رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


142 عامًا على صدور الدستور المصري 1882.. حكاية اللائحة الأساسية لأول نص ديمقراطي وأبرز مبادئه

7-2-2024 | 14:45


الدستور المصري 1882

142 عاما مرت على إصدار الدستور المصري 1882 والذي يعد أول دستور ديمقراطي في العالم العربي، وكان ميلادًا للثورة العرابية، وهو أبرز المحطات في تاريخ الدساتير المصرية، التي سعت لتنظيم العلاقة بين الجهات وتنظيم العلاقة بين الفرد والسلطة، بدءًا من القرن الثامن عشر الميلادي.

 

تاريخ الدساتير المصرية

قبل صدور دستور 1882 كانت هناك محاولات لإيجاد دساتير حاكمة كانت في شكل لوائح وقوانين، من أبرزها "قانون السياستنامة"، والذي كان أول نص ذو طابع شبه دستوري عام 1837 في مصر، والذي بمقتضاه تم تأسيس بعض الدواوين الجديدة، ونظم عملها واختصاصاتها، وكان محاولة من حاكم مصر آنذاك محمد علي لمجاراة التطورات السياسية والمؤسسية في أوروبا، لكنه لم يرق إلى أن يكون دستورا بالمعنى الحديث يقوم على سيادة القانون.

ثم أعقبه لائحة مجلس الشورى 1866، وذلك خلال حكم الخديوي إسماعيل، والذي صدر تحت وطأة الضغط الشعبي على الخديوي، حيث صدرت لائحة تأسيس مجلس شورى النواب ولائحة حدود ونظام المجلس في 22 أكتوبر 1866 ، وهو أول نص منظم لمجلس نيابي تمثيلي في مصر الحديثة، وحدد بعض الالتزامات وبعده تأسس نظام مجلس الوزراء الذى سمى آنذاك بـ"مجلس النظار"، ثم ألف نوبار باشا أول وزارة فى مصر في ذلك الوقت .

وبعدها برز الاتجاه نحو النظام الدستوري، أواخر عهد الخديوي إسماعيل، من خلال مشروع دستور 1879، لكنه لم يعرض على الخديوي إسماعيل لإقراره، حيث أُعِد في فترة أزمة خلع الخديوي من حكم مصر، ولكنه عُرِض على مجلس النواب وكان ذلك بمثابة اعتبار المجلس كجمعية تأسيسية أصدرت هذا الدستور ، وبمقتضى هذا الدستور أصبح التشريع من حق مجلس النواب فلا يصدر قانون إلا بموافقته، وكان الدستور يتكون من 49 مادة.

 

الدستور المصري 1882

كان الدستور المصري 1882 هو أول دستور ديمقراطي صدر في الدول العربية كافة، وهذا الدستور كان ميلادا طبيعيا للثورة العرابية التي أجبرت الخديوي توفيق على إصداره في 7 فبراير سنة 1882، في عهد الخديوي توفيق ليحل محل دستور سنة 1879.

فخلال حكم أسرة محمد علي، وتحديد خلال تولي الخديو توفيق، كان الدستور المصري 1882 بمثابة محاولة متواضعة لتطبيق نظام ديمقراطي في ظل الولاية العثمانية التي كان يمثلها أسرة محمد علي، وأصدر كمحاولة لتأكيد عدم تبعية مصر للدولة العثمانية وفي محاولة متجددة من الخديوي توفيق ليحصل على استقلال ذاتي.

ونص الدستور حينها على جعل الحكم في مصر قائما على أسس أهمها رقابة مجلس النواب لعمل الحكومة الذي يمثله مجلس النظار حينها أو الوزراء، وهو ما جعل هذا الدستور قريبا من النموذج الدستوري لدولة قانونية – نسبيا - وإن كان لا يرقى إلى المستوى المطلوب للدولة القانونية.

وحمل الدستور توجهات الخديوي توفيق ورغبته في السيطرة على مقاليد حكم مصر، التي كانت تعاني من عدة أزمات في ذلك الوقت منها الديون الموروثة عن حكم الخديوي إسماعيل، وتفكك سيطرة الحكم على أجزاء من الإقليم المصري.

ونص دستور مصر سنة 1882 على تنظيم العلاقة بين مجلس للنواب الحكومة وكان يسمى مجلس النظّار، لكنه لم يكن شاملا ولم يتطرق للحقوق والحريات الأساسية للمواطن في مصر.

 

مبادئ دستور 1882

ونص الدستور المصري 1882 على عدد من المبادئ، من بينها تأكيد على إيجاد  مجلسا نيابيا أسماه مجلس النواب، مقره محروسة مصر يعتمد على انتخاب النواب، فنص على أن يستمر عمل المجلس مده خمس سنوات، ولا يتم حل هذا المجلس إلا في حالة الخلاف المستحكم بين مجلس النظار وبينه، فإذا استمر الخلاف ولم تقم النظارة(الوزارة) بالاستعفاء (الاستقالة) يقوم الخديوي بفض المجلس والدعوة لانتخاب مجلس نواب جديد يمثل سيادة الأمة المصرية.بحيث إذا جاء مجلس جديد وأقر رأي المجلس السابق الذي كان محل خلاف بينه وبين مجلس النظّار(الحكومة)أصبح رأي المجلس نهائيا ويتم العمل به.

كما نص الدستور على مبدأ سيادة الأمة، وبموجب هذا الدستور، فان السلطة تستمد من الأمة ويكون الحكم باسمها والأمر يصدر تعبيرا عنها كلها، ارتكازا على ان أمة قديمة مثل مصر لاتتكون فقط من شعب اليوم أو المواطنين الذين يعيشون الآن بل تشمل إلى جانب ذلك أجيال الأمس وأجيال الغد، ولذلك فإن جيل اليوم الحاضر عندما يتخذ قرارات سياسية معينة فانه إنما يمثل في ذلك تقاليد وثقافة وقيم المجتمع في الماضي والحاضر والمستقبل.

كما تبنى الدستور مبدأين أساسيين هما حصانة النائب ضد أية إجراءات تقوم بها الحكومة تتعلق بالمساس بحريته الشخصية من جراء اتهامه بجريمة، كما وعلّق الدستور اتخاذ إجراءات تتعلق بوقوع جناية أو جنحة من النائب على إذن من المجلس، تأكيدا لمبدأ الحصانة، وبهذا تبنى الدستور أهم وسائل الحصانة البرلمانية وهو الإذن. وهو بحد ذاته قيد على الحكومة من النيل من النواب، وهو ضمانة لحسن سير عمل المجلس النيابي، أما المبدأ الثاني فهو استقلال النائب، بمعنى عدم تبعيته لسلطان ناتج من أوامر أو تعليمات تصدر إليه بشأن ممارسة وظيفته كنائب في مجلس النواب، وله في مجال الاستقلال؛ مطلق الحرية في إبداء رأيه غير مرتبط بأي وعد أو تهديد (وعيد) ولا يجوز التعرض للنائب بأي شكل من الأشكال.