● استغل الملك فؤاد الخلافات الحادة بين القوى المختلفة في مصر تجاه وضع الدستور وأخذ يماطل في إصداره لكى يكسب مزيدا من السلطات
● قام الملك فؤاد بإجراءات لتقويض الحكم الدستورى وتعطيل الحياة النيابية وحل مجلس النواب ومجلس الشيوخ وجعل من حقه تعيين الأعضاء المعينين في مجلس الشيوخ
● من إنجازات الملك فؤاد الأول نذكر تأسيس بنك مصر ومصر للطيران وبنك التسليف الزراعي وتأسيس الجامعة الأميرية ومجمع اللغة العربية والإذاعة المصرية
عندما يتحدث التاريخ وجب علينا الإنصات ومن هذا المنطلق نتوقف مع الذي أمر بتشييد مبنى البرلمان وإصدار دستور 1924 الذي بدأت من خلاله الحياة النيابة سيرتها الأولى وتأسست في عهده الجامعة المصرية عام 1925 وحملت اسمه عام 1940 بعد ضمها للحكومة هو الملك فؤاد الأول وهو من مواليد 26 مارس عام 1868 في قصر والده الخديو إسماعيل باشا بالجيزة وهو أصغر أنجال الخديو إسماعيل.
والدته هى الزوجة الثالثة للخديو إسماعيل الأميرة فريال هانم وعند بلوغه السابعة من عمره ألحقه والده بالمدرسة الخاصة بقصر عابدين والتى أنشأها لتعليم أبنائه واستمر بها ثلاث سنوات وقد عانى فؤاد أثناء فترة
إقامته في إيطاليا فسافر إلى تركيا من أجل مقابلة السلطان عبدالحميد والتوسط حتى يعود لمصر وبالفعل أمر السلطان بعودته إلى مصر وبعد عودته عام 1890 عنى بشئون الثقافة ورأس اللجنة التي تولت مهمة تأسيس وتنظيم الجامعة المصرية الأهلية عام 1906 ثم صعد ليعتلي العرش عقب وفاة أخيه السلطان حسين كامل عام 1917 وكان من المفترض أن يتولى كمال الدين حسين ابن السلطان حسين كمال العرش خلفا لوالده إلا أن السلطات البريطانية تدخلت من أجل تنصيب أحمد فؤاد على عرش مصر.
قام السلطان أحمد فؤاد بعد توليه عرش مصر بدراسة القوى المؤثرة على الأوضاع السياسية في مصر ووجد أن الاحتلال الإنجليزى هو أقوى تلك القوى وقد كان يعلم جيداً أن الإنجليز هم من قاموا بعزل أبيه الخديو إسماعيل وهى القوة التى ساندت الخديو توفيق ضد أحمد عرابي بالإضافة إلى أنها هى التى عزلت الخديو عباس حلمي الثانى عندما كان في زيارة للأستانة ولم تسمح له بالعودة إلى مصر.
لذلك كان السلطان أحمد فؤاد يرى أنه لابد من المهادنة معها بحيث تكون سندا له وليس ضده كما كان يحرص دائما على أن تكون علاقته بالإنجليز علاقة طيبة وقد ظهر هذا جليا عندما قام بأول عمل رسمى له بعد توليه السلطنة وهو زيارة المعتمد البريطانى في مقره واضعا إمكانيات البلاد في خدمة الجيش الإنجليزى بالإضافة إلى تبرعه بثلاثة ملايين جنيها من ميزانية الدولة وهو مبلغ ضخم في ذلك الوقت وذلك مساهمة من مصر للحكومة البريطانية في مواجهة نفقات الحرب.
كانت القوى الثانية التى يرى السلطان أحمد فؤاد أنها كانت ذات تأثير على الأوضاع السياسية في مصر هى الحركة الوطنية التى نشطت قبل الحرب العالمية الأولى وقد كانت تسعى إلى إقامة حكم دستورى وهو الحكم الذى ينتقص من سلطة القصر إلى الحد الذى يصبح فيه الملك يملك ولا يحكم بالإضافه إلى حكومة شرعية منتخبة من الشعب ويكون بيدها مقاليد الأمور في البلاد أما القوى الثالثة فقد كانت القصر كمؤسسة قائمة لها سلطاتها الموروثة تساندها طبقة أرستقراطية ورثت مركزها في المجتمع بمساندتها للقصر.
