رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


ريشة وقلم (9 ــ 30)| الشاعر والكاتب أشرف ضمر: الصوم بالنسبة للكاتب يفتح له أبواب التأمل

9-3-2025 | 13:57


الشاعر أشرف ضمر

فاطمة الزهراء حمدي

يمثل شهر رمضان الكريم فرصة فريدة للتأمل والتجديد الروحي، وهو أيضًا مناسبة للتواصل الثقافي والفكري. في هذا الشهر المبارك، تتجلى القيم الإنسانية السامية من تسامح وتراحم، مما يُلهم الأدباء والشعراء والفنانين التشكيليين للإبداع والتعبير بأساليبهم الفريدة، حيث تحمل تلك الحوارات طابعًا مميزًا، وتكشف عن رؤياهم الروحية و تأملاتهم الفكرية، ومن خلال تلك المناسبة تستعرض بوابة دار الهلال مجموعة من الحوارات مع مختلف الأدباء والشعراء والفنانين.

وفي السطور التالية نلتقي مع الشاعر  والكاتب أشرف ضمر، لنتعرف على ذكرياته في رمضان،  والطقوس الرمضانية التي يمارسها.

 

  •        ما هي ذكرياتك في رمضان؟

 الذكريات الطيبة لا تتوقف عن التداعي كلما دخلنا في أجواء الشهر الفضيل، وكذلك الذكريات السيئة أيضًا، وهي مراحل، ذكريات الطفولة حين كنا جميعًأ أنا وإخوتي الخمسة على بيت أمي وأبي، نتحسس خطواتنا الأولى في الحياة، ونتعلم الصوم ونحن في المدرسة، ونختبر صحة العبادة بإخراج الألسنة لبعضنا البعض، وانتظار المغرب، والطواف على بيوت الجيران والأقارب بالضحكات والسعادة و بأطباق الحلويات والمشروبات الباردة والتي كنا نزورها ببراءة طفولية في الطريق، ثم ذكريات الشباب والدخول لعالم الأدب، وارتياد الخيام والمنتديات الأدبية في رمضان، في بيوت الثقافة وعلى المقاهي والسحور على الأرصفة والطرقات مع الأصدقاء في ظل حكايات وضحكات لا تنقطع، ثم أخيرًا ذكريات ما بعد الشباب، وقد تفرق الجميع وصار رمضان شهرًا فرديًا لا جماعيًا، مات من مات من الأصدقاء والأخوة والآباء والجيران والأقارب، وازدحمت المنتديات والخيام بوجوه الغرباء، وغرقت الأرصفة والطرقات في طوفان من العشوائية والفوضى، فغابت الضحكات وثقلت الحكايات، وازداد الحنين للذكريات البعيدة في رمضان.

  •       شهر رمضان الكريم ذو طابع خاص، على الجميع  لما له من أجواء خاصة، فهل انعكس ذلك على طبيعة رحلتك وأعمالك؟

 بالطبع، فالصوم بالنسبة للكاتب يفتح له أبواب التأمل، بل لا أبالغ لو قلت إن طقوسه تعمق من معاناة أي أديب، فلا شك أن بحياة كل منا شيئًا من الحرمان، ويتعزز هذا الشعور أكثر في رمضان، وهو ما يدفع الذهن للتأمل أكثر، واستجلاب الإلهام، فالزهد قرين الإبداع، ربما هذه  وجهة نظري الخاصة، لكني أرى في الصيام فرصة لانطلاق مخزون الروح المضغوط عليه بثقل الجسد، إنه تحرر القلب من قيود المعدة لو جاز التعبير، ولا أذكر أنني أنجزت الكثير من الأعمال في رمضان، بل إنه عادة ما يكون مرحلة تجهيز وتحضير وتفكير في هذه الأعمال، التي تتدفق كتابة وتحريرًا بعد انقضاء العيد.

  • ما هي طقوس رمضان التي يمارسها الكاتب؟

أعرف الكثير من أصدقائي ينامون طوال نهار رمضان بالكامل، ويستيقظون قبل المدفع بقليل، كنت يومًا مثلهم، إلى أن اضطرتني ظروف الحياة للعمل صباحًا في رمضان، وهذا بالنسبة للكاتب تحدٍ كبير، فأغلب المبدعون لا يستطيعون التوفيق بين العمل والصوم، فإما يفطرون أو يأخذون إجازة من العمل، لكني قبلت هذا التحدي مستعينًا بالله، وكدت أضعف في البداية، لكن في هذا الشهر العصيب أعدت اكتشاف ذاتي وقدراتي البدنية والذهنية، بل اكتشفت أن الضعف الذي يتحجج به البعض أمام سيجارة أو فنجان بن (قريني الإبداع لدى بعضهم) ما هو إلا وهم إما يرفضه العقل أو يتمسك به، هذه النقطة تحديدًا جعلتني أعيد النظر في الإبداع والحياة بشكل عام، والفضل كله يعود لهذا الشهر الكريم، لذا أنتظره من العام للعام كالطفل الصغير، لأعيد اكتشاف ذاتي في كل مرة، أتحدث بصدق.

•        هل  اختلف شهر رمضان في الزمن الماضي عن الوقت الحالي؟

الاختلاف ظاهري فقط، لكن الجوهر واحد، ربما يكون الاختلاف أيضًا في افتقادنا من طالما أحببناهم، وصمنا وأفطرنا معًا، ربما، لكن بالنسبة للجوهر فلم ولن يختلف، هي الفرحة ذاتها والترقب نفسه كل عام، هو نفس الشوق والقلق اللذيذ في انتظار مدفع الإفطار، هي نفس الطقوس المصرية العريقة سواء في استقباله بفرحة وتوديعه بفرحه كما تقول الأغنية.

•        ما هي الأماكن التي تجد بها مصدر إلهامك في ذلك الشهر؟

صراحةً، المقاهي والتجمعات الأدبية ولقاء الأصدقاء في الهواء الطلق، بعيدًا عن الأماكن المغلقة الخانقة في وقاعات الأمسيات الشعرية، فرمضان يجعلنا أحرارًا وصادقين مع أنفسنا، ويطلق فينا ذلك الإحساس الدفين بالانطلاق الصادق، وترك التكلف والرسميات، فالحرية هي مصدر الإلهام الأبدي، وأي مكان يصادر هذه الحرية فهو عدو الإلهام.