علماء ومفكرون في الإسلام.. «ابن باجة» (30:8)
ظهر في تاريخ الحضارة الإسلامية العديد من العلماء المسلمين البارزين الذين قدّموا إسهامات مهمة في مختلف المجالات المعرفية، مثل: العلوم التطبيقية والدينية واللغوية والفلسفية والطبية والاجتماعية، فقام هؤلاء العلماء بتأسيس مناهج وقواعد علمية راسخة في أشهر العلوم، أفادت البشرية جمعاء إلى يومنا هذا.
وفي سلسلة نُقدّمها بوابة «دار الهلال» خلال أيام شهر رمضان المبارك لعام 1445 هجرية، سنتعرّف كل يوم على أحد هؤلاء العلماء المسلمين البارزين، ونستعرض إسهاماتهم على مرّ التاريخ في ميادين المعرفة المختلفة.
ومع أيام رمضان سنلتقي مع أشهر وأبرز علماء اللغة العربية والأدب، وما قدّموه من آثار جليلة غنّت هذا الفنّ.
ابن باجة
يعد العالم والفيلسوف الإسلامي أبو بكر محمد بن يحيى بن الصائغ بن باجة التجيبي ( 487 - 533 هـ / 1095 - 1138 ) والمعروف بـ " ابن باجة"،من أبرز الفلاسفة المسلمين، اهتم بالطب والرياضيات والفلك والأدب والموسيقى، وكان أحد وزراء وقضاة الدولة المرابطية.
وبنى ابن باجة الفلسفة العقلية على أسس الرياضيات والطبيعيات فنزع عن الفلسفة الإسلامية سيطرة الجدل، وخلع عليها لباس العلم.
ويعد ابن باجة أول فيلسوف في الإسلام فصل بين الدين والفلسفة في البحث، وانصرف إلى العقل ولهذا اتهم بالإلحاد والخروج عن تعاليم الدين، وقد لام أبو حامد الغزالي لميله إلى التصوف.
ومن أقوال ابن باجة: " إن الإنسان يستطيع بلوغ السعادة عن طريق العلم والتفكير لا بإماتة الحواس وتجسيم الخيال، كما يفعل المتصوفون، وقد رأى أن الغزالي خدع نفسه، وخدع الناس حين قال في كتابه «المنقذ من الضلال» إنه بالخلوة ينكشف العالم للإنسان"
وكتب ابن باجة "رسالة الوداع" والتي أهداها لأحد أصحابه المقربين وهو على أهبة السفر طويل خشي ألا يراه بعده، ورسالة "الاتصال"، وكتاب "النفس" وكتاب "الكون والفساد".
ومن مؤلفاته في الطب: "كلام على شيء من كتاب الأدوية المفردة لجالينوس"، و"التجربتين على أدوية ابن وافد"، و"اختصار الحاوي للرازي"، و"كلام في المزاج بما هو طب".
ويذكر أن أصول كتب ابن باجة العربية، فُقدت ولم ينقل إلينا منها إلا ما ترجم حينها إلى اللاتينية وما نقله من جاء بعده من الفلاسفة كابن رشد وابن ميمون، ومن أشهر هذه الترجمات، "تدبير الموحد"، ويتضمن هذا الكتاب تخيل بن باجة لمدينة لا يشغل أهلها غير تدبير واحد أو غاية واحدة طريقها العقل، فتتحقق لها ولهم السعادة، ويقسم بن باجة غايات الإنسان إلى جسدية وروحانية وعقلية وهذه الأخيرة هي أرقاها.