رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


جواز مرور رئاسة زالوجني لأوكرانيا بـ يد زيلينسكي

17-2-2024 | 11:41


د.نبيل رشوان

د.نبيل رشوان

تغيرات القيادة العسكرية للجيش الأوكراني الأسباب والتداعيات البعض يتحدث عن أن الرئيس زيلينسكي خلق لنفسه منافسًا سياسيًا قويا رئيس ديوان الرئيس الأوكراني الأسبق يرى أن زيلينسكي حفر لنفسه حفرة سيقع فيها قائد الجيش الأوكراني الجديد ولد ودرس في روسيا ووالده كان عقيدًا فى الجيش الروسي والدته وشقيقه تعيشان فى روسيا حتى الآن ومؤيدتان للعملية العسكرية في أوكرانيا "إنها حرب أهلية" قام الرئيس الأوكراني، وفى معمعة العملية العسكرية الروسية التى كان من نتائجها أن سيطرت روسيا على حوالى 20% من مساحة أوكرانيا، بإجراء تغييرات في القيادات العسكرية الأوكرانية.

ورغم أن مسألة إقالة القائد العام للجيش الأوكراني فاليري زالوجني كانت متوقعة للقاصي والداني لعدة أسباب أولها أن الرجل اندمج فى البحث عن دور سياسي بل إن البعض اقترح عليه ترشيح نفسه فى الانتخابات الرئاسية القادمة، وذهب البعض لأبعد من ذلك عندما قام البعض بالترويج لشعبية السيد فاليري زالوجنى القائد العام للجيش وبأنها أكبر من شعبية الرئيس زيلينسكي والأمر الثاني هو فشل زالوجني فى الهجوم المضاد الذى شنه على الجيش الروسي العام الماضي والذي لم يسفر سوى عن خسائر فادحة للجيش الأوكراني، هذا بالطبع ولا يجب إغفال خلافه مع الأمريكيين الذين كانوا يشاركون قيادة الجيش الأوكراني كخبراء ومخططين، كما أن السيد فاليري زالوجني قال إن الموقف فى جبهات القتال تجمد وهذا فى صالح روسيا، وطالب بتعبئة عامة لأنه كان يريد 500 ألف جندي إضافي، إضافة إلى أنه عبر وسائل الإعلام الغربية انتقد الرئيس زيلينسكي فى أكثر من موقع، لكن فى تقديري كل هذا كان يمكن التغاضي عنه والسبب الرئيسي للإقالة هو التنافس السياسي بين الرئيس والقائد العام للجيش.

وكان لابد أن يبرر الرئيس زيلينسكي قراره بإقالة القائد العام زالوجنى، بأن قال إن المهام تغيرت، وطلب من القائد العام الجديد للجيش الأوكراني أن يتجنب الركود فى أرض المعارك، رغم أن الأمريكيون طلبوا من الجيش الأوكراني، فى الوقت الحالي، الدفاع النشط فقط، لكن فى كل الأحوال تمت إقالة فاليري زالوجني، وهو من مواليد أوكرانيا ومتأثر فى عمله ودراساته برئيس الأركان الروسي الحالي فاليري جيراسيموف، وهو تحدث عن ذلك فى أحد اللقاءات، عندما قال إنه قرأ كل مؤلفات زميله الروسي وتأثر بها، وأتى زيلينسكي بالكسندر سيرسكي وهو من مواليد مقاطعة فلاديمير بروسيا ودرس العلوم العسكرية فى روسيا أثناء الفترة السوفيتية والديه وشقيقه مازالوا يعيشون فى روسيا حتى الآن فى مدينة فلاديمير، والده عقيد متقاعد فى الجيش الروسي.

قبيل العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا كانت والدة سيرسكي وشقيقه متحمسان لها وكانا ينشران على وسائل التواصل الإجتماعي ما يفيد ذلك، شقيقه قال إنه لم يتحدث إليه منذ فترة طويلة، ووصف الأمر بأن ما يحدث "حرب أهلية" تقليدية على حد قول الرئيس بوتين.

فيما يتعلق بالمهنية، فإن سيرسكي الذي يعتبرونه فى روسيا مواطن روسي بالمولد والدراسة، سمعته العسكرية محل جدل، حيث يتهمه البعض بأنه يميل أكثر إلى الاقتحامات بالجنود مضحياً بهم ولذلك لقيب "بالجزار".

بعض المعلقين الروس اعتبره خائن لروسيا لأنه روسي ويخدم فى الجيش الأوكراني، على أى حال هذا من ماضي سيرسكي، الآن هو قائد عام للجيش الأوكراني ويلقبونه ببطل الدفاع عن العاصمة كييف ومحرر مدينة خاركوف، وبطل موقعة "باخموت"، رغم أنه ضحى بكثير من الجنود الأوكران، وكان قد وعد زيلينسكي بالحفاظ على "باخموت" لكن رغم ذلك المدينة سقطت فى أيدي قوات "فاجنر". الجنرال الكسندر سيرسكي لم يكن له أي طموح سياسي، ولم يلاحظ خارج المؤسسة العسكرية ومن ثم، وفق الخبراء، سيكون عمل الرئيس الأوكراني معه "أبسط".

لكن هناك مجموعة من المنحازين للجنرال زالوجنى الذين يصورونه كما لو كان الاسكندر الأكبر، رغم أنه لم يحقق على الأرض أى انتصار يحسب له، ووفق وسائل إعلام روسية الحديث عنه مبالغ فيه جداً، لكنه كان واقعياً فى قيادته العسكرية، فقد أشار استطلاع للرأي أجري بعد إقالة زالوجنى أن ثقة الشعب فى الرئيس زيلينسكي أصبحت أكثر سلبية عما كانت عليه من قبل.

