رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


بقاء قوات أجنبية بالعراق بين الأمس واليوم

13-1-2024 | 13:29


شيركو حبيب,

بين الحين والآخر تتعالى أصوات بطلب مغادرة قوات التحالف الأجنبية أراضي العراق، وهو مطلب طبيعي يحتاج إلى ظروف طبيعية مواتية لتنفيذه.

ليس بيننا في أي بلد من يحب أو يرغب في تواجد أو بقاء قوات أجنبية على أرضه لسنوات طويلة، وليس بيننا من يقبل بأسباب حضورها العسكري بالأساس، وقد كانت في حالة العراق استثنائية ترقى إلى مستوى الضرورة بحسب خبراء وقراءة لوقائع المشاهد التاريخية الكارثية التي أورثت مواطنيه هذه النتائج.

دعونا نراجع ببساطة مشهد احتلال العراق أراضي الكويت قبل عقد من نهاية القرن الماضي، وما تسبب فيه من إجراءات حصار للشعب طيلة 13 سنة تالية على حرب تحرير الكويت، ثم حضور القوات الأنجلوأمريكية على رأس قوات التحالف منذ العام 2003 الذي شهد سقوط نظام صدام حسين، وبعده بقاء الوضع الداخلي استثناء مطولا بسبب طرق تعامل القوى السياسية العراقية مع مستقبل البلد، وتدخلات خارجية لأنظمة دول جوار ترتبط بها جماعات عقائدية أو مسلحة في الداخل، وصولا إلى ظهور نموذج داعش بعصاباته التي واجهتها القوات العراقية وقوات بيشمركة كردستان، ولاتزال خلاياه حاضرة مع أفكاره داخل المجتمع.

ثم أين كانت هذه القوى المطالبة بإخراج القوات الأجنبية الآن ومن قبل، بينما كان الشهداء يتساقطون في مواجهة داعش أو خلال عمليات إرهابية استهدفت مدنيين، وخاصة في مرحلة إعادة بناء البلد وقدرات نظامه الأمني والعسكري تحديدا والتي تحتاج إلى الاستعانة بخبراء في هذا المجال.

أزمة العراق لم تكن في حضور وبقاء قوات أجنبية على أراضيه، وقد استمرت باتفاق مع حكومة البلد المنتخبة وليس غصبا، كما لم توقع مع تناقص عددها تباعا أية مشكلات حقيقية، بينما ظلت المشكلة الأساسية للعراق في إصرار قواه السياسية على تغييب مطالب الشعب في الاستقرار والتنمية والرخاء والأمن، بينما قادتها مستمرون في الثراء المتصاعد والاستثمار في الأزمة.

إن شعوب العالم الثالث والشرق الأوسط التي عانت احتلالا مطولا في القرن الماضي لا ترغب بالتأكيد في بقاء أي ملمح من ملامح الاستعمار القديم ولو كان على صورة قوات أجنبية حاضرة على أراضيها لأسباب مقبولة، لكن هذه الشعوب أيضا يظهر بينها من يمني النفس بالأمن والرخاء على أيدي سياسيين وحكام وطنيين يقدرون قيمة المواطنة التي يسعون لتعزيزها وترويجها كمصطلح يظل غائبا عن كثير من حالات وواقع هذه البلدان.

لقد اضطر العراقيون المعارضون بقاء نظام صدام حسين وحكمه بالحديد والنار إلى طلب قوات التحالف والقوات الأمريكية بالأخص لتحرير العراق من حممه، وأغلبهم بالتأكيد يحكمون العراق الآن

ولديهم إحصاء حقيقي بعدد القوات الأمريكية وقوات التحالف المتبقية على أرض العراق ويرون في استمرارها ضرورة، وقد أعلنوا أن من بقي من هذه القوات منذ العام 2011 هم بعض الخبراء لتدريب الجيش العراقي، حتى ظهور إرهابي داعش حيث عادت بعض القوات الأمريكية فكان لها دور فعال في المساعدة للقضاء على التنظيم المنتشر بمناطق متفرقة من العراق.

أمنية كل عراقي وطني حق هي وجود جيش وطني قوي وشرطة وطنية كفء قادرة على إنفاذ قانون عادل يحمي كل مكونات العراق، وهذا يتحقق بوجود حكومة عراقية وطنية خالصة أفكارها وأعمالها لصالح المواطنين دون استناد إلى قرارات تعدها دول أخرى لهذا البلد وينفذها جالسون على مقاعد السلطة فيه، وكلنا قناعة بأن العراق باستطاعته الدفاع عن نفسه و حماية حدوده دون قوات التحالف الدولي، متى عاد بلدا مستقرا دون خلافات بين أحزابه الحاكمة وقواه بطريقة يعجب لها الشعب، الخلاف الشيعي- الشيعي، الخلاف السني – السني، الخلاف الشيعي السني، الخلاف بين المركز وإقليم كردستان، والتدخلات الإقليمية، وكلها أوضاع تنذر بالخطر في أية لحظة على الشعب ذاته للأسف.

إن استقرار العراق ليس صعبا وعودته في خدمة أجيال المستقبل داخله وفي المنطقة كلها ليس مستحيلا، لكن قواه تصور لنا أن التوافق على تحقيق حلم وطن موحد صاعد قادر على التأثير والفعل والاستقلال بالقرار أمرا مستحيلا، وتلك أزمة العراق الحقيقية التي تفرزها نتائج ما بعد مرحلة أية انتخابات أو استحقاقات سياسية، ينكر بعدها المنتصرون استحقاقات اجتماعية واقتصادية وثقافية للبؤساء المتزايدة أعدادهم بفعل الفقر، والمنهارة حياتهم بفعل الفشل السلطوي في إدارة العراق رغم مكانته وثرواته، والمستفيدون من بقاء أحوال الناس على ما هي عليه هم المصرون بالأساس على عدم استقرار العراق وبالتالي بقاءه في حالة احتياج دائم للدعم الخارجي.