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى سنة 1919 نشطت الحركة الوطنية المقاومة للإنجليز للحصول على استقلال مصر وجلاء الاحتلال وهنا قام السلطان أحمد فؤاد الأول بدور كبير لتشتيت جهود زعماء الحركة الوطنية وحرمانهم من أى مكاسب تزيد من شعبيتهم فأصدر مرسوما بتشكيل الوفد الرسمى للمفاوضات برئاسة عدلي باشا يكن رئيس الوزراء متجاهلا حزب الوفد مما أدى إلى معارضة شديدة من سعد باشا زغلول أحدث انقساما في الحزب نفسه كما انشق من الحزب بعض أعضائه متهمين سعد باشا زغلول بأنه حول قضية البلاد من صراع ضد الاحتلال إلى خصومة شخصية بينه وبين عدلى باشا يكن.
وبعد ذلك قامت بريطانيا بمنح مصر استقلالا وهميا حددت شروطه التى رفضتها بالطبع القوى الوطنية بزعامة سعد باشا زغلول الذى كان يرى أن تلك الشروط تفرغ استقلال مصر من مضمونه إذا نصت على بقاء الاحتلال في مصر بدعوى الدفاع عنها وكذلك حق بريطانيا في حماية الأقليات والأجانب فقامت بريطانيا بإصدار تصريح 28 فبراير سنة 1922 معلنة استقلال مصر مع العديد من التحفظات التى تحكم من خلالها سيطرتها على مصر والسودان وتستطيع من خلالها التدخل في شئون مصر وعقب إعلان الاستقلال أصدر السلطان فؤاد أمراً بتغيير لقبه من سلطان إلى ملك على مصر وأصبح يعرف بملك مصر وسيد النوبة وكردفان ودارفور وأصبح اللقب الرسمى له هو حضرة صاحب الجلالة الملك فؤاد الأول.
يذكر للملك فؤاد الأول أنه قد سعى لدى بريطانيا لتعديل نظام وراثة الحكم في مصر لينحصر في ذريته بدلا من أكبر أبناء الأسرة فكان له ما أراد وأخطرته بريطانيا في 15 أبريل سنة 1922 بموافقتها على ذلك وأن تكون وراثة العرش لفاروق ونسله من بعده فأصدر الملك فؤاد أمرا ملكيا في 13 أبريل سنة 1922 بنظام وراثة العرش وأصبح اللقب الرسمي لفاروق هو حضرة صاحب السمو الملكى الأمير فاروق كما لقب أيضا بلقب أمير الصعيد.
استغل الملك فؤاد الخلافات الحادة بين القوى المختلفة في مصر تجاه وضع الدستور وأخذ يماطل في إصداره لكى يكسب مزيدا من السلطات إلى أن أجبرته بريطانيا في النهايه على إصداره.
قام الملك فؤاد بإجراءات كان الهدف منها هو تقويض الحكم الدستورى وتعطيل الحياة النيابية وحل مجلس النواب ومجلس الشيوخ وجعل من حقه تعيين الأعضاء المعينين في مجلس الشيوخ ثم أصدر أول مرسوم بإقالة الوزارة الائتلافية برئاسة مصطفى النحاس باشا والتى لم يصدر على تأليفها أكثر من ثلاثة شهور.
وزاراته: وزارة عبدالخالق ثروت باشا: تشكلت في 1 مارس 1922 واستمرت حتى 29 نوفمبر 1922.
وزارة محمد توفيق نسيم باشا: تشكلت في 23 نوفمبر 1922 واستمرت حتى 9 فبراير 1923.
وزارة يحيى ابراهيم باشا: تشكلت في 13 مارس 1923 واستمرت حتى 27 يناير 1924.
