رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مصر ركيزة الأمل الأساسية للقضية الفلسطينية

1-4-2024 | 00:41


الكاتب الصحفي طه فرغلى

بقلم: طه فرغلى
«مصر الركيزة الأساسية التى تسمح بوجود الأمل على الجانب الآخر من الحدود».. قالها أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة من أمام معبر رفح خلال زيارته مطلع الأسبوع الجارى، وأصاب «جوتيريش» كبد الحقيقة، ونطق لسانه صدقًا، حيث تبقى المواقف المصرية الثابتة والواضحة والحاسمة هى الداعم الأساسى للحق الفلسطينى وعدم تصفية القضية. منذ السابع من أكتوبر الماضى وبداية العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة سارعت مصر لإيقاظ ضمير العالم والمجتمع الدولى على حقيقة ما يحدث فى القطاع، وما ترتكبه دولة الاحتلال من جرائم بشعة وإبادة منظمة للشعب الفلسطيني، وبعد أن كان العالم ينظر إلى ما يحدث على أنه دفاع عن النفس وحق مشروع، تغيرت البوصلة الدولية تماما، واستطاعت القاهرة أن تظهر للعالم حقيقة ما يحدث من عدوان غاشم يتجاوز كل الأعراف والمبادئ ولا علاقة له بالدفاع عن النفس. منذ الوهلة الأولى أعلنت مصر ثوابتها للعالم، وتمكنت بثقلها الدبلوماسى أن تجعل المجتمع الدولى يدعم هذه الثوابت، وللمرة الأولى، تبنت الدول الكبرى والمنظمات الأممية مصطلح حل الدولتين، وأنه لا سبيل لتحقيق الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط سوى السلام العادل الشامل القائم على الاعتراف بالحق الفلسطينى بإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967. الثوابت والخطوط الحمراء المصرية كانت واضحة لا تحتمل تأويلًا ولا تحريفًا، فى مقدمتها رفض التهجير القسرى للفلسطينيين خارج أراضيهم، ورفض تصفية القضية الفلسطينية، وسرعة إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل عاجل، والتوصل إلى وقف إطلاق النار والتهدئة؛ تمهيدا لبدء مفاوضات الحل الشامل. أيقظت مصر ضمير العالم فى قمة القاهرة للسلام التى دعت إليها مصر فور بدء العدوان الإسرائيلى على المدنيين والأبرياء والعزل من الأطفال والنساء والشيوخ، وقالت مصر كلماتها بكل قوة، وجاءت الرسالة المصرية حاسمة ومباشرة لتؤكد على الحق الفلسطينى فى إقامة دولته بعد عقود طويلة من الظلم والانتهاكات والتمييز والجرائم التى تُرتكب ضد شعب أعزل. وجاءت الملحمة الإنسانية الكبرى المتمثلة فى قوافل المساعدات الإغاثية والإنسانية العاجلة، التى تدفقت على معبر رفح منذ اللحظة الأولى لبدء العدوان الغاشم، لتسجل أن القيادة المصرية والشعب المصرى لن يترك الأشقاء بمفردهم يواجهون مصيرهم فى ظل آلة القتل الإجرامية الإسرائيلية. بادرت مصر بإرسال قوافل المساعدات، وتحملت الجزء الأكبر منها، وأخذت زمام المبادرة، وقادت بالفعل العالم، وتقدمت الصفوف فى إدخال المساعدات عبر معبر رفح، الذى لم يغلق أبوابه يومًا، ويبقى مفتوحًا على الدوام. وعندما تعثر إدخال المساعدات برًّا بسبب الهجوم الإسرائيلى على المعبر من الجانب الفلسطينى وتعنت دولة الاحتلال، كان الحل جاهزًا إرسال المساعدات جوًّا، وإسقاط آلاف المساعدات الإنسانية والإغاثية جوًّا على القطاع. والرسالة المصرية دائما للأشقاء فى فلسطين وقطاع غزة: «لن نترككم بمفردكم ولستم وحدكم، والهم همنا، وسنواصل