رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


نجوم المسرح المصري| عبدالرحمن الشافعي «فارس المسرح الشعبي» ( 9ـ 30 )

19-3-2024 | 21:20


عبد الرحمن الشافعي

همت مصطفى

يزخر تاريخنا الثقافي والفني بعلامات مضيئة، أصبحت نجومًا تتلألأ في حياتنا، من مؤلفين وممثلين ومخرجين، ونجوم خلف الستار، أضافوا الكثير بالتزامها وإخلاصها وموهبتها وإبداعها في مسيرة المسرح المصري والعربي، وأسعدوا الجمهور بكل ما قدموا، تركوا  إرثًا فنيًا في الحركة الفنية المصرية وحفروا أسمائهم في عالم الإبداع بما قدموا بالكثير من الأدوار والشخصيات بمسرحنا المصري.

 وتستكمل بوابة «دار الهلال» في رمضان 2024، ما بدأته من قبل برمضان 2023، حيث تواصل تسليط الضوء يوميًا على رحلة أحد الفنانين بالزمن الجميل، ولنسافر معه في سطورنا تحت عنوان «نجوم المسرح المصري».

ونلتقي اليوم، مع فارس المسرح الشعبي  عبد الرحمن الشافعي

ولد لمخرج القديرعبد الرحمن الشافعي بمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية في 11 أغسطس عام 1939، بدأت مع المسرح أثناء فترة دراسته في المرحلة الثانوية، فكون فرقه شعبية مسرحية كانت تقدم عروضها في الموالد تأثرا بعشق أخواله وأبناء بلدته الفنانين الكبار: حمدي وعبد الله غيث لفنون المسرح، والتحق بعد مرحلة دراسته الثانوية بكلية الحقوق  بجامعة عين شمس،  وتخرج فيها بالحصول على درجة الليسانس عام 1968

 

والتحقعبد الرحمن الشافعي أثناء فترة بداية دراسته الجامعية وخاصة عام 1963 بفرقة «المسرح العالمي» وهي إحدى فرق التليفزيون المسرحية، وشارك  بالفرقة ممثلا ومساعدا للإخراج مع كبار المخرجين، فتعلم بشكل مباشر أسس وقواعد الإخراج على يد نخبة من الرواد المبدعين الذين ينتمون إلى الجيلين الثاني والثالث من المخرجين في المسرح المصري الحديث وفي مقدمتهم: السيد بدير، حمدي غيث، سعد أردش، كمال عيد، حسن عبد السلام، وخلال هذه الفترة تعرف على نصوص المسرح العالمي بشكل نظري وعملي، وكذلك على التيارات المسرحية ومناهج الإخراج الحديثة، خاصة وأن لكل أستاذ من هؤلاء مدرسته وأسلوبه المتميز.

و استمر " الشافعي " بالعمل في فرق التليفزيون حتى تاريخ حل الفرقة عام 1967، وانتدب آنذاك للعمل مخرجا بالثقافة الجماهيرية (الهيئة العامة لقصور الثقافة حاليًا).


ساهم عبد الرحمن الشافعي وخلال مسيرته الفنية  في إثراء المسرح المصري بإخراج 72 عرضًا احترافيًا ما بين الهيئة العامة لقصور الثقافة، والبيت الفني للمسرح، والبيت الفني للفنون الشعبية ومركز الهناجر للفنون، إإضافة إلى إسهاماته بإخراج بعض العروض الاحتفالية الكبيرة التي كانت تقدم في المناسبات القومية أو المشاركة في المهرجانات الدولية.

و حرص الشافعي طوال مشوراه الفني على تأكيد الهوية المصرية واستلهام التراث الشعبي بجميع عروضه، والتعاون مع نخبة من الشعراء والموسيقيين والمغنيين والمداحين الشعبيين التلقائيين الموهوبين الذي نجح في توظيف مهاراتهم لتقديم أعمال قومية مصرية، مما جعله مبدعا مختلفا ومتميزا عن باقي المخرجين من أبناء جيله.


