د. شريف بهجت,
توقفنا في المقال السابق عند بعض التساؤلات الاقتصادية والتي هي الآن لسان حال الجميع، فكما ذكرنا أن الدولة من الناحية الاقتصادية وقبل ثورة يناير كانت تدار بالمسكنات علي أن يبقي الحال علي ما هو عليه دون حلول جذريه للمشكلات الاقتصادية والتي سوف تواجهها الأجيال القادمة، ومنذ عام 2013 وفي ظل تحدي الإرهاب وإنكار العالم لثورة ٣٠ يونيه في بدايتها قامت الدولة باتخاذ قرارات جريئة ومشروعات قومية ومحاولات في الصحة والتعليم لا بأس بها معروفه للجميع.
فأين المشكلة وأين نتائج تلك السنوات علي الأرض وكم من المفترض آن يصبر المواطن حتي يحصد نتائج ما زرعته الحكومه .انه بحلول عام ٢٠٢٠ وظهور وباء كورونا أغلقت المواني والمطارات وانخفضت الإنتاجية في العالم كله وقل التبادل التجاري بين الدول وعاني العالم كله وعلي راسهم الدول المتقدمة من تبعات هذا الوباء.
وتوجهت إيرادات الدول لمجابهة هذا الوباء اللعين، ولا ننس أن أمريكا كامت تواجه اعلي معدلات وفيات في تلك الفترة وتليها انجلترا .وحاولت وزاره الصحة قدر الإمكان توفير الاحتياجات الطبية في حدود الإمكانيات، ولا ننكر أن الحكومة وفرت اللقاحات بشكل سريع وفعال ثم بدأ الاقتصاد يهتز قليلا نتيجة غلق المنافذ كلها وحاولت الدولة توفير الاحتياطات الازمه من غذاء ودواء ونجحت بشكل كبير.
ومع بداية استقرار الأوضاع من ناحيه الوباء وبحلول عام ٢٠٢٢ وفي شهر فبراير، بدأت الحرب الروسية الأوكرانية في اوروبا والجميع يعلم أن روسيا تعتبر اكبر مصدر للقمح والغاز في العالم وأكرانيا من اكبر مصادر توزيع الحبوب من فول صويا وزره صفراء.
ومع احتدام الحرب ظهرت أزمة سلاسل التوريد في العالم كله وخصوصا اوروبا وارتفعت معادلات التضخم بشكل ملحوظ في ألمانيا وإنجلترا وحتي امريكا وبدأت تلك الدول ترفع من اسعار الفائدة لديها لامتصاص الآثار التضخمية.
وبالتبعية تأثرت الدول العربية بتلك الموجات التضخمية الحاده ومنها مصر وخرجت أموال كثره بالعملة الأجنبية كانت مستثمره في أدوات الدين وصناديق الاستثمار في مصر خصوصا بعد ارتفاع الفوائد في امريكا مما كان له تأثير واضح علي عدم القدرة على توفير العملة لدينا وقام البنك المركزي المصري بتخفيض العملة ثلاث مرات منذ ابريل ٢٠٢٢ ليفقد الجنيه اكثر من ٧٠ في المائة من قيمته بالتوازي مع ارتفاعات في أسعار الفائدة ليصل بسعر العملة في النهاية الي ما يقارب ٣١ جنيها داخل البنوك واكثر من خمسون جنيها بالسوق السوداء.
ومما زاد من تأزم الموقف هو انخفاض تحويلات العاملين بالخارج الى اكثر من النصف وهو نتيجة طبيعية لزياده الفرق بين سعر العملة الرسمي وفي السوق الموازية ليتجاوز عشرون جنيها .وبالرغم من انخفاض معدل التضخم في اوروبا تدريجيا والذي تجاوز ١٥ في المائة في ألمانيا اكبر اقتصاديات اوروبا ومنفذ توزيع الطاقة هناك ليصل الي ٤ في المائة حتي مع استمرار بعض الزيادات في اسعار الغذاء الغير مبررة.
وقرارات الكونجرس الأمريكي الشهر الماضي بعد شد وجزب بين الديمقراطية والجمهوريين لزياده سقف الدين والذى تجاوز ١٥٠ في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وذلك لسداد عجز الموازنة وارتفاع التضخم. إلا أن ما يحدث هنا في مصر مختلف ويحتاج إلي نظره مختلفة.
