رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


قادة الغرب في حالة يأس "القوى الروسية لا تنضب"

2-3-2024 | 12:41


د.نبيل رشوان

د . نبيل رشوان

عندما أعلن الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي عن أن العام الحالي 2024 هو الذى سيحدد مصير النزاع في بلاده، ويبدو أنه لم يكن يهذى أو يتحدث من قبيل التكهن بل أن هناك خطط للسلام أو لتسوية النزاع يجري الإعداد لها أو هي بالفعل معدة وتنتظر مناقشتها، خاصة وأنه على ما يبدو لم يعد الجانب الأوكراني مصراً على مطالبه السابقة فيما يتعلق العودة لحدود عام 1991. ويبدو لي كذلك أن الجانب الأوكراني قد يكتفي باتفاقيات ضمان الأمن التي يوقعها هذه الأيام مع الشركاء الأوروبيين أو أن الشركاء هم من يسعى لتوقيعها ربما لأن تتخلى أوكرانيا عن مسألة الانضمام للناتو على أن يكون هذا أحد البنود التى من الممكن أن تحصل كييف بمقتضاها على تنازلات من روسيا فيما يتعلق بمطالبها القاسية.

على أي حال هناك خطط عديدة لتسوية النزاع الروسي ـ الأوكراني وهو ما كشف عنه وزير خارجية سويسرا إنياسو كاسيس، الذى قال إن خطط تسوية النزاع في أوكرانيا لا تقتصر فقط على الحكومات الغربية، بل امتدت لعدد من المنظمات والتجمعات الدولية فعلى سبيل المثال منظمة "البريكس" لديها مبادرة سلام وأشار الوزير السويسري إلى أن عدد خطط تسوية النزاع وصل حتى الآن إلى 10 خطط للسلام، لكنه أشار إلى أن عدد من هذه الخطط مازال سرياً. تحدث رأس الدبلوماسية السويسرية عن بعض الخطط التي أصبحت معروفة للجميع ومنها الخطة الصينية للسلام في أوكرانيا والتى كانت محل نقاش أثناء زيارتي لبكين، وفيها لا تتحدث الصين عن أراض أوكرانية وإن كانت تشير إلى عدم جواز الاعتداء على وحدة أراض الدول والالتزام بميثاق الأمم المتحدة (مبادئ عامة) وهناك خطط أخرى للتسوية طرحت ولكنها لم تنشر، لكن هذا لا ينفي وجودها.

وأكد الوزير السويسري على أن عدد خطط تسوية النزاع يظهر استعداد دول مختلفة للمساهمة في وقف العمليات العسكرية وأضاف أنه لدى الجميع خطط سلام وكلها تحتوي على خطوط مشتركة من الممكن اللجوء أو الاعتماد عليها أو الاسترشاد بها أثناء المفاوضات وحذر الوزير من أن النتائج لن تكون مرضية لأوكرانيا 100% ولا لروسيا 100%، وإلا لما كانت المفاوضات، وفي الذكرى الثانية لنشوب النزاع الروسي ـ الأوكراني في شكله الساخن الحالي اصطدم العالم بمبادرتى سلام، وكان ذلك عشية تلقي الجمعية العامة لمبادرة سلام أوكرانية تقدمت بها مع شركائها، في نفس الوقت تقدمت الصين بخطة السلام التي كانت قد وعدت بها، ووفق المراقبين كانت المبادرة الأوكرانية طموحة أكثر من المتوقع وهي لم تضف جديداً إلى قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة. بالنسبة للصين كانت مبادرتها أفضل، وفق محللين روس، مما كان متوقعاً من خلالها نستشف أن الصين ظلت معادية للغرب بشكل واضح ولذلك لم تكن المبادرة الصينية مقبولة من الجانب الأوكراني. من المفترض أن تناقش كافة مبادرات السلام في مؤتمر سويسرا، وأبدى الرئيس الأوكراني استعداداً لتقديم خطة تحقيق السلام التي سيتفق عليها في المؤتمر إلى روسيا، رغم أنه يمنع التفاوض مع روسيا وتصر روسيا من جانبها على الاحتفاظ بالأراضي التي تسيطر عليها منذ العملية العسكرية.

كان الرئيس السويسري فيولا أمهيرد قد صرح بأن الرئيس الأوكراني طلب منه تنظيم مؤتمر سلام على أعلى مستوى أي بحضور رؤساء الذول، وعلى ما يبدو استجابت سويسرا لطلب الرئيس زيلينسكي حيث أعلن مدير مكتب الرئيس الأوكراني أندريه يرماك عن عقد أول قمة "صيغة سلام" في الربيع القادم، حيث ستدعى 160 دولة، وأشار يرماك إلى أنه من الممكن دعوة روسيا في المؤتمر الثاني. روسيا من جانبها وعلى لسان المتحدث الرسمي باسم الرئيس بوتين دميتري بيسكوف أعلنت أنه لم يتواصل أحد مع الجانب الروسي بخصوص مؤتمر للتسوية حتى الآن، ووصف أي مؤتمر متعلق بتسوية سلمية دون روسيا بأنه "غير جاد ومدعاة للسخرية".