وب يمكن تصنيف مجموعة مشاركاته وإسهاماته المسرحية إلى قسمين رئيسيين الأول: إسهاماته في الإخراج المسرحي، والثاني إسهاماته في القيادة وتولي المناصب الإدارية.
 

الإبداعات الإخراجية
حينما انتدب الفنانعبد الرحمن الشافعي عام 1967 للعمل مخرجا بجهاز الثقافة الجماهيرية بادر بتكوين أول فرقة للحي الشعبي بالغوري بحي الحسين، فكانت تلك الفترة هي فرصته الحقيقية لتأكيد موهبته وإثبات قدراته،

 قام بتقديم نصوص وأفكار تعبر عن هموم وأحلام، وأبناء الريف البسطاء وكون فرقته المسرحية من أبناء الحي والعاملين به.

وقدم أول أعماله مسرحية: ياسين وبهية لنجيب سرور (1967)، والتي حققت نجاحا كبيرا ففتحت له المجال في أن يستمر وأخرج بعدها مجموعة المسرحيات التالية: آه ياليل يا قمر (1968)، كفر أيوب (1969)، أدهم الشرقاوي، سنبلة على قبر جمال (1970)، عرسان هنية، شلبية الغازية، الناس والبحر (1971).


ولنجاحه في إدارة فرقة الغوري تم تعيينه أول مدير لمسرح السامر عام 1971، فكانت بداية نقطة انطلاق جديدة له، صاحبه فيها نخبة من المسرحيين الموهوبين وفي مقدمتهم المبدعين: يسري الجندي، أبو العلا السلاموني، عبد العزيز عبد الظاهر، علي سعد، أمير سلامة، مهدي الحسيني، حيث جمع الطموح الفني وحماس الشباب بينهم للبحث عن هوية المسرح المصري، تلبية لدعوات نخبة من كبار المسرحيين وفي مقدمتهم الأساتذة : توفيق الحكيم، يوسف إدريس، د.علي الراعي، زكريا الحجاوي. فأخذوا يتناولون أفكارا مصرية شعبية بكل الجدية والجرأة ويقومون بتقديمها من خلال قوالب مسرحية مختلفة عن المعتاد.

و كان السامر مكانا مناسبا مع مخرج  اعتاد العمل مع نوعية مختلفة من الممثلين أكثر شعبية وتواصلا مع الحياة العامة بعيدا عن أمراض النجوم وأوهامهم.

عروض فرقة السامر 

وقدم من إخراجه لفرقة السامر (الفرقة النموذجية) مسرحيات: شفيقة ومتولي (1972)، هنا القاهرة، علي الزيبق (1973)، حكاوي الزمان، شرخ في جدار الخوف (1974)، حكاية من وادي الملح (1975)، الناس اللي خافت من الفلوس (1976) وغيرها من المسرحيات، وفي تلك الفترة تم اختيار «الشافعي» مشرفا على فرقة النيل للالات الشعبية عام 1975 ليكتمل النضج الفني بإخراجه «عاشق المداحين» عام 1978، وهو العرض الذي أستمر لمدة عام وشاهده رئيس الجمهورية الأسبق/ محمد أنور السادات.

 عروض  مسرحية أخرى
ومن أهم  العروض المسرحية الأخرى التي قام بإخراجها عبد الرحمن الشافعي لفرقة السامر: مصطفى كامل (1980)، منين أجيب ناس (1981)، لعبة الزمن (1984)، السيرة الهلالية (1986)، مولد يا سيد (1987)، الشحاتين (1988)، سلطان زمانه (1992)، حلاوة زمان (1993)، وذلك بالإضافة لبعض المسرحيات الأخرى ومن بينها: أمسية عن بيرم التونسي، مهاجر برسبان، أيوه جاي، وكذلك المسرحيات التي قدم أغلبها بسرادق الدراسة من خلال احتفاليات شهر رمضان الكريم ومن أهمها: يا عين صلي على النبي، الليلة الكبيرة، المولد، ليلة الرؤيا