وزارة سعد زغلول باشا: في 24 يناير 1924 شكل سعد زغلول أول وزارة يرأسها مصري من أصول ريفية وسميت وزارة الشعب وكانت غصة في حلق الملك فؤاد الذي ناصبها العداء.
عرض سعد باشا برنامج وزارته وكان يهدف إلى التخلص من التحفظات الأربعة في تصريح 28 فبراير التي كانت تعوق الاستقلال التام لمصر فطرح سعد زغلول المطالب الوطنية وهى:
الاستقلال التام بجلاء القوات الإنجليزية عن البلاد.
قيام مصر بمسؤلياتها في حماية قناة السويس.
حرية الحكومة المصرية في وضع سياستها الخارجية.
الحكومة المصرية هي التي تتولي شئون الأقليات والأجانب.
ولكن الحكومة البريطانية رفضت هذه المطالب وناصبت وزارة سعد العداء وجاءتها الفرصة عندما قام أحد المصريين بدافع الوطنية باغتيال سردار الجيش المصري في السودان سيرلي ستاك وهو في القاهرة فاستغلت الحكومة البريطانية هذا الحادث ووجه لورد اللنبي إنذاراً لوزارة سعد زغلول يطالب فيه:
أن تقدم الحكومة المصرية اعتذاراً عن هذه الجريمة.
أن تقدم مرتكبي هذه الجريمة والمحرضين عليها للمحاكمة والعقاب.
أن تقدم تعويضاً مقداره نصف مليون جنيه استيرليني للحكومة البريطانية.
أن تسحب القوات المصرية من السودان.
أن تقوم بزيادة مساحة الأراضي المزروعة قطناً في السودان.
كان الإنجليز يهدفون من هذا الإنذار إبعاد مصر عن السودان لتنفرد به بريطانيا ووضع السودان ومصر في تنافس اقتصادي حول محصول القطن وظهور إنجلترا بمظهر المدافع عن مصالح السودان إزاء مصر.
وافق سعد زغلول على النقاط الثلاث الأولى ورفض الرابعة فقامت القوات الإنجليزية بإجلاء وحدات الجيش المصري بالقوة من السودان فتقدم سعد زغلول باستقالته وقام الملك فؤاد بتكليف زيور باشا برئاسة الوزارة كما قام بحل البرلمان ولكن نواب البرلمان اجتمعوا خارج البرلمان وقرروا التمسك بسعد زغلول في رئاسة الوزراء فقامت الحكومة البريطانية بإرسال قطع بحرية عسكرية قبالة شواطئ الإسكندرية في مظاهرة تهديدية لذلك قرر سعد زغلول التخلي عن فكرة رئاسة الوزراء حتى لا يعرض مصر لنكبة أخرى مثل ما حدث عام 1882.
وزارة أحمد زيور باشا: تشكلت في 24 نوفمبر 1924 واستمرت حتى 13 مارس 1925.
وزارة أحمد زيور باشا: تشكلت في 13 مارس 1925 واستمرت حتى 7 يونيو 1926.
وزارة عدلي يكن باشا: تشكلت في 5 يونيو 1926 واستمرت حتى 21 أبريل 1927.
وزارة عبدالخالق ثروت باشا: تشكلت في 24 أبريل 1927 واستمرت حتى 4 مارس 1928.
وزارة مصطفى النحاس باشا: تشكلت في 16 مارس 1928 وحلها الملك بسبب تزايد تأثير حزب الوفد فيها في 26 يونيو 1928.
وزارة محمد محمود باشا: تشكلت في 25 يونيو 1928 واستمرت حتى 2 أكتوبر 1929.
وزارة عدلى يكن باشا : تشكلت في 3 أكتوبر 1929 واستمرت حتى 1 يناير 1930.
وزارة مصطفى النحاس باشا: تشكلت في 1 يناير 1930 وحلها الملك بسبب تزايد تأثير حزب الوفد فيها في 19 يونيو 1930.
وزارة إسماعيل صدقي باشا: تشكلت في 19 يونيو 1930 واستمرت حتى 4 يناير 1933.
