سلطان وعبده .. هل يستمر التجانس والتنسيق لصالح أبناء المحافظتين؟
قبل أسبوع واحد من حركة المحافظين حضر محافظ البحيرة الدكتور محمد سلطان ونائبته المهندسة نادية عبده اجتماع لجنة استرداد أراضى الدولة لعرض موقف تقنين أراضى وضع اليد بالمحافظة، كانت الملاحظة التى لفتت الانتباه لدى جميع أعضاء اللجنة الحاضرين قدر التجانس والتفاهم بين المحافظ ونائبته.
فلا خلاف ولا مقاطعة ولا حساسية بينهما، وإنما تكامل وتفاهم حول الملف وتعمق فى فهم إمكانيات المحافظة التى يعملان بها وطبيعة أهلها ومطالبهم، وجرأة فى طرح الأفكار، وبشكل كان يوحى بأننا أمام قيادتين من نوعية خاصة، لم يتجمل المحافظ ولا يدعى المفهومية رغم ما كان يحمله من تصورات عملية، بل كان منصتا لكل الآراء مستوعبا لكل ما يدور من مناقشات مستجيبا لكل ما يصدر من قرارات، وكانت نائبته على نفس النهج رغم ما كان يظهر على وجهها من ملامح الصرامة الإدارية.
لم تمر سوى أيام قليلة وكان القرار الجمهورى بتولى الدكتور محمد سلطان محافظة الإسكندرية، وترقية نائبته الدكتورة نادية عبده لتصبح محافظا للبحيرة، وأعتقد أنه من أفضل الاختيارات فى حركة المحافظين الأخيرة، فسلطان كما وصفه المهندس إبراهيم محلب نفسه منظم ومجتهد وصاحب مبادرات منذ أن كان رئيسا لهيئة الإسعاف وتأكد هذا عندما شغل منصب محافظ البحيرة واستطاع أن يضع آلية لاستغلال ثروات المحافظة وتنمية قراها المظلومة، والمتوقع منه أن يتخلى فى الإسكندرية عن العرف الذى تسبب فى غضب الإسكندرانية على كل من سبقوه من محافظين، فلن يركز كل جهده مثلهم على الكورنيش والشوارع الرئيسية، وإنما سيخترق أحياءها الفقيرة ومناطقها العشوائية والشعبية ليحاول أن يجد لها حلولا تخلصها من سوء الخدمات وتراكم القمامة وسيطرة الباعة على الشوارع وتلبية مطالب أهلها الأساسية من سلع وخدمات ورعاية، أعتقد أن عقلية سلطان ستجعله أكثر اهتماما بالمناطق المهمشة لأنه بطبيعته لا يميل إلى المنظرة التى كان يهواها آخرون ممن شغلوا هذا الموقع، كما أنه لن يكون لقمة سهلة للمافيا التى تسعى لفرض سيطرتها على كل من يتولى هذه المحافظة، فرغم ما يبدو على سلطان من أنه غير صدامى وهادئ، لكنه فى الوقت نفسه يرفض الخروج على القانون ويجيد التعامل مع الملفات الصعبة.
أما نائبته المهندسة نادية عبده والتى أصبحت فى موقع المحافظ كأول سيدة تشغل هذا المنصب الذى كان عصيا عليهن فى مصر طيلة ستين عاما أو أكثر فهى الآن فى محك جديد واختبار ليس لها وإنما لكل سيدات مصر، فنجاح نادية سيكون نجاحا للتجربة وبداية لتكرارها فى أكثر من محافظة، وفشلها لا قدر الله سيغلق الباب أمام أى محاولة أخرى لتعيين المرأة محافظا، صحيح أن نادية عبده نفسها ترفض كلمة فشل وتؤكد أنها « لن تفشل» لكن الأهم من هذه الثقة الشخصية المطلوبة، أن أغلب من عملوا مع نادية عبده أو عملت هى معهم شهاداتهم تصب فى صالحها وتتوقع لها نجاحا مشجعا، وأول من شهدوا لها هو الدكتور محمد سلطان نفسه الذى وإن غادر البحيرة لكنه لم يذهب بعيدا عنها، فبين المحافظتين علاقة حدودية ستجعل التنسيق بينه وبين نادية عبده مستمرا، بل قد يكون التعاون بينهما نموذجا جديدا لكى تكون هذه هى العلاقة بين المحافظين فى مصر، وربما يكون هذا التعاون بما بينهما من علاقة وظيفية سابقة سببا فى طرح فكرة الأقاليم الاقتصادية، خاصة إذا استطاع الاثنان أن يضعا أيديهما على ثروات المحافظتين ووضعا خططا عاجلة ومدروسة للاستفادة منها لصالح الدولة والمواطنين، فالإسكندرية والبحيرة تمتلكان قدرات هائلة إذا حسن استغلالها بمنهج علمى وإدارة جيدة وتعاون جاد فسوف تجنى الدولة ثماره على مستوى الاستثمار الصناعى والزراعى، وأعتقد أن هذا التصور لن يكون بعيدا عن المحافظين.