علماء المسلمين (30- 9)| يعقوب بن إسحاق الكندي.. فيلسوف العرب الأول ورائد الفلسفة الإسلامية
شهد تاريخ الحضارة الإسلامية العديد من العلماء البارزين الذين قدموا إسهامات كبيرة في مجالات معرفية متنوعة مثل: العلوم التطبيقية، الدينية، اللغوية، الفلسفية، الطبية، والاجتماعية، وقد أسس هؤلاء العلماء قواعد ومناهج علمية راسخة في أبرز العلوم التي استفاد منها الإنسان على مر العصور وحتى يومنا هذا.
وفي سلسلة خاصة تقدمها بوابة «دار الهلال» خلال شهر رمضان المبارك 1446 هجريًا، سنستعرض يوميا أحد هؤلاء العلماء المسلمين المبدعين ونلقي الضوء على إسهاماتهم العظيمة في مختلف ميادين المعرفة.
نبدأ في حلقتنا الأولى بالتعرف على أبرز علماء اللغة العربية والأدب، الذين قدموا أعمالاً قيمة أثرت هذا المجال وأسهمت في تقدمه.
يعقوب بن إسحاق الكندي
برع يعقوب بن إسحاق الكندي في الفلك والفلسفة والكيمياء والفيزياء والطب والرياضيات والموسيقى وعلم النفس والمنطق، ويعد أول الفلاسفة المتجولين المسلمين، كما اشتهر بجهوده في تعريف العرب والمسلمين بالفلسفة اليونانية القديمة والهلنستية.
كان "الكندي" عالمًا بجوانب مختلفة من الفكر، وعلى الرغم أن أعماله عارضتها أعمال الفارابي وابن سينا، إلا أنه يعد أحد أعظم فلاسفة المسلمين في عصره، وقال عنه المؤرخ ابن النديم في كتابه الفهرست: "فاضل دهره وواحد عصره في معرفة العلوم القديمة بأسرها، ويسمى فيلسوف العرب.. ضمت كتبه مختلف العلوم كالمنطق والفلسفة والهندسة والحساب والفلك وغيرها، فهو متصل بالفلاسفة الطبيعيين لشهرته في مجال العلوم".
ويعتبر كتابه "رسالة في قدر منفعة صناعة الطب" من أهم أعمال "الكندي" في مجال الطب والكيميا، حيث أوضح فيه كيفية استخدام الرياضيات في الطب، ولا سيما في مجال الصيدلة، وعلى سبيل المثال، وضع الكندي مقياس رياضي لتحديد فعالية الدواء، إضافة إلى نظام يعتمد على أطوار القمر، يسمح للطبيب بتحديد الأيام الحرجة لمرض المريض.
وكان "الكندي" هو أول من وضع قواعد للموسيقى في العالم العربي والإسلامي، فاقترح إضافة الوتر الخامس إلى العود، وقد وضع الكندي سلمًا موسيقيًا ما زال يستخدم في الموسيقى العربية من اثنتي عشرة نغمة، وتفوق على الموسيقيين اليونانيين في استخدام الثمن، كما أدرك أيضًا على التأثير العلاجي للموسيقى، وحاول علاج صبي مشلول شللًا رباعيًا بالموسيقى، وله خمسة عشر أطروحة في نظرية الموسيقى، لم يبق منها سوى خمسة فقط، وهو أول من أدخل كلمة "موسيقى" للغة العربية، ومنها انتقلت إلى الفارسية والتركية، وعدة لغات أخرى في العالم الإسلامي.
واندثرت الكثير من أعمال "الكندي" خاصةً الأعمال الفلسفية، ويقال أن المغول دمروا عددًا لا يُحصى من الكتب عند اجتياحهم بغداد، كما أن كتاباته لم تعد تلقى قبولاً بين أشهر الفلاسفة اللاحقين كالفارابي وابن سينا.