حكاية وطن.. ابحثوا عن الآنسة فاطمة!
نشأت.. بكنف أب "حوطھا" وعلمھا وهي صغیرة بشكل صحيح فاستقامت على الطريق السليم.. والمؤكد أنها عاشت طفولة معدمة اقتصادیا، ولكن فخورة ومنتجة كمثل الكثير من أطفال الريف المعروف بالكرم حتى بالمواهب الموجودة فيه..مما أثر لاحقا على خیاراتھا بالحیاة وبالعمل..
ولا یوجد أسرار..
خلف نجاحاتها التي نحتت شخصیتھا وموھبتھا نحتا، برفقة والدھا وعبر تدریبه القاسي لھا، ومن الحركة المستمرة باتجاه ھدف واضح بعینه..كما كان من صفاتها المميزة أیضا أنھا كانت قویة الشخصیة صامدة ودبلوماسیة وواضحة.. ولم تكن "مزاجية" أو "تصادمية" أو تعش بمبدأ "أنا حرة" الذي حمل لكل من عاش به "الخراب" أو "المعارك الخاسرة"!..
البداية كانت..
في بیئة آمنة ثم تحركت مع رفاق كانوا لھا مخلصین مثل دار خبرة، وبتزوید لم ینضب من المواھب المساندة، وابتعدت عن "الافاقين" و"عواجيز الفكر" فلم تسلم لهم عقلها أو مشاعرها ليدغدغوها بالوهم.. كانت "عاقلة"!..
وعندما ارتقت سلم النجاح عاشت متصالحة مع وطنھا، ومع قیمھا الروحیة.. فلم تتنكر بثوب غیر ثوبھا وان اجتھدت في بعض العروض للتكیف مع متطلبات الجمھور والسوق و لتبرز فقط موهبتها..
ومن الجواھر..
تقلدت حلیة بشكل ھلال وھو ما أنار طریقھا في عتمة اللیل، عندما كانت تجوب البلاد صغيرة مع والدھا للعمل، وليس كعالة منزل كأي شاب في وقتنا هذا.. انھا الشابة العصامیة التي حملت موهبتها المقام الصحيح.. وقامت بما تجید فعله حقا وجمعت الأدوات اللازمة، بل "تمسكت" بقوة بكل يد أمسكت بها لترشدها إلى الطريق الصحيح ولم تفلتها، لتعمل كأنھا شركة مساھمة عامة للجمیع مصلحة ما في نجاحھا..
وما وراء "الأسطورة"..
عوامل مكنت صبیة من قریة نائية من التنافس في "المدینة"..عندما التقى الزمان والمكان والأشخاص المختصين بقدرات وذكاء "السیـدة".. ومن "المولد" على ظهر حمار الى مسرح "الأوديون" في باريس على ظهر طائرة خاصة..
إنها ( الآنسة فاطمة ابراھیم البلتاجي )..
أو السيدة "أم كلثوم السیدة"..
الریادیة أو الموهبة في اطارھا الصحیح..
أو قصة كل موھبة تبتدئ بالتفاصیل ولتنتھي بالمصیر الصحيح..
( مصر ولادة )..
أؤمن بهذه العبارة بل هي من ضمن ثوابت اليقين لدي.. وأنها لا تكف عن تقديم المواهب والكفاءات في كل المجالات فى أصعب الظروف، ورغم التباسات المشهد الفوضوى فى قطاعات كثيرة، وسيل الإسفاف والهذر المحيط بنا من كل جانب، نتيجة تراكمات وموروث سنوات طويلة كان فيها تجريف منظم ومتعمد لمواهب ولكفاءات حقيقية وجادة..
فماذا سيكون الحال لو اكتشفنا تلك المواهب والكفاءات بشكل واسع؟، وأن نمنحهم الفرصة مثلما حصلت عليها "الآنسة فاطمة" - أم كلثوم -.. وكما قلت فإن مصر ولادة وبالتاكيد مئات بل آلاف من الشباب الموهوب مثل "الآنسة فاطمة".. في الفن والرياضة والعلوم والإدارة..الخ، عندها ستصبح لدينا ثروة هائلة، ونجد الكثير من الحلول لمشكلاتنا من خلال ثروة العقول والمواهب، وعلينا فقط أن نوسع التجربة، وأن نعتنى بالمواهب بدءا من المدارس ومراكز الشباب، وفي الجامعات والمراكز البحثية والمعاهد والمعامل وان نراجع كل الابحاث والدراسات التي تصدر فيها، بل وأن نبحث في كل القطاعات الفنية والادارية، وأن ندرب الكشافين فى مختلف المجالات، وأن نمنح الصلاحيات القوية والمحكمة لأي قيادة في أي مكان ووفق ضوابط صارمة لا تدخل فيها الاهواء الشخصية ليجدوا تلك المواهب المدفونة !..
وأن نضع منظومة على أسس علمية لاكتشاف وتبنى وصقل وتنمية تلك المواهب والكفاءات، التى ستضع بلدنا فى المكانة المناسبة، وأن نستغل طاقاتها الكامنة فى جينات تستمد خبرات حضارة قديمة أبهرت العالم، ويمكن أن تستعيد بريقها وتوهجها..
وتتضمن وضع عدد من الأفكار فى الاعتبار أثناء التنقيب عنهم منها وعلى رأسها الثقافة اللازمة والاستعداد الفطرى اللذان يؤهلان صاحب الموهبة للاستمرار والإنجاز، وأنا ممن يؤمنون أنه مهما بلغ حجم هذه الموهبة ومهما كان توهجها وسطوة ظهورها فإنها بغير إدارة وحسن قيادة ودعمها بما يلزمها من خبرات وثقافة ودراسة فهى والعدم سواء!..
إن مشكلتنا ليست فى انعدام المواهب والكفاءات أو شحها فهذا غير صحيح، إنما المشكلة الكبرى فى العثور عليها أولا، والكشف عنها وإتاحة الفرصة لها ثانيا، وثالثا حسن إدارة هذه المواهب بما يسمح لها بالتألق والإبداع ودوام الإنتاج بذات المستوى..
مصر مليئة بالمواهب فى مختلف المجالات..
ولا تكف عن تقديم أجيال تلو أجيال من الموهوبين، لكن ما يظهر منها ويأخذ فرصته نسبة قليلة جدا مما لدينا من مواهب..
لذلك..
ابحثوا عن "الآنسة فاطمة"..
في كل حتة في مصر و(حوطھا) صح..