رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


محلب ونظيف وبينهما..!

15-1-2017 | 00:35


انزعج رئيس الوزراء بشدة من رد فعل الناس تجاه تصريحاته الداعية للشباب للعمل بعيدًا عن الوظائف الحكومية ضاربًا المثل بقيادة التوك توك..

بدأت البيانات تنهال على إيميلات محررى مجلس الوزراء لتصحيح ما قاله.. وفى الحقيقة نص بيان مجلس الوزراء يؤكد أن المهندس محلب قال بالحرف الواحد إن الوظائف الحكومية انتهت ومتفكرش إنك تفتح كافيه علشان تكسب.. فكر أنك تنزل وتشتغل أو تسوق” توك توك»، بل يجب العمل فى مهن تفيد المجتمع، وواقع الأمر إنها زلة لسان من رئيس الوزراء ولا أجد فارقًا كبيرًا بينه وبين أحمد نظيف الذى قال فى أحد اجتماعاته بنا أنه كان فى أمريكا وأن سائق التاكسى كان طبيبًا ووقتها حزنت حزناً شديداً وحاولت مواجهة هذه الأفكار التى أراها تطبق على أولادنا فى التعليم ومحاربتهم فى الالتحاق بالجامعات وسن قانون الثانوية العامة الظالم، فقد كان أحد أفكار أمانة السياسات أن تصبح سنة واحدة، وألا يدخل الجامعة كل الحاصلين على الثانوية العامة، بل أكثر من ذلك فالراسب لا يستطيع أن يحسن مجموعه وينتظر للعام القادم بنفس المجموع والذى أصبح غير مضمون له الجامعات ليتحول أولادنا إلى طابور من العاطلين الراسبين طبعًا!!.

وإن كان محلب دافع عن وجهة نظره بأن المجتمع ينتظر مهنًا منتجة مثل النجارة وغيرها.. فأنا أتساءل لماذا تعلم أولادك وأولاد جميع المسئولين ولم يمتهنوا هذه المهن.. حتى النجار والسباك والحداد يطمح لابنه فى مستقبل أفضل منه.

وترى نفسك فى مجتمع يحكمه رجال دولة جميعهم استفادوا من مجانية التعليم فالجميع التحق بالتعليم بعد ثورة ١٩٥٢ واستفاد من المجانية فى التعليم الإبتدائى والثانوى والجامعى والكثير منهم أرسلته الدولة للخارج على نفقتها فى بعثات للدراسات العليا.. لماذا يتحدثون بمنطق لا يرضونه على أولادهم، فحلم الفقير قبل الغنى هو تعليم أولاده أفضل تعليم.. فالمجتمع المصرى منذ أيام الفراعنة يحرص على التعليم ويقدسه تقديسًا شديدًا وجميعنا تذهب ميزانياتهم لتعليم أولادهم.

وإذا كنت لا تقصد يا رئيس الوزراء هذا الفكر فلماذا تصرح وزيرة القوى العاملة فى مداخلة تليفزيونية بعد مهزلة نتيجة الثانوية العامة بأن الدولة لا تحتاج أطباء ومهندسين بل تحتاج مهنيين.. وفى الحقيقة بهذا النظام التعجيزى فى التعليم منذ التعليم الابتدائى الذى يتسرب منه أبناء الفقراء غير القادرين على مواصلة دفع الدروس الخصوصية وبعدها فى الثانوية العامة التى تتحطم معها آمال الالتحاق بكليات عملية محترمة للحاصلين على ٪٩٧.. نحن أمام “جهلة” ياسيادة الوزيرة فالدولة ليست محتاجة أطباء ومهندسين لكنها محتاجة “جهلة” لا هم بالمتعلمين ولا هم بالأميين ناهيك عن جهود الدولة الفاشلة فى مواجهة ظاهرة الأمية حيث أتت بوزير للتعليم من جهاز محو الأمية فشل فى أمية الملايين ليكون على رأس وزارة التربية والتعليم التى أصبحت سرابًا، كل ما يربط الطالب بها هو الامتحان التعجيزى لإفشال الطالب فى دخول الجامعة!!.

والحقيقة أن الدولة اختصرت دورها على طبع الكتب وصيانة المدارس قبل العام الدراسى على الرغم من سيل الكوارث التى تلحق بالطلاب فى الأسبوع الأول من العام الدراسى من انهيار أسوار وأسقف وأبواب على رءوس التلاميذ.

وليس من المقبول أن تضع الدولة مخططًا لدفع الناس للتحول للتعليم الفنى إجباريًا دون أن يكون للناس رغبة فى هذا التعليم أو حتى تقديم حوافز ومغريات تدفع الناس للتعلم فى هذا المجال وإيجاد فرص عمل مثمرة أيضًا.. والجميع يشهد على سوء العملية التعليمية فى المدارس الفنية.. وأضرب لك مثلًا بمدرسة صنايع فى شارع فيصل الرئيسى.. ترى هذه المدارس بالخارج وقد أحاطها سور من الأسلاك الشائكة حتى لايهرب الطلاب من فوق السور.. وحتى العبارات التى تتزين بها أسوار المدرسة بها أخطاء إملائية رهيبة.. كل هذا يشهد على سوء التعليم الفنى فى مصر.

يجب أن تعلم الحكومة أننا فى فترة من الفترات ليست ببعيدة كانت تصنف مصر من أكثر الدول ارتفاعًا فى تعليم الطبقة الوسطى فى منطقة الشرق الأوسط.. حتى الطبقة التى تتكسر عظامها الآن بسبب نظام التعليم الفاشل الذى يخرج منه الطالب فى كثير من الأحيان لا يقرأ ولا يكتب باعتراف الحكومة نفسها.

يا دولة رئيس الوزراء إصلاح التعليم لا يأتى بإغلاق مراكز الدروس الخصوصية كما أعلنت فى اجتماعك مع قيادات وزارة التربية والتعليم ولا بتغليظ العقوبة على الطلاب المتغيبين بحثا عن مدرس خصوصى يشرح لهم المنهج ويفك طلاسم الامتحانات وشفراتها.. وإنما يجب أن تكون لدي المدرسة كوادر قادرة على شرح المناهج العبقرية وستجد وقتها الطالب متمسكًا بالذهاب للمدرسة.

اتقوا الله فى أبنائنا واسمحوا لهم بالتعلم والحصول على شهادة تمكنهم من العمل حتى ولو خارج البلاد!!.

كتبت : سحر رشيد