الدفاع عن حقوقكم المشروعة فى مواجهة الاحتلال الغاشم». مصر لم ولن تفرط فى القضية الفلسطينية، وهى أحد محددات الأمن القومى المصري، وعلى مدار الساعة تواصل مصر جهودها الحثيثة مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية فى إطار ثوابتها المعلنة، من أجل التوصل فى أقرب وقت إلى وقف دائم لإطلاق النار، ثم الخطوة التالية بدء المحادثات والمفاوضات؛ من أجل إقرار السلام العادل والشامل، وإعلان إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. ولعبت الدبلوماسية الرئاسية الدور الأهم والأكبر فيما يتعلق بالتأكيد على الحقوق الفلسطينية، وشهدت القاهرة على مدار الشهور الماضية زيارات مكوكية لعدد كبير من قادة العالم، الذين أكدوا على الحق الفلسطينى والمطالبة بإقامة الدولة الفسلطينية، والتأكيد على الثوابت المصرية فى رفض تصفية القضية أو التهجير القسرى، والرفض القاطع لأى عملية عسكرية لجيش الاحتلال فى رفح الفلسطينية. لذلك لا تأتى تصريحات «جوتيريش» حول أن مصر هى الركيزة الأساسية التى تسمح بوجود الأمل على الجانب الآخر من الحدود من فراغ، ولكنها الواقع على الأرض، وما بذلته مصر طوال الشهور الماضية هو ما يعزز ذلك، بالفعل مصر هى الأمل للقضية الفسلطينية، والأشقاء فى فلسطين وغزة يدركون ذلك جيدا. تصريحات «جوتيريش» أيضا أشاد خلالها بالكرم والتضامن من الدولة المصرية والشعب المصري، وضرورة العمل مع مصر لاستمرار دخول المساعدات، وعبّر عن تقديره بعمق للتعاون المصرى فى دخول المساعدات ودعم الشعب الفلسطينى. زيارة «جوتيريش» لمعبر رفح، والتى تعد الثانية منذ بدء العدوان الإسرائيلى على غزة فى السابع من أكتوبر الماضي تحمل رسالة قوية، مؤداها أن مصر لم تغلق يومًا المعبر، وأن مصر هى الركيزة الأساسية للقضية الفلسطينية، وأن المواقف المصرية هدفها الوصل لحل عادل وإقرار دائم للسلام فى المنطقة. وتجسدت هذه المعانى خلال استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسى، «جوتيريش»؛ حيث أعرب أمين عام الأمم المتحدة عن تقديره الكبير لدور مصر الإقليمى كركيزة محورية للاستقرار، مشيدًا بالجهود المصرية للدفع نحو وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وحرص مصر على إبقاء منفذ رفح البرى مفتوحًا بشكل متواصل على مدار الشهور الماضية منذ بدء الأزمة الراهنة، مشيرًا إلى زيارته إلى المعبر، ومثنيًا فى هذا الإطار على ما لمسه من جهد مصرى ضخم لقيادة وإدارة عملية إيصال المساعدات إلى أهالى غزة، على الرغم من العراقيل والصعوبات الشديدة التى تواجهها تلك العملية، معيدًا التشديد على ضرورة وقف إطلاق النار لأغراض إنسانية؛ ليتسنى إدخال المساعدات وتوزيعها بشكل فعال على أهالى القطاع. لقاء الرئيس السيسى مع أمين عام الأمم المتحدة شهد تطابقًا فى المواقف بشأن خطورة الموقف وضرورة تجنب تغذية العوامل المؤدية لاتساع نطاق الصراع، وكذلك الرفض التام والقاطع لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، ورفض والتحذير من أى عملية عسكرية فى رفح الفلسطينية، بما لها من تبعات كارثية على الوضع المتدهور بالفعل، كما شدد الرئيس السيسى وجوتيريش على حتمية حل الدولتين، كمسار وحيد لتحقيق العدل والأمن والاستقرار بالمنطقة، وضرورة تهيئة الظروف الملائمة لتفعيله.