رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


قصائد

24-2-2017 | 13:14


عبد الزهرة زكي

ولد عام 1955 ويقيم في بغداد. صدرت له في بغداد وبيروت ودمشق ورام الله سبع مجموعات شعرية وكتب أخرى منها: اليد تكتشف، كتاب الفردوس، كتاب اليوم والساحر، طغراء النور والماء، شريط صامت/ نصوص عن السيارات والرصاص والدم، حينما تمضي حرا.

نصب للتذكار

عابرون كثرٌ كانوا قد مرّوا سنينا

بالحائطِ الآيلِ إلى السقوط،

وما زالت ظلالٌ لهم على الحائط.

من الذين مرّوا عليه

بقيتْ آثارُ أيدٍ على ترابِه

وبقيت عليه ظلالُ أحزانٍ..

وعلى آجرّه

ندوبُ ريحٍ ركدت وأمطارٍ انحبستْ

من بعد ما جاءت على الحائط الآيل إلى السقوط.

ما زال عليه عطرٌ من شجيراتِ آسٍ

ورائحةٌ من شجرِ النارنج

وبقايا وريقاتِ وردٍ ذبلت منذ سنين..

وندى من غبشٍ شتويٍّ لم يتكرّر

منذ عقود.

وعند أسفله،

على الرصيف المتآكل،

حباتٌ من تمرٍ ومن توتٍ

تيبّست تحت الأقدام.

ليست بعيدة عنه

رطوبةُ مهاجع كلابٍ وجِراءٍ

ومواءُ قططٍ هائمةٍ

كانت قد غفت عند برودةِ ظلالِهِ الكثيفة..

وعلى أعلاه

بقايا ريشٍ وبرازٍ من طيورٍ حطّت

ثم طارت عنه إلى البعيد.

نبضاتٌ شاحبةٌ

من قلبٍ يحتضن سهمَ كيوبيد

على الطلاء المتساقط عن الحائط،

وعلى الطلاءِ

عباراتٌ مبهَمةٌ خلّفها أطفالٌ

تمنّت أمهاتُهم أن لا يصيروا رجالا

قبل أن تأتي عليهم حروبٌ مبهمة مرّت

وبقي الحائط خلفها، كما من قبلها،

آيلا إلى السقوط.

وفي هذا النهار الموحش؛

وبعد الانفجار الأخير،

تأتي طفلةٌ صامتةٌ

مفتَّحةَ العينين وقطيعة الساقين،

فتمسحُ بكمِّها عن الجدارِ قطراتٍ من دمِها،

ثم تنصرف ميتة

وتمضي بالدم نحو القبر،

قريبا من الحائط الذي ما زال واقفا منذ عصورٍ

وما زال آيلا إلى السقوط.

***

حدائق الحياة اليومية

رفقةُ الوحوش

صنع شاعرٌ تمثالا لوحشٍ

ووضعه في حديقةِ أحلامِه.

نامَ الشاعرُ،

فاستيقظ الوحشُ، ففتح عينيه وتمطّى

ونهضَ يبحثُ عن فريسةٍ له

في الحديقةِ التي كان فيها وحيدا.

ومنذ ذاك

الشاعرُ نائمٌ

فيما الوحشُ رابضٌ على صدرِه

يتجولُ طليقا في حديقةِ أحلامه

لا يدري متى سيجهز عليه.

***

رفقة النجوم

 

وفي حديقةِ الظلام

كان شاعرٌ قد كوّرَ حجرا في كفِّه

ورمى به نحو السماء.

بقيَ الحجرُ يرتفعُ

وعبثا ظلَّ الشاعرُ يرقبه

منتظرا سقوطَه على الأرض.

 

توارى الحجرُ واختفى

حتى استحالَ نجمة على وجهِ السماء

وما زال الشاعرُ في حديقةِ ظلامِه،

في ظلامِ نهارٍ لا ينتهي،

واقفا

محدّقا في النجمِ في الأعالي

منتظرا أن يسقطَ من هناك نيزكٌ

كان قد كوّره حجرا بكفِّه.