و قام أيضا بإخراج بعض المسرحيات المهمة بفرق مسارح الدولة ومن بينها: ست الحسن (الغنائية الاستعراضية – 1992)، ليلة بنى هلال (الحديث – 1994)،

وأحلام ياسمين ( 1996)، السنيورة والثلاث ورقات (الغنائية الاستعراضية – 1998)، الخلابيص (الهناجر – 2002)، يا صبر أيوب (السامر – 2004)، السفيرة عزيزة (الحديث – 2005)، مفيش حاجة تضحك (الكوميدي – 2011)، طقاطيق جحا (الكوميدي – 2012).

وصاغ عبد الرحمن الشافعي عالم مسرحي خاص به، وهو ما يمكن نعرفه تحت  مسمى المسرح الشعبي أو عالم أولاد البلد، والذي حرص من خلاله على الذهاب بعروضه إلى الجمهور في أماكن تجمعاته في المواقع الأثرية والشعبية القديمة والحدائق والساحات والميادين.

تعاون مع فنانن ونجوم المسرح والفن

وتعاون مع بعض كبار الكتاب المسرح المصري ومن بينهم: نجيب سرور، يوسف إدريس، نعمان عاشور، رشاد رشدي، محمود دياب، سعد الدين وهبة وغيرهم، كما تعاون مع كتاب جيل الوسط الذي ينتمي إليه مع كل من: يسري الجندي، محمد أبو العلا السلاموني، السيد حافظ، محمد مهران السيد، نبيل فاضل، عزت عبد الوهاب، أمين بكير، صلاح هنداوي، مهدي الحسيني، وكذلك مع بعض رموز الأجيال التالية من الشباب ومن بينهم: أحمد الحوتي، أبو بكر خالد، سعيد حجاج، السيد محمد علي، يس الضو، أحمد هاشم


وقد تعاون من خلال العروضه مع نخبة كبيرة من النجوم والممثلين من بينهم على سبيل المثال الفنانين: أمينة رزق، حمدي غيث، عبد المنعم مدبولي، جمال إسماعيل، آثار الحكيم، عزيزة راشد، سوسن بدر، فادية عبد الغني، حنان ترك، محمود الجندي، أحمد راتب، أحمد ماهر، أحمد عبد الوارث، هادي الجيار، محمد أبو الحسن، إبراهيم عبد الرازق، فاتن فريد، سوزان عطية، فاطمة التابعي، فتحية طنطاوي، سامي العدل، محمد الشويحي، سامي فهمي، رضا الجمال، خليل مرسي، عهدي صادق، حمدي الوزير، فاروق عيطة، عفاف حمدي، علي عزب، منال زكي، أشرف فاروق، محمد دسوقي، مجدي عبد الحليم، إبراهيم جمال، عايدة فهمي، زين نصار، سامي مغاوري، أميرة فتحي، أحمد الشافعي، يوسف رجائي، مجدي السباعي، هلال فهمي، شوشو سلامة، محمود عبد الغفار.


 تعاون مع نخبة من الفنانين بمختلف مفردات العرض المسرحي وفي مقدمتهم: ومصمم السينوغرافيا/ حسين العزبي، الشاعر/ عبد العزيز عبد الظاهر، الموسيقار الكبير/ علي سعد، والمطربين الشعبيين/ فاطمة سرحان، جمالات ورضا شيحة، الريس متقال وشمندي، عزت وشوقي القناوي، سيد الضو


حصل  عبد الرحمن الشافعي على جائزة الدولة التشجيعية عام 1985 عن إخراجه المتميز لمسرحية «السيرة الهلالية» رائعة الكاتب يسري الجندي، والتي شارك في بطولتها كل من الفنانين: عزيزة راشد وإبراهيم عبد الرازق وفاروق عيطة.

