رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


أمثال شعبية| مش هخلي الدبان الأزرق يعرف لك طريق (30 – 5)

6-3-2025 | 00:55


أمثال شعبية

بيمن خليل

تُعدّ الثقافة الشعبية من المداخل الأساسية لدراسة الشعوب، حيث تعكس الجوانب النفسية والعاطفية في حياة المجتمعات، وتعتبر الأمثال الشعبية أحد أبرز عناصر هذه الثقافة، إذ تمثل حجر الزاوية لفهم الشعوب.

والمثل هو حكمة تتجسد في كلمات مسجوعة أو غير مسجوعة، تنطوي على رمز يحمل نقدًا أو علاجًا لأحد جوانب الحياة المتنوعة. والحكمة في جوهرها قديمة، هي نتاج الروح وثمار تجربتها، تتشكل من نعم الحياة وابتلاءاتها، نادرًا ما تخلو أمة أو قبيلة من قول الحكمة في أمثال تتداولها، وقد تتجاوز هذه الأمثال حدودها إلى أمم أخرى، إذ إن النفوس البشرية، رغم اختلاف درجات تطورها، تشترك في العديد من جوانب الحياة، وقد تتسم هذه الحكمة بالرقي، لتصبح جزءًا من ثقافة الأمة ومعرفتها العميقة، ويعكس ذلك مستوى تطور الأمة ونضوجها.

خلال أيام شهر رمضان المبارك، نعرض معًا مجموعة من الأمثال الشعبية المصرية التي تناولت موضوعات حياتية يومية متنوعة.

واليوم نناقش الأمثال التي تدور حول مش هخلي الدبان الأزرق يعرف لك طريق

توجد أنواع عديدة من الذباب، حيث يتغذى كل نوع على شيء معين، فهناك ذباب الفاكهة، وهناك ذباب يتغذى على الدم والأنسجة الحية، وهناك أنواع أخرى تقتصر في غذائها على الجثث والأنسجة المتعفنة فقط.

أما النوع الذي يتغذى على الجثث فقط، والذي لا يأكل غيرها، فهو ذو لون أزرق، ويُسمى بالإنجليزية "blue bottle fly"، أما اسمه العلمي فهو Calliphora، وهو يشير إلى أنه حيث توجد الجثث، تكون هذه الذبابة حاضرة.

وعندما نقول "لن نسمح للذبابة الزرقاء بأن تجد طريقها إلى الجثة"، فإننا نلمح إلى أن الجثة ستظل مخفية عن الأنظار، وأنه لن يستطيع أي شخص الوصول إليها، حتى الذباب الأزرق نفسه.

أما في مجال الحكمة، فقد كانت الأمة اليونانية من أبرز الأمم التي اشتهرت بها، حيث كانت ثقافتها غنية بالحكمة التي خلدتها عبر العصور.

الحكمة هي وحي الروح، تجسد السكون الداخلي وتحررها من رغبات النفس وشهواتها، بل هي تعبير عن عدالة النفس وتقواها.

وفي الأمة العربية قبل الإسلام، كانت الحكمة تمثل إلهامًا نابعًا من الصحراء، يعكس الخيال البسيط والمتأمل تحت الكواكب في الليل وفي وهج الشمس خلال النهار. وكان هؤلاء البدو الرحل يعبرون عنها في شعر موزون واضح، وفي فقرات من النثر البليغ، الذي كان أحيانًا مسجوعًا وأحيانًا آخر مرسلًا.

ثم جاء الإسلام ليحمل الحكمة الكبرى، من خلال آيات بينات كان جبريل عليه السلام، ينزل بها على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ليعلم الناس قوانين دينهم ودنياهم. فارتفعت الأمة العربية وبلغت ذروة العز والرفاهية والعدل.

وتعددت شعراء الحكمة وكتّابها في الإسلام، وانتشرت أمثالها بين الناس، وأصبح هؤلاء الشعراء والكتاب خلودًا في الأدب العربي. حيث كان المتنبي وأبو العلاء المعري وغيرهم من شعراء الحكمة الذين تفوقوا على شعراء آخرين مثل بشار بن برد ومروان بن أبي حفصة، فالفريق الأول كان يعبّر عن الحكمة، بينما كان الفريق الثاني شعراء فحسب.

انتقلت الحكمة إلى شمال إفريقيا، حيث استقبلها العرب وغيرهم من الشعوب، وأخذوا يعبرون عنها في أمثال تحمل طابعًا مميزًا يعكس تنوع اللغات في هذه المنطقة.

وكانت مصر لها النصيب الأكبر في إثراء هذا التراث بالأمثال الشعبية التي تميزت بالبلاغة والعذوبة. وقد أصبحت الأمثال المصرية جزءًا محوريًا من الأدب الشعبي في الشرق، تتمتع بالحكمة تارة وبالفكاهة تارة أخرى. وتقبلها الشرق العربي بشغف وحب، ما يثير الإعجاب هو أن العديد من هذه الأمثال تتشابه بين مختلف البلدان الشرقية، رغم اختلاف اللهجات المحلية