فى الوقت نفسه لم يلحظ المراقبون أي تأثير إيجابي على الجبهة لصالح أوكرانيا لإقالة السيد زالوجني، بل على العكس هناك تدهور لصالح روسيا التى سيطرت تقريباً على مدينة "أفدييفكا" وانسحبت منها القوات الأوكرانية. ويقول بعض الخبراء إن الموقف على جبهات القتال لن يتغير كثيراً وكما قاد الأمريكيون العمليات سيستمرون فى ذلك وأن زالوجني أو سيرسكي ما هم إلا مجرد واجهة فقط.

وفى تصور الخبراء أن الرئيس الأوكراني يستطيع تكليف القوات المسلحة بقيادتها الجديدة بأي مهام، لكن بدون الإمدادات بالسلاح والمعدات العسكرية ذات النوعية الخاصة والحديثة والأموال (بالطبع من الدول الغربية) لن يحدث شئ يذكر.

ولا ننسى التعبئة العامة وتزويد الجيش بالأفراد لأن الجيش الأوكراني يعاني من نقص حاد فى الأفراد نظراً لأن أعداد كبيرة قررت الهروب خارج البلاد فى فوضى بدء العملية العسكرية، كما أن قانون التجنيد الجديد دفع المواطنين لسحب الأموال من البنوك عندما علموا بأنهم سيحرمون من التصرف فى أموالهم إذا لم يلبوا نداء الوطن، الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على المنظومة البنكية فى البلاد.

وذكرت بعض المصادر أن الرئيس زيلينسكي وضع أمام القائد العام للقوات المسلحة مهمة تقديم خطة واقعية للعمل خلال عام 2024، وهنا المسألة تبدو ليست من المنطق فى شئ، حيث لا يستطيع السيد سيرسكي القيام بعمل خطة بدون تفاصيل محددة وأوامر من أعلى للقيام بتخطيط استراتيجي.

ومن هنا فإن الرئيس زيلينسكي هو من يحدد فى تكليفاته للقيادة العسكرية والأهداف الاستراتيجية للعمليات العسكرية فى الفترة القادمة، مع الأخذ فى الاعتبار القوى والوسائل المتاحة وتقسيمها على اتجاهات العمل العسكري وأولوية المهام الاستراتيجية.

التعليقات على إقالة زالوجني كثيرة ولعل أهمها كان من رئيس ديوان الرئيس الأوكراني الأسبق ليونيد كوتشما السيد فيكتور ميدفيدتشوك الذي تم القبض عليه فى أوكرانيا بتهمة العمالة لروسيا وتم استبداله بعدد من الأسرى الأوكران، والذى قال إن الرئيس زيلينسكي بإقالته زالوجني قد حفر لنفسه حفرة وتوقع السيد ميدفيدتشوك أن يتحول زالوجني إلى سياسي قوي منافس للرئيس الأوكراني خاصة وأنه يتمتع بشعبية كبيرة أدت إلى إقالته، وأشار ميدفيدتشوك إلى أن القائد العام للجيش (زالوجني) لم يحقق أي نجاح ملحوظ، وقال إنه رغم ذلك كان يغطى على أخطاء العسكريين البريطانيين والأمريكيين وخاصة فيما يتعلق بفشل الهجوم المضاد فى العام الماضي.

أما صحيفة الواشنطن بوست فقد كانت تتوقع الإقالة منذ فترة طويلة لأنه فى اعتقاد الصحيفة القائد العام للجيش أصبح من الممكن أن يسبب تهديد للرئيس الأوكراني إذا قرر أن يبدأ العمل السياسي، أما موقع بلومبيرج فقد أشار إلى خطورة هذه الخطوة من الناحية السياسية على الرئيس الأوكراني.

الصحافة الأوروبية ومنها "الموندو" الإسبانية ترى أن إقالة القائد العام للجيش الأوكراني قسمت البلاد إلى قسمين فى وقت حرج، البعض يؤيد زالوجني ويعتبر إقالته فى هذا الوقت خطأ لا يغتفر، بينما يؤيد البعض الآخر الإقالة بسبب لأنه يمتلك كاريزما تهدد الرئيس، فى نفس الوقت يطالبون بأي حركة على الجبهات مخافة أن يتجمد النزاع.

أما الرأي الحاسم فيما يتعلق بإقالة السيد زالوجني فإنى أميل إلى اعتماد رأي السيد ميخائيل بودولياك المستشار فى الديوان الرئاسي للرئيس زيلينسكي والذى أشار إلى أن كل مرحلة لها متطلباتها وأن الجنرال زالوجني كان مؤثراً عندما دار الحديث عن القيام بعمليات دفاعية، وكانت فى كييف وسومي وتشيرنيجيف وخاركوف، وهو أدى عمله بشكل جيد فى عام 2022 وجزء 2023 عندما قام بعملية هجومية فى خاركوف.

ووفق السيد بودولياك هناك ظروف جديدة ولا يجب أن ننتظر حتى تفاجئنا وعلينا القيام بالتغيير بما يتلاءم مع الوضع الجديد مشيراً إلى أن المرحلة القادمة تتطلب تعامل من نوع جديد معتبراً أن فكرة الدفاع من الأفضل أن يقوم بها الجنرال سيرسكي لأنه يقوم بذلك بشكل أفضل خاصة وأنه قاد عملية الدفاع عن كييف.