تشكو بعض الأمهات من طفلها لكثرة كلامه المتواصل والذي لا يتوقف، وتصفه بـ"الرغاي"، وتتساءل عن أسباب اكتسابه تلك الصفة التي تسبب لها الصداع المستمر والازعاج، وعدم القدرة على الرد أو مواصلة الحديث معه في الكثير من الأحيان، ولذلك نستعرض في السطور التالية مع أخصائية تخاطب أسباب تكوين شخصية الطفل الثرثار، وطرق التعامل معه.
من جهتها، أكدت الدكتورة رانيا كمال مدرب معتمد وأخصائية التخاطب وتعديل سلوك وطيف التوحد، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"، لا يوجد طفل يولد ثرثار لأن جميعهم ينشئون على الفطرة لا يفقهون شيء عن اللغة أو النطق، وببلوغهم عمر السنتين حتى 4 سنوات يبدئوا في اكتساب بعض مصطلحات وعبارات اللغة والكلام، وهناك نوعين من الحصيلة اللغوية التي يستمدها الطفل خلال تلك المرحلة، احدهما تعبيرية التي يعبر بها عن احتياجاته وما يريده، والأخرى استقبالية من الأم، أما عن أسباب تكوين شخصية الطفل الثرثار، فهي كالآتي:
- عند التعليم بالنمذجة من خلال مراقبة حديث الوالدين، وخاصة الأم في أول خمس سنوات من ولادة الطفل لأنها تكون المسئولة الأكثر عن رعايته وتلبية احتياجاته، ففي حالة أنها تتحدث بطريقة سلبية ويراها الصغير ثرثارة وتظل في حديث مستمر بواسطة الهاتف مع الأصدقاء والأهل وتنقل الكلام، سيتعلم بالمنوال ويصبح لديه نمط الشخصية الثرثارة.
- في حالة تربية الطفل مع أم هادئة، ولكنه ثرثار ولا يتوقف عن الحديث، ذلك يرجع بسبب ظروف الفقر البيئي، مثلما حدث في فترة كورونا، وافتقار الطفل لتعلم اللغة والكلام بصورة صحية، أو لبعض الجينات الوراثية المكتسبة.
- محاولة الطفل لفت انتباه من حوله بالكلام الكثير، نتيجة إهمال أحد الوالدين أو الأم خصوصاً في سنواته الأولى.
- حدوث تأخر لغوي عند الطفل، مما يولد عند احتباس أو تشتت أو حذف أو إبدال في بعض الكلمات، مما يجعله يعاني من العجز أو عدم القدرة عن التعبير، وبمجرد محاولات ضبط حالته وتمكنه من الحديث، يحدث نوع من الاندفاعية في الحديث لدى الصغير، أحدهما إيجابي ومقبول نتيجة توجيه الأم للتصرف الحديث وضبط الكلام واللغة عن طريق التعبير عن نفسه من خلال الرسم أو الموسيقى، والآخر سلبي وهو نتيجة معاناة الطفل من فرط الحركة مما يولد لديه نوع من الاندفاعية دون استقبال للغة من الأم، فيصبح تعبيره مشوش وثرثار.
طرق التعامل مع الطفل الثرثار
أن تكون الأم داعمة لطفلها خلال الفترة من عمر سنتين لثلاث سنوات ونصف، وتتفق معه على إستراتيجية محدد بها الكلام الذي يقتصر على أفراد الأسرة فقط، ولا يجب أن يقال للغير.
- أن لا تفرح الأم بطفلها عندما ينقل الكلام من الآخرين سواء جدته أو أحد أقاربه، بل عليها أن تمنعه وتوظف تلك الطاقة الحركية التي يريد الصغير إفراغها، في أشياء أكثر فائدة.
- أن تعلم الطفل آداب الحديث، وكيف يستمع للغير وينصت لهم جيداً.
- ضرورة ابتعاد الطفل خلال سنواته الأولى عن الهاتف الذكي، واستبداله بألعاب المنتسوري والتركيب والذكاء، كي تنمي قدرته اللغوية وتوظفها بشكل صحيح، وتساعده في عمل التفريغ النفسي.
- أن يكون حديث الأم بمثابة عمود فقري للطفل، عن طريق عدم محاولة منعه عن الكلام الكثير بصورة سلبية ومهينة، حتى لا يصاب بالصمت الاختياري.