وفي تطور جديد وأثناء انعقاد قمة أوروبية وصفت بأنها غير رسمية وبحضور قادة 20 دولة لبحث تقديم الدعم لأوكرانيا خرج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتصريح أثار القادة الذين اجتمع بهم في باريس عاصمة بلاده عندما أعلن أنه لا يستبعد إرسال قوات فرنسية إلى أوكرانيا في المستقبل وأن بلده لن تسمح بانتصار روسيا في الحرب، لكن التصريح الفرنسي وجد استنكار من كافة الأطراف الغربيين ومنها الولايات المتحدة التى نفت أن يكون لديها نوايا في التدخل العسكري في أوكرانيا وقال السيد جون كيربي المنسق الأمني بالبيت الأبيض، إن بلاده ليست عازمة على التدخل العسكري في أوكرانيا وأن العسكريين الأمريكيين الموجودين في أوكرانيا هم من الملحقية العسكرية وهم يقومون بمراجعة أوجه استخدام الأسلحة التي تحصل عليها كييف، بعد أن أثير الكثير من اللغط حول تجارة السلاح الغربي الذي تحصل عليه كييف، أما مجموعة من الدول على رأسها سلوفاكيا والمجر فقد أعلنت أنها لن تشارك في أي تدخل عسكري في أوكرانيا، وحتى سكرتير عام الناتو نفى أي نية للحلف للتدخل العسكري بأوكرانيا، وهو الأمر الذي دفع وزير الخارجية الفرنسي لأن يصرح بأن التدخل الفرنسي الذي كان يقصده الرئيس الفرنسي ينحصر في عمليات إزالة الألغام والحرب السيبرانية فقط.

الجانب الروسي جاء تعليقه على لسان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي قال إن مناقشة إرسال قوات أوروبية لأوكرانيا مرتبط بعدم قدرة الدول الأوروبية على إرسال مساعدات عسكرية لكييف، وتعتبر روسيا أن إرسال السلاح لأوكرانيا يمنع التوصل لتسوية للنزاع وقد يورط دول الناتو في النزاع بشكل مباشر ووصف هكذا أمر بأنه "لعب بالنار"، وحذر السيد لافروف من أن أي سلاح سيرسل لأوكرانيا يعتبر هدف مشروع للقوات الروسية، وأكد وزير الخارجية الروسي أن الولايات المتحدة وحلف الناتو يشاركان في النزاع بشكل مباشر، وليس فقط بتقديم السلاح، من خلال إعداد الكوادر العسكرية في بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وأعتبر السيد لافروف أن التزويد الكثيف لأوكرانيا بالسلاح لا يساعد على التفاوض وسيكون له أثر سلبي.

تحدث الخبراء كثيراً عن تصريح الرئيس الفرنسي حول مشاركة قوات فرنسية في النزاع، البعض اعتبره سقطة لم يتفق عليها مع بقية الدول الأوروبية بدليل أن كثيرين نفوها بل حتى واشنطن نفتها وحلف الناتو نفسه، بينما اعتبرها البعض الآخر أنها ربما تكون نوع من التحذير المبطن والغير مباشر لروسيا بأنه قد يحدث تدخل مباشر من دول حلف الناتو في النزاع رغم أن الرئيس بوتين تحدث أكثر من مرة عن أن بلاده ليس لها أي مشاكل مع الحلف. فهل يكون تصريح الرئيس الفرنسي بداية لتدخل عسكري غير معلن لقوات من الحلف خاصة وأن الأوضاع على الجبهة تشهد تقدم سريع للقوات الروسية، أم أن الرئيس الفرنسي ربما أراد أن يقول إن على روسيا التوقف عن التقدم لحين الاتفاق على خطوط عريضة لتسوية بعد مؤتمر سويسرا للسلام المقرر في الربيع والذي من الممكن أن تحضرة 160 دوله يقوم الرئيس زيلينسكي بدعوة دول مختلفة قام من خلالها بزيارة للمملكة العربية السعودية وعقد اجتماع بدول البلقان التي تقليدياً مؤيدة لروسيا.

يبدو أن التعنت الأوكراني مع مرور الوقت سوف يضيع على كييف فرصة تحقيق السلام بشروط جيدة لها، كما تقول صحيفة "الواشنطن بوست" التى قالت إن وضع أوكرانيا اليوم أسوأ بكثير عما كان عليه في العام الماضي، فالقوات مستنزفة وتعاني من نقص في الذخيرة والسلاح، وتشير الصحيفة إلى أن أوكرانيا بهذا الشكل أغلقت "نافذة إمكانيات لتحقيق سلام مع روسيا يحفظ ماء الوجه"، فقد كان على القوات الأوكرانية القيام بعملية هجوم مضاد ناجحة لكي تحافظ على دعم شركائها الغربيين لكنها لم تستطع فعل ذلك. وألقت الصحيفة الأمريكية بالقنبلة في وجه القيادة الأوكرانية عندما قالت إن السياسيين في الغرب سيكون عليهم إقناع مواطنيهم بدعم أوكرانيا مجدداً، ليس لتحقيق النصر ولكن لكي لا تتعرض "لهزيمة ساحقة" وفق الصحيفة. وأشارت إلى أن نافذة التسوية عن طريق المفاوضات التي كانت موجودة أغلقت الآن، نظراً لأن روسيا ترى أن الأمور على الأرض وصلت لطريق مسدود، وروسيا لديها الغلبة على المدى الطويل في الواقع الفعلي.

كان القائد العام السابق للجيش الأوكراني فاليري زالوجني الذي اعترف بخطئه في تقدير إمكانيات الجيش الروسي، الأمر الذي كان بمثابة صدمة لأعضاء الكونجرس الذين يؤيدون استمرار دعم أوكرانيا، بعد ذلك تحدثت قناة إن بي سي عن أن المسئولين الأمريكيين والأوروبيين بدأوا يناقشون مع كييف شروط وتأثير إمكانية مفاوضات سلام مع روسيا. ما دفعهم لذلك هو وفق القناة "أن لدى أوكرانيا تقريباً استنزفت القوى، في نفس الوقت تبدو روسيا وكأن قوتها لا تنضب"