فلاسفة الإسلام| «إخوان الصفا» أبرز الفلاسفة والعلماء في القرن الثالث الهجري (18_30)
تعد الفلسفة الإسلامية من أرقى أنواع العلوم الإنسانية، حيث تعتبر بوابة لفهم حقائق غير ظاهرة في مختلف الميادين العلمية، ويعتبر الفلاسفة المسلمون «الفلسفة» هي العلم الذي تميز به الأنبياء للوصول إلى مرحلة اليقين في المعرفة الإلهية وقام علماء الفلسفة المسلمين بتوظيف قوانين الفلسفة في استكشاف حقائق الأمور في جميع ميادين المعرفة.
ونقدم خلال 30 يومًا من شهر رمضان 1445 هجرية، سنعرض إسهامات هؤلاء الفلاسفة في ميدان الفلسفة وتوضيح كيفية ربطها بالعلوم الأخرى، في رحلة مع أبرز علماء الفلسفة في تاريخ الحضارة الإسلامية.
إخوان الصفا وخلان الوفا، هم نخبة من الفلاسفة والعلماء في القرن الثالث الهجري من مدينة البصرة بالعراق، لا يعرف من هم علي وجه التحديد ففضلوا إخفاء هويتهم والتركيز على ما سوف يقدموه من مختلف العلوم الطبيعية والإنسانية، فكان هدفهم التوفيق بين العقيدة الإسلامية ومختلف العلوم والفلسفة.
واعتمد العلماء المسلمون مثل ابن سينا و ابن رشد على أفكار إخوان الصفا بتطوير مناهجهم العلمية .
إنتاجهم الفكري والفلسفي
أسس اخوان الصفا مدرستهم الفكرية الخاصة عن طريق نشر 52 رسالة في العلوم المختلفة، وبالنسبة إلى أهم نظرياتهم الفلسفية فكانت عن وحدة الوجود، فقالوا "أن الله هو خالق كل شيء، فلا يوجد غير الله في الكون فكل شيء هو في الأصل انعكاس له وبذلك يتفقون مع التفسير الخاص بالشهادة التوحيدية "لا إله إلا الله" أي نفي وجود لغير الله".
وفي مجال المعرفة والوجود الذهني، يؤمن اخوان الصفا بأن كل شيء في الكون وجد في عقل الإله قبل أن يخلق، وقياسا علي ذلك فإن عقل الإنسان يخلق الفكرة في البداية ثم يتبع ذلك خلقها على أرض الواقع.
وقسم " إخوان الصفا" المعارف إلى ثلاث أنواع أولها المعارف حسية: ويتم استقبالها من الحواس الخمسة، ثم المعرفة العقلية التي يكون بطلها الأول هو العقل، و عدوا المعرفة العقلية هي أسمى المعارف، ذلك بسبب أنها تنتج عبر تفكير وتأمل عميق، ثم المعرفة الإلهية، التي لا تقبل الشك أبدا فهي معرفة يقينية، وتصنف على أنها وحي من الله للناس عن طريق الأنبياء.
وناقش إخوان الصفا نظرية النفس الإنسانية، فالنفس عندهم خالدة لا تفنى فهي ليست مادية بل روحية وتنتقل من جسد إلى آخر بعد الموت، فآمن إخوان الصفا "بقانون التناسخ" ومفاده أن الأرواح تعاد إلى أجساد أخرى في مستوى اجتماعي وعقلي محدد تبعًا
لإعمالها في حياتها السابقة ولا يظلم ربك أحد. وتفسيرهم لذلك أن النفس تحتاج للتعلم والتطور والوصول إلي الكمال ولا يحدث ذلك ألا عن طريق التناسخ، ولكن كانت بعض أفكار إخوان الصفا في نظرية النفس ليست صحيحة وأنقدها بعض العلماء في عصرهم.
وعن علم الفلك، كان الأساس الذي اعتمدوا عليه هي فكرة ربط الفلك بالفلسفة وبالتالي بالروحانيات الإسلامية، فتحدثوا عن نشأة الكون وتتطوره ومكانة الأرض في الكون، فضلا عن إيمانهم بتأثير النجوم والكواكب على الإنسان وحياته وبالإضافة إلى فهمهم لحركة الأجرام السماوية وعلاقتها وتأثيرها المباشر علي الطبيعة، أما في المجال السياسي، فتحدثوا عن أن أهم المقومات التي يجب أن تكون في الحاكم الصالح.