأسرة فى مستشفيات القصر (يتجاوز الخمسة آلاف سرير)، عدد وتنوع حالات المرضى المترددين( يتجاوز المليونين)، عدد الطلبة ( يتجاوز التسعة آلاف ومثلهم من طلبة الدراسات العليا)، أعضاء هيئة التدريس المتميزين الذين يقومون بدورهم فى التعليم والتدريب بالإضافة إلى تقديم خدمة صحية للمترددين من المرضى، العلاقات الدولية والاتفاقيات الثنائية مع الجامعات والهيئات الدولية. كما يقوم أعضاء هيئة التدريس كذلك بإجراء بحوث تنشر فى دوريات علمية ذات معامل تأثير عال. وتحتل كلية الطب المركز الثانى ( بعد كلية العلوم) فى عدد البحوث المنشورة فى دوريات عالمية.

وتعتبر الخدمة المجتمعية التى يقدمها قصر العينى من أهم نقاط قوته، وتتمثل فى القوافل العلاجية، تدريب الأطباء من مختلف الجامعات والمراكز البحثية، والجمعيات الأهلية المتعددة التى تقوم برعاية مرضى الأمراض المزمنة صحيا واجتماعيا.

أم بالنسبة للمهمة الأساسية وهى التعليم والتدريب، فيقوم أعضاء هيئة التدريس بجهود عظيمة لتأهيل الأعداد الكبيرة من الطلبة ويبذلون الجهود المستمرة لتطوير وتحديث طرق التدريس والتقييم والتدريب. والعاملون فى قصر العينى هم أكثر الناس دراية بمشاكل القصر ويحاولون يوميا حلها والتعامل معها.

فى النهاية أودّ تقديم تحية خاصة لسيدات القصر اللاتى يتجاوز عددهن عدد الرجال ( خاصة فى المرحلة العمرية الشابة) واللاتى يقمن بأعمال متميزة سواء كأعضاء هيئة تدريس أو كأعضاء فى الجهاز الإدارى والتمريض.