رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


فلاسفة الإسلام| «القونوي» رحلة المعرفة والحب الإلهي

4-4-2024 | 16:53


صدر الدين القونوي

إسلام علي

تعد الفلسفة الإسلامية من أرقى أنواع العلوم الإنسانية، حيث تعتبر بوابة لفهم حقائق غير ظاهرة في مختلف الميادين العلمية، ويعتبر الفلاسفة المسلمون «الفلسفة» هي العلم الذي تميز به الأنبياء للوصول إلى مرحلة اليقين في المعرفة الإلهية وقام علماء الفلسفة المسلمين بتوظيف قوانين الفلسفة في استكشاف حقائق الأمور في جميع ميادين المعرفة.

 

ونقدم خلال 30 يومًا من شهر رمضان 1445 هجرية،  سنوضح إسهامات هؤلاء الفلاسفة في ميدان الفلسفة فضلا عن كيفية ربطها بالعلوم الأخرى، في رحلة مع أبرز علماء الفلسفة في تاريخ الحضارة الإسلامية.

القونوي، الذي يُعتبر من أبرز تلاميذ ابن عربي، يتميّز بلقب "مفسّر الشروحات وفيلسوف ابن عربي". وُلد في عام 606 هجريًا في مدينة قونية في تركيا.

يعد  "القونوي" خليفة ابن عربي، وساهم بنشر أفكار معلمه في أرجاء واسعة من العالم الإسلامي، وأيضًا بدافعه عن فلسفة ابن عربي ضد العديد من النقاد. وتُعرف تأثيراته في مجال الفلسفة خلال العصور اللاحقة، حيث تجاوزت تأثيراته حدود فلسفة المسلمين لتمتد إلى  غيرهم من الفلاسفة غير المسلمين.

ومن إنجازاته الفلسفية، تفسير نظريات ابن عربي وجعلها في متناول الجميع مثل نظرية الفيض التي تؤكد انبثاق كافة المخلوقات من الله بشكل مباشر. 

ونظرية الإنسان الكامل عند ابن عربي، التي فسرها القونوي علي أنها أرقي ما يصل إليه الإنسان في حياته عبر مراحل روحية متعددة ومن أهم هذه خطواتها التخلص من التعلق بالعالم المادي. و شرحه لرحلة الروح علي الارض وكيف تصل  في النهاية عبر مقامات متعددة إلى خالقها. 

وكان تفسيره لهذه الرحلة أنها تتخذ العديد من الخطوات من بدء رحلتها من الأعلي " في السماوات ثم إلى الأسفل إلي عالم الدنيا.

فتبدأ الروح من عالم الغيب عند الله فما تزال متحدة مع الذات الإلهية، ثم تهبط إلى عالم الأرواح ثم عالم الاجساد فترتبط بأحد الأجساد البشرية ثم تموت وتحاسب علي أعمالها ثم تطهر من ذنوبها فترجع إلى بارئها مرة أخري. 

وفي ناحية المصطلحات الصوفية، فسر القونوي العديد من المصطلحات الصوفية المعقدة مثل الحقيقة والتي تعني أنه لا يوجد في الكون غير أساس وحقيقة واحدة وهي وجود الخالق وحدة وبدون وجوده لا يوجد أي مخلوق في الكون. 
واكمل تفسيره: أن الوصول إلى حقائق الكون يتطلب الوصول إلى الله أولًا ومن ثم يمكن للإنسان التوصل إلى جميع حقائق الوجود.

أسهم القونوي في تفسير كلمة  "معرفة" والتي تعني التوصل إلى معرفة صفات الله الأولى التي خلق منها الكون بأكمله، وعن طريق التوصل إليها يمكننا الوصول إلى الذات الإلهية واستقبال الإلهام من الله وحده " أي أن الله وحده هو طريق المعرفة عند الصوفية" وليس المخلوق.
وافرد تفسيره لنظرية "الحب الإلهي" التي اشتهر بها الأئمة المتصوفة خاصة ابن عربي فالحب هو محاولة النفس الإنسانية للوصول إلى الكمال في حياتها.
وعن طريق الوصول إلى الحب الإلهي يمكننا الوصول إلى السعادة الحقيقة التي يسعي إليها الإنسان ولا يعرف كيف يصل إليها. 

وفي تفسير الأحاديث والقرآن الكريم، أكد القونوي ضرورة الاعتماد علي التأويلات الباطنية للنصوص الدينية، وشدد على ضرورة عدم تعارض النص مع التفسير الظاهري للآيات ذاتها، و ضرورة أن يكون هناك شيخ مرشد للسالك في تفسير الايات القرانية بشكل باطني فيمكن للسالك أن يقع في تأويل فاسد، لذلك فرق القونوي بين التفسير الباطني الصحيح والفاسد. 

توفي القونوي عام 673 هجريا في قونية .