نحن دولة تستورد ٨٠ في المائة من القمح من الخارج وأكثر من ٩٥في المائة من الزيوت ونفس الشيء بالنسبة للورق هذا بخلاف استيراد الاعلاف بأنواعها وهي مشكله كبيره لها تأثير مباشر على اسعار اللحوم والدواجن.
ومن ذلك نجد أن حل مشكلة العملة كان وما يزال هو المطلب الاول للنهوض بالاقتصاد .وبالرغم من كل المشروعات القومية من طرق وكباري ومدن جديده .ودخول الدولة في بعض الصناعات بعينها لتخفيض الأسعار وخلق سوق موازي للقطاع الخاص.
لم تؤتي كل هذه المشروعات ثمارها لتخفيض الاستيراد بشكل ملحوظ لتخفيف الضغط علي العملة .وكان نتيجة لذلك هو انهيار قيمه العملة بعد احداث الحرب الأخيرة وارتفاع التضخم بشكل مخيف لا يستطيع معه المواطن سد اجتياحاته الأولية فما بالد بالسلع الترفيهية كالسيارات وخلافه .والان آن الأوان ان تعكف الحكومة علي
وضع آليات في الأجلين القصير والطويل لحل الازمه الحالية وإليكم بعض التصورات للخروج من الازمه
أولا: بالرغم من رفضي الدائم في الظروف العادية الانصياع لكل متطلبات صندوق النقد الدولي والتي هي في الغالب لا تعرف بشكل دقيق طبيعة الاقتصاد المصري. والذي لا يمكن أن تطبق عليه النظريات الاقتصادية كما هي في الكتب.
والاعتماد علي الصندوق نهايته الدخول في نفق مظلم لا تعرف له مخرجا، الا اننا وفي ظل عجز المورد الدولاري ولحل المشكلة الانيه مضطرين الي تخفيض سعر العملة الي حدود ٤٥ جنبها بشرط توافر قروض أو اتفاقيات سريعة لسد الفجوة التمويلية ولتمكين الجهاز المصرفي من جزب الأموال التي تدار خارج المنظومة المصرفية .
ثانيا:- زيادة سعر الكوريدور ٢ في المائة علي الاقل وان كان ذلك غير كافي لتقليل الفراق بين معدل التضخم وسعر العائد لدي البنوك مع احتماليه زياده مستقبلا بناء علي التضخم المتوقع بعد تفعيل تلك الإجراءات .
ثالثا:- تقليص المصروفات الدولارية إلي اقصي درجه ممكنه والأبقاء علي توفير العملة للسلع الضرورية فقط مع الرقابة الفعالة في هذا الشأن.
رابعا:- الرقابة الفعالة علي جميع أطراف التجارة الخارجية للتأكد من تنفيذ جميع عملياتها داخل منظومه الدولة الرسمية فقط
خامسا:- من شان تلك الإجراءات أن تحل مشكله العمله في الاجل القريب ولكن تبقي المشكله كما هي في الاجلين المتوسط والطويل بلا حل ذلك لان الحل الحقيقي لمشكله العمله هو الاعتماد علي سله عملات بشكل حقيقى.
وقد قامت مصر بإنجاز كبير بالانضمام لمجموعه البريكس واتمام اتفاقيه تبادل العمله مع الامارات وهذا من شأنه ان يقلل من الاعتماد علي الدولار ولدينا الفرصه الان في ظل التكتل الشرقي بعد الحرب الروسية الأوكرانية
سادسا :- كما أنه آن الأوان للعمل بجد في الاعتماد علي القطاع الخاص لزيادة المكون المحلي في المنتجات وإعطاء الأولوية للمنتج المحلي وهو مبدأ معمول به في جميع الدول وما حدث من مقاطعة للمنتجات الأمريكية والأوروبية بعد العدوان السافر علي غزه خير دليل علي إمكانية حدوث ذلك هذا مع استكمال تخارج الدولة من جميع القطاعات باستثناء بعض القطاعات التي تتعلق بالأمن القومي فقط مع حفظ دور الدولة في الرقابة علي الجودة ومنع الاحتكار طبقا للقوانين المعمول بها.