رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


السيد نجم: الصوم يهيئ الحالة الذهنية للتفاعل واﻹبداع (خاص)

19-3-2024 | 16:17


السيد نجم: الصوم يهيئ الذهنية للتفاعل وإبداع

دعاء برعي

قدم القاص والروائي السيد نجم عبر تجربته الممتدة على مدار ما يقرب من أربعين عامًا مجموعة من الروايات والمجموعات القصصية الفارقة التي عالجت تغيرات شهدها المجتمع المصري انطلاقًا من فترة السبعينيات وحتى الآن، فضلًا عن حضور قوي بين الأوساط الثقافية، وما قدمه من دراسات حول أدب الحرب، وأدب المقاومة والذي له فيه دراسات عدة منها "الحرب: الفكرة –التجربة –الإبداع" في 1995، و"المقاومة والأدب" في 2001، و"المقاومة والحرب في الرواية العربية" في 2055، و"المقاومة والقص في الأدب الفلسطيني.. الانتفاضة نموذجًا" في 2005، و"أدب المقاومة –المفاهيم والمعطيات" في 2014، وصدرت له مؤخرًا مجموعة قصصية عنوانها "مخاض الحكي".

ونتعرف مع الدكتور نجم، على ذكرياته ورؤاه وأفكاره عن شهر رمضان الكريم.. يرتبط رمضان لدى نجم بمشاركته في حرب أكتوبر 73 في العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر، والتي كان أحد جنودها، يقول في حديثه لبوابة "دار الهلال": "الطريف الذي لا ينسى أن بدت في أرض المعركة بعض العادات والتقاليد الرمضانية باقية على الرغم من كل مآسى وقسوة المعارك، ذلك بفضل ما كان يفعله صديقنا الرقيب طبيب بطرس أو طبيب الأسنان الصعيدي".

ويضيف: "أمضيتُ حوالي خمس سنوات في تلك الفترة بوحدات الخدمات الطبية، وآخرها المستشفى الجراحي تحت الأرض رقم "5" جنوب مدينة السويس (على الجبهة)، فلم نكن نفكر في الخروج من الخدمة العسكرية قبل تحرير الأرض، وهو القرار السياسي الذي طبق على الجميع، بداية لم يعلن أي من الجنود أو الأطباء الرقباء والضباط عن رغبته الإفطار في نهار شهر رمضان الكريم، على الرغم من ﺇعلان فتوى فضيلة شيخ الأزهر ـ وقتئذ ـ بإباحة اﻹفطار للمقاتلين على الجبهة، لم يفطر أحدنا، رغم أن الوحدة كانت ضمن خط الدفاع الأول على الجبهة.. وربما وجودنا بالوحدة هيّن نسبيًا في الصيام، فاللافت أن المصابين القادمين من داخل سيناء ومع المعارك الشرسة، أصر الكثير من بينهم على رفض تناول الدواء مؤكدا أنه صائم، ما أوقع الأطباء في ورطة حقيقية، حتى قلنا لهم أن العلاج بالحقن أيضًا يفطر، وقد نجحنا في ﺇقناع نسبة من بينهم بشق الأنفس ـ كما يقولون ـ بتناول أقراص الدواء".

ويواصل نجم: "تولى الدكتور بطرس أو الرقيب بطرس طبيب الأسنان مهمة تجهيز اﻹفطار لأكبر عدد من الرقباء الأطباء لديه بالدشمة التي ينهض باستقبال المصابين فيها.. وقد حدث بعد أحداث الثغرة أن تسللت بعض من الوحدات اﻹسرائيلية حتى بلغت بوابة المستشفى ونصبت خيامها "وهى الخيام التي تم التفاوض فيها بين القادة على فض الاشتباك الأول والثاني"، وقد تعمدوا ﺇطلاق النيران على سيارات اﻹسعاف أو المياه والتموين القادمة ﺇلى المستشفى، أو الخارجة منها، وهو الحصار الذي استمر خمسة أيام.. هنا ولأننا ما زلنا في رمضان، ولا يوجد الطعام التقليدي بسبب الحصار على الوحدة، نهض بطرس بفكرة جديدة وأعد اﻹفطار في ميعاده أيضًا، حيث استخدم قارورة الجلوكوز (محلول سكري) ووضع فيه كمية من البسكويت الجاف، والذى يتسلمه الجنود قبل الحرب، "فقط البسكويت في الجلوكوز"، وهو ما أطلقنا عليه (رضعة بطرس) مع العلم أن بطرس لم يكن يفطر ومعه بقية اﻹخوة المسيحيين طوال فترة صيامنا".

أما من ناحية تشكيل التقاليد الرمضانية الغالبة على حياة الروائي السيد نجم فيقول: "بعد تلك الفترة والعودة ﺇلى الحياة المدنية، وبداية الانخراط المشارك، والتفاعل مع المنتدايات الثقافية ومراسلة الصحف والمجلات بالقصص وخلافة، فقد تشكلت التقاليد الرمضانية الخاصة، فغالبًا ما يكون شهر رمضان بداية منجز إبداعي حتى وﺇن كان قصة قصيرة يتيمة، ورؤيتي الخاصة أن الصوم يمهّد ويهيئ الذهنية للتفاعل واﻹبداع، وهو ما اختبرته عمليًا خصوصًا بعد مرور أسبوع من الصيام، فيكفي أن ألقي بفكرة ما وأستثير النية في محاولة التعبير عنها في بداية رواية أو قصة قصيرة.. حسب الأحوال، ولا يخلو الشهر الكريم من مظاهر التواصل الاجتماعى واﻹنسانى، العائلي ومع الأصدقاء".