 المناصب القياديةلاومهرجانات دولية
أسند للفنان عبد الرحمن الشافعي الإشراف على فرقة «النيل للآلات الشعبية» في عام 1975، فإخراج برامجها الفنية، وهذه الفرقة تتميز بأنها تضم فنانين حقيقيين تلقائيين لم يحصلوا على تدريب منهجي أو دراسات أكاديمية، وقد تم تجميعهم من شتى محافظات مصر.

 استكمل الشافعي  الطريق الذي بدأه الرائد زكريا الحجاوي، ومنح لأعماله المصداقية في تأصيل المسرح الشعبي المصري، أن هذه الفرقة منذ توليه إدارتها نالت شرف تمثيل «مصر» في عدد كبير من المهرجانات الدولية ، بكل من: أمريكا، أستراليا، كندا، فرنسا، إيطاليا، إنجلترا أسبانيا، أيرلندا، الدانمارك، الهند، الصين، وكوريا وغيرهم، وحصلت على العديد من الجوائز.

والفنان عبد الرحمن الشافعي كان أول من بادر في تكوين فرقة الواحات للفنون الشعبية، وأيضا فرقة الأقصر للفنون الشعبية، وكذلك تأسيس أول مهرجان للتحطيب بمصر.


وخلال مسيرته الإبداعية تقلد الفنان عبد الرحمن الشافعي عدد من المناصب الإدارية والقيادية بوزارة الثقافة ومن بينها:

عضوية لجنة تقييم العروض المسرحية على مستوى الجمهورية 1971، مدير لمديرية ثقافة الجيزة 1977، عضو المجلس الأعلى للشباب والرياضة بمحافظة الجيزة عام 1980، المشرف العام على شئون المسرح بالثقافة الجماهيرية عام 1982، الإشراف على مهرجان المائة ليلة بالثقافة الجماهيرية 1985، مدير عام ثقافة القاهرة 1992، منصب رئيس إقليم القاهرة الكبرى 1993، عضوية المجلس الأعلى للثقافة منذ عام 1993، منصب رئيس الإدارة المركزية للشئون الفنية بالهيئة العامة لقصور الثقافة 1996، رئاسة البيت الفني للفنون الشعبية 1997، رئاسة الأمانة العامة لأطلس الفلكلور عام 1998، عضوية المكتب الفني لقطاع الإنتاج الثقافي 2012، عضوية اللجنة الفنية بالمجالس القومية المتخصصة التابعة لرئاسة الجمهورية 2014

الجوائز والتكريم
حصل عبد الرحمن الشافعيعلى العديد من الجوائز ومظاهر التكريم ومن بينها: جائزة التميز في الإخراج المسرحي للثقافة الجماهيرية 1980، جائزة مهرجان نيس للفنون بفرنسا 1984، نال جائزة الدولة التشجيعية ونوط الامتياز من الطبقة الأولى فى الفنون عن إخراج سيرة بنى هلال عام 1986، جائزة فارس الثقافة الجماهيرية 1999، كرمه المؤتمر العلمي الأول لمسرح الأقاليم ومنحه درع الهيئة العامة لقصور الثقافة، وشهادة تقدير من وزير الثقافة عام 2006، جائزة الدولة للتفوق 2009.

وكرم بالدورة الثانية عشر بمهرجان المسرح العربي للجمعية المصرية لهواة المسرحعام 2014، تكريمه من قبل المجلس الوطني للثقافة والفنون بدولة الكويت، وأيضا تكريمه من قبل المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية 2016، وكذلك تكريمه من خلال فعاليات المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته التاسعة 2016،

وحصل عبد الرحمن الشافعي على العديد من الجوائز التقديرية من عدة جهات علمية وفنية بمصر والوطن العربي، واختياره ضمن شخصيات الموسوعة القومية للشخصيات المصرية البارزة.

رحيل وأثر كبير باق

رحل الفنان  المبدع ورجل المسرح عبد الرحمن الشافعي  عن عالمنا في  18 ماو 2022  بعد رحلة طولة ومميزة  ومتفردة لها أثر كبير باق امتدت لعقود أسعد الكثير والكثير من جمهور الفن  والمصري  والعربي.