مسلسل "حق عرب" لأحمد العوضي من المسلسلات المثيرة للجدل حيث يقوم  في مجمله على أسطورة "أوديب" والتى تعكس صراع الانسان مع القضاء والقدر، وهى تيمة درامية ثرية تفتح دائما  ثغرات صادمة في الأحداث ، وتقلب الأمور رأسا على عقب ، وتجعل وتر الأحداث مشدودا، ومتسما بالإيقاع السريع، والتشويق والاثارة، حتى نهاية العمل. 

كما أن هذا المسلسل ينقل  الدراما المصرية الى منطقة أخرى مختلفة ، بعيدا عن سكة الاعمال التقليدية ، فهو لا يخلو من غموض، وتجنح معظم المشاهد الى نوع من الإظلام المتعمد الذي يناسب كآبة الشخصيات ومعاناتها. 

بل ويحدث تحولا كبيرا في شكل الدراما ومضمونها ، عندما يضع  في الصدارة مشاهد الأكشن المصنوعة بحرفية شديدة، ويضفرها بشكل دقيق مع خيوط درامية رومانسية واجتماعية صعبة، معتمدا على نموذج البطل ذى الحضور الشعبي والملامح الانسانية. 

ويحسب للكاتب محمود حمدان مؤلف العمل أن المسلسل يرتبط بشكل وثيق بالحارة المصرية وروحها وقيمها ، سواء المغرقة فى القدم، أو التى غيرتها الظروف الاجتماعية والاقتصادية الحالية ، مما يكسب العمل طابعه الخاص وأسلوبه المميز ويلغى الفواصل بينه وبين الجمهور. 

ونجح المخرج  اسماعيل فاروق في اختيار أماكن تصوير "حلوة"، بل ومرعاة الدقة في اختيار ابطال المسلسل ايضا، وتوظيفهم بشكل جيد ،  والوصول بهم الى قمة تمكنهم ،  مفردا مساحة كبيرة للتمثيل، والأداء الفني الواعي ، وليس الحكى ، او الحوار المرسل مما ابرز المشاعر والتحولات العنيفة لدى كل شخصية وضبط ايقاع العمل.

واعتقد أن ثلاثة أرباع نجاح أحمد  العوضى يتمثل في اختياراته الفنية، وخصوصا الأدوار التى تليق عليه، فشخصية "عرب السويركي"  تمنحه ظهورا سلسا مليئا بالتوهج الفني، وتتيح له تقديم مهاراته وامكاناته التمثيلية ، مؤكدا موهبته، وجدارته، بأداء أدوار البطولة، وأرى أنه يهدف من وراء اختياراته الصعبة هذه إلى أثراء تجربته، ووضع بصمة فنية بالغة الخصوصية. 

كما يبدو أحمد العوضى في مشاهده المتنوعة متمكنا من أدواته في التعبير، عن روح الشخصية ،التى يجسدها ، حيث يلم بكل تفاصيلها سواء في شكله الخارجي أو طريقته في التحدث بعباراتها السوقية، ولو استمر العوضى بهذه البراعة في الأداء واستخدام تعبيرات عينيه سيكون عمره الفني طويلا ومؤثرا بل وفارقا في ميزان حساباتنا النقدية.