وزارة إسماعيل صدقي باشا: تشكلت في 4 يناير 1933 واستمرت حتى 27 سبتمبر 1933.
وزارة عبدالفتاح يحيى باشا: تشكلت في 27 سبتمبر 1933 واستمرت حتى 14 نوفمبر 1934.
وزارة محمد توفيق نسيم باشا: تشكلت في 14 نوفمبر 1934 واستمرت حتى 30 يناير 1936.
وزارة علي ماهر باشا: تشكلت في 3 يناير 1936 واستمرت حتى 9 مايو 1936.
وزارة حسين سري باشا: تشكلت في 25 يوليو 1949 واستمرت حتى 3 نوفمبر 1949.
سجل التاريخ أن اللواء موسى فؤاد باشا هو صاحب أول استجواب فى الحياة النيابية فى مصر وكان ذلك يوم 29 أبريل عام 1924 حيث وجهه لوزير المالية لمساءلته عن أمور تتعلق بإنفاق الحكومة فى السودان وتم مناقشته فى الجلسة الـ 16 لمجلس الشيوخ والتى انعقدت علنًا يوم الاثنين 12 مايو 1924 ودارت علامات استفهام فى هذا الاستجواب حول معرفة مقدار المبالغ التى دفعتها الخزانة المصرية لسد عجز ميزانية نظيرتها السودانية التى تشكلت فى 1891 وكيفية تنازل الحكومة المصرية للسودان عن السكك الحديدية التى أنشأها الجيش المصرى هناك حال استرداد السودان لها وكذلك مصلحة الوابورات النيلية بمحتوياتها من ورش وأبورات وصنادل ومراكب شراعية وما إذا كان قُدِّر لمحتويات هاتين المصلحتين ثمن عند التنازل؟.
كما ضم الاستجواب تساؤلات حول مقدار المبالغ المنفقة من الخزانة المصرية على إنشاء ميناء بورسودان ومبانيه ومقدار دين الحكومة المصرية على نظيرتها السودانية وهل هناك فائدة سنوية لهذا الدين وما إذا كان للحكومة المصرية حق الرقابة على مالية حكومة السودان ومقدار المبالغ التى أُنفقت على عمارة مدينة الخرطوم بعد إعادة فتحها وتجديد مبانٍ كثيرة فيها والتى أجرتها حكومة السودان فيما بعد لساكنيها وتستولى على إيرادها لخزانتها والسبب فى وضع يد الحكومة السودانية عليها وهل تنازلت لها الحكومة؟
جاء رد الوزير على الاستجواب: إن المبالغ التى دفعتها الخزانة المصرية لسد عجز ميزانية حكومة السودان مبينة سنويًّا فى حساب الحكومة المصرية الختامى فى جدول خاص وتم صرف الإعانة بدءًا من سنة 1899 إلى 1912 وبلغ المجموع المنصرف حوالى 5 ملايين و353 ألفًا و215 جنيهًا مصريًا إلى أن توقفت الإعانة.
ونفى الوزير فى معرض رده على السؤال الثانى أن تكون الحكومة تنازلت عن السكك الحديدية أو الورش والصنادل والوابورات النيلية وقال: إنه لا يوجد أمر عال ولا قرار وزارى يقضى بذلك وما دفعته الخزانة فى هذه المرافق دين على السودان كما فصل بنود إنفاق مصر الخاصة بميناء بورسودان وأحال الرد على حساب التجريدات إلى وزارة الحربية.
من إنجازات الملك فؤاد الأول نذكر تأسيس بنك مصر ومصر للطيران وبنك التسليف الزراعي وتأسيس الجامعة الأميرية ومجمع اللغة العربية والإذاعة المصرية.
يوم 28 أبريل عام 1936 توفي الملك فؤاد في قصر القبة وأعلنت الإذاعة نبأ الوفاة وعقب ذلك نكست الأعلام وأعلن الحداد العام في جميع أنحاء البلاد ودفن جثمان الملك فؤاد في مسجد الرفاعي وقد خلفه على العرش ابنه